سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

عزلة رسول السلام.. في يوم السلام العالمي

دجوار أحمد أغا_

كانت البشرية تعيش بسلام ووئام ولم تكن هناك أية معارك أو حروب بين البشر من أجل الهيمنة والسيطرة وتقاسم النفوذ. كان الإنسان سنداً وداعماً لأخيه الإنسان في مواجهة الحيوانات المفترسة والكوارث الطبيعية، وكانت الأم هي الملجأ والحضن الدافئ للجميع. الأم كانت تحافظ على التوزيع العادل بين الجميع وتحمي الجميع وهي الأساس في تنظيم حياة البشر.
لكن بعد ظهور العقلية والذهنية الذكورية، وبدء تسلط الفكر الذكوري والسعي من أجل السيطرة على المجتمع، ظهرت معها نزعة الاقتتال والحروب والمعارك التي بلغت أوجّها مع نشوء الدولة القومية. اختفى الأمن والأمان والاستقرار في حياة البشر وظهر بدلاً عنه، الخوف والقتل والدمار تحت مسميات مختلفة، لعل أبرزها الحربان العالميتان الأولى (1914 ـ 1918)، والثانية (1939 ـ 1945) التي حصدت أرواح الملايين من البشر في سبيل مصالح قوى مهيمنة ومسيطرة على العالم.
يوم السلام العالمي

بدأت الحرب العالمية الثانية في الأول من أيلول 1939 بهجوم ألمانيا الهتلرية على بولندا والتي ذهب ضحيتها عشرات الملايين من البشر، القسم الأعظم منهم أناس مدنيون، إلى جانب الكم الهائل من الدمار الذي لحق بالبنية التحتية، بالإضافة الى الأضرار المعنوية التي لحقت بالبشر وخاصة النساء والأطفال. تسببت هذه الحرب في الكثير من الألم والحزن والدموع للشعوب التي لم تكن تريد سوى العيش بسلام. ومن أجل درء حدوث مثل هذه الحروب البشعة مرة أخرى، أعلن مجلس أوروبا للأمم المتحدة يوم الأول من أيلول من كل عام “يوم السلام العالمي”. هذا اليوم الذي أصبح يوماً للمقاومة ضد كافة أشكال الحروب والقتل والدمار، يوماً عالمياً للوقوف في وجه الظلم والطغيان ورفع الأصوات عالياً في مواجهة الحروب والقتال، والدعوة الى حل الخلافات والمشاكل من خلال ثقافة الحوار السلمي والمفاوضات.

النضال من أجل السلام

حركة حرية كردستان بدأت نضالها من أجل الحرية وتحقيق السلام والعدالة والمساواة ليس فقط في كردستان، بل في عموم الشرق الأوسط والعالم. انطلقت هذه الحركة من فكر وفلسفة القائد والمفكر عبد الله أوجلان المبنية على حرية الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها وقدرتها الفعلية على إدارة نفسها بنفسها على أسس ديمقراطية حقيقة وليست مزيفة. كما اعتمدت على حرية المرأة بالدرجة الأولى والتي يمكن من خلالها تحقيق حرية المجتمع وتأمين السلام والاستقرار. الحفاظ على البيئة والعيش ضمن بيئة طبيعية متكاملة من خلال الاهتمام بالنظام البيئي والحفاظ على توازنه. يأتي يوم السلام العالمي هذا العام ودولة الاحتلال التركي تُكُّثف هجماتها الوحشية بحق شعوب الشرق الأوسط وفي مقدمتهم شعبنا الكردي كونه يمثل طليعة هذه الشعوب في مقارعة الاحتلال ورفض الخنوع والاستسلام. يقوم باستهداف المرأة بشكل متعمد بغية إضعاف إرادتها الحرة وثنيها عن المضي قدماً في النضال والكفاح. لكنها لن تنجح في ذلك، المرأة الحرة أصبحت تمتلك إرادتها وتمثل ذاتها الحرة، وهي ماضية على نهج الشهداء في مقاومة ومقارعة المحتل حتى تحقيق النصر.

مبادرات السلام التي طرحها القائد أوجلان

منذ بداية تنفيذ المؤامرة الكونية بحق القائد والمفكر والفيلسوف الكبير عبد الله أوجلان وهو يطرح مبادرات من أجل السلام، لا بل قبل ذلك أيضاً وفي أوجّ انتصار حركة حرية كردستان وضعف دولة الاحتلال التركي، وافق القائد أوجلان على إعطاء الفرصة من أجل الحوار والحل السياسي من خلال الموافقة على وقف إطلاق النار، وفي أكثر من مناسبة من طرف واحد. لكن وللأسف الشديد، لم تجد هذه المبادرات آذاناً صاغية لدى النظام الحاكم في أنقرة، بل إن هذا النظام كان يستخدم هذه المبادرات من أجل تقوية جبهته الداخلية وعقد تحالفات مع قوى أخرى لمحاربة حركة حرية كردستان والقضاء عليها.
خلال نوروز 2013 بعث القائد عبد الله أوجلان برسائل سلام إلى المحتفلين وقد قبل به الشعب التركي رسولاً للسلام خلال أسبوع، ولا يزال القائد أوجلان رسولاً للسلام إلى الآن، لقد قام بعمل رائع في حل المشاكل الأخرى في تركيا