في إطار استمرار سلسلة الجرائم التي تحدث في عفرين المحتلة، على يد الاحتلال التركي، والمرتزقة التابعة له، جريمة جديدة بحق سكان قرية كاخرة التابعة لناحية معبطلي، وعشرات الجرحى من النساء، فما الأوضاع الأخيرة، وإلى أين وصلت انتهاكات الاحتلال ومجموعاته المرتزقة في ظل الصمت الدولي؟
تتعرض مقاطعة عفرين، منذ أكثر من ستة أعوام، على يد الاحتلال التركي ومجموعات المرتزقة، لممارسات قمعية وعنصرية، وأعمال التخريب والسرقة وتهجير السكان الأصليين، وهدم منازلهم أو الاستيلاء عليها وتدمير الطبيعة وجرف أراضي الزيتون وقطع أشجارها أو قلعها من الجذور بغرض بيعها والمتاجرة بها، وعمليات ممنهجة للتغيير الديمغرافي.
في عفرين المحتلة ماذا يحدث؟
وفي سلسلة الجرائم، التي تحدث بشكل يومي بحق الأهالي في مدينة عفرين، على يد الاحتلال التركي والمرتزقة التابعة له، فرضت المرتزقة إتاوات ومبالغ مالية ضخمة على مزارعي الزيتون في قرية كاخرة التابعة لناحية موباتا بريف مدينة عفرين المحتلة، وصادرت ممتلكات الأهالي لغير المقيمين، “أي ممن خارج المنطقة وأملاكه في أيدي موكلين آخرين من عائلته أو أقاربه”، وإجبارهم على من يستأجرون الأراضي التي تم الاستيلاء عليها من المرتزقة حصراً، ولعدم دفعهم الضرائب المفروضة عليهم تم إطلاق الرصاص على الأهالي.
وعلى خلفية هذه الأعمال التعسفية، خرجت العديد من النساء، بتاريخ 15 -9-2024، بتظاهرة للتنديد بذلك، وأثناء التظاهرة داهمت فرقة العمشات التركمانية التظاهرة، وأطلقت الرصاص على المتظاهرين وتسببت بإصابة العشرات من النساء والرجال من أهالي القرية.
وحسب إحصائية لمنظمة حقوق الإنسان عفرين – سوريا، أصيبت أكثر من عشرين امرأة، واعتقال العشرات من شبان ورجال القرية، وأسماء التي وثقتها المنظمة هم: جيهان عيسو، حسن رشيد عيسو، نجاح جابو، زمزم مصطفى، حنيفة عبو، عائشة عبو، صديقة حنان، أما أسماء المعتقلين التي وثقتها المنظمة هم: إدريس حج علي عبو، رشيد حنان.
وتم نقل المصابين إلى المشفى العسكري في مدينة عفرين، وفرض طوق أمني من الاستخبارات التركية ومنع دخول أي كان إلى المشفى. كما وأفادت مصادر من داخل القرية، بتسجيل صوتي عبر تطبيق الواتساب، بأن المرتزقة فرضت حظراً تاماً على القرية، ودخلت دوريات بأكثر من عشرين سيارة عسكرية، وأن حملات الاعتقال والاختطاف على خلفية التظاهرة لا تزال مستمرة. لكن؛ المعلومات انقطعت عن القرية، نتيجة تعمد فرقة “العمشات”، إلى قطع شبكة الإنترنت عن المنطقة، ومحاصرة القرية من الجوانب كافة.
فرض إتاوات وتهديد في المخالفة أو الرفض
إلى جانب تضييق الخناق على الأهالي، وفرض الإتاوات على كل ممتلكات الأهالي، من محلات ودكاكين وأراضٍ، وتحديداً مع قرب موسم الزيتون، تزايدت عمليات الخطف والتهديد للمدنيين، وقرية كاخرة ليست وحدها التي تعيش هذه الحالة، إنما عموم منطقة عفرين المحتلة.
وتختلق مجموعات المرتزقة التركمانية “الحمزات والعمشات”، كل شهر ذريعة لفرض الإتاوات وجمع الأموال من المواطنين الكرد، من أهالي المنطقة الأصليين، ويتم تبليغهم بأسلوب ترويعي وبالتهديد من إجراءات عقابية تتضمن الاختطاف والتعذيب في حال الامتناع عن دفع الإتاوة.
وفي إحصائية لمنظمة حقوق الإنسان عفرين – سوريا، رصدت فيها بعض الإتاوات والأعمال التي فرضتها فرقة “الحمزات”، في كافة القرى والبلدات منذ نهاية العام الفائت، التي تسيطر عليها فرقة “الحمزات”، التي يتزعمها المدعو “سيف أبو بكر”، والمعاقب أمريكيا بإعادة حصر ممتلكات الأهالي الزراعية، وإلغاء الوكالات وإدارة الأقرباء للممتلكات الغائبين، حتى ممتلكات الورثة الغائبين، وإن تواجد أحدهم تبيع هي مواسم الحقول بطريق الضمان أو تأجيرها لمن تشاء.
وبتاريخ 1-9-2024، تم تبليغ المواطنين من أهالي قريتي “موساكو و درويش” التابعتين لناحية راجو وهم “فاطمة أم علي، خليل أبو عماد، زينب إبراهيم، حميد بلال، خديجة رشو، عزت علي، ليلى بنت أبو لقمان، أمينة رشو، نظمي رشيد، خديجة زوجة أنور قادر، زينب عثمان، زينب بكر، أنور عثمان، محمد نوري عثمان، سيفين خالد، على مراد، سولي عمر عبدو، حبش بكر، عمر حسين، عثمان محمد حسين، شكري كورسيد، مسلم مسلم” بوجوب إحضار إثبات ملكية أصلية صادرة من مؤسسات حكومة دمشق وفق صوت أحد عناصر المرتزقة، المدعو “أحمد عطرية”، وقد استولت مجموعة الحمزات تلك فعلاً على ممتلكات بعض المذكورين أسماؤهم لحين إبراز وثيقة الملكية، والاستيلاء على ممتلكات بعض العائدين إلى المنطقة منذ عام ونصف على الرغم من دفعهم إتاوات باهظة حين استلامها.
كما وتم تبليغ أهالي قرية باسوطة وبرج عبدالو في ناحية شيراوا، عبر مكبرات الصوت في المساجد بفرض إتاوة تقدر بعشرة دولار أمريكي على كل شجرة زيتون حاملة “أي مثمرة”، وخمسة دولار أمريكي على كل شجرة زيتون غير حاملة، والاستيلاء على ممتلكات الغائبين، فيما بلغت أهالي قرى “بربنه وكوليا فوقاني وتحتاني” التابعتين لناحية راجو، بفرض سبع دولار أمريكي على كل شجرة زيتون، ودولارين أمريكيين على أهالي قرى “كفرشيله، معراته، كوندي مازن وخلنيره”.
فيما فرضت خلال الأسبوع الأخير من شهر آب الماضي، “فيلق المجد”، الذي يتزعمه المدعو “الرائد ياسر عبد الرحيم”، على قرية كيلا التابعة لناحية بلبله، قرار بدفع إتاوة ثلاثة دولارات أمريكية على كل شجرة زيتون من أملاك المتواجدين، قبل حلول الموسم، وذلك على خلفية اجتماع عقده أبو زاهر مسؤول القرية، وأبو الوليد مسؤول قرية زركا المجاورة، وهددا أهالي القريتين وحذراهما من التخلف عن الدفع أو الشكوى لدى أية جهة تحت طائلة العقاب.
الصمت الدولي يمهد الطريق لجرائم أكبر
وحول ذلك، أشارت لصحيفتنا “روناهي”، الإدارية في منظمة حقوق الإنسان عفرين – سوريا، “زينب سليمان”، بأن الأوضاع الأخيرة التي تشهدها مدينة عفرين المحتلة محط قلق: “إن ما تشهده مقاطعة عفرين، على مدار أكثر من ستة أعوام، من جرائم تعسفية، وآخرها، ما شهدته قرية كاخرة التابعة لناحية موباتا بريف مدينة عفرين المحتلة، برفض الإتاوات المالية التي فرضتها المرتزقة والاحتجاج على القرارات في تظاهرة، والتي أدت إلى إصابة العشرات من النساء وسكان القرية، وهذا عدد قليل مقابل ما يحدث على أرض الواقع لأن المجموعات حاصرت القرية وهناك تهديد وخطف وقطع تام للإنترنت عن المنطقة، كل ذلك يمهد بمخاطر ويجعلنا أمام مخاوف كبيرة على حياة الآلاف من المدنيين والكرد الأصليين الذين يواجهون جرائم الاحتلال التركي اليومية”.
وفي ختام حديثها، ناشدت الإدارية في منظمة حقوق الإنسان عفرين – سوريا “زينب سليمان”، المجتمع الدولي بمحاسبة تركيا بصفتها السلطة الفاعلة وعدم التستر على جرائمها: “منذ بدء الاحتلال وحتى هذه اللحظة، أي جريمة أو انتهاك يحدث في مدينة عفرين المحتلة، ليست جرائم فردية أو المرتزقة وحدها المسؤولة، إنما دولة الاحتلال التركي هي المسؤولة عن كل ذلك، لذا نناشد المجتمع الدولي وكافة الجهات المعنية بعدم التستر ومحاسبة تركيا ومرتزقتها، وإنهاء الاحتلال وتأمين الحياة الآمنة للمواطنين داخل المقاطعة”.
والجدير ذكره، بأن هذه القرارات التعسفية من الاحتلال التركي والمرتزقة التابعة لها، ظهرت جلياً مع بدء موسم الزيتون، بهدف الاستيلاء على مصدر رزق الأهالي، والتي أصبح موسم جني الزيتون باب تسلط رئيسي لقادة المرتزقة داخل المقاطعة.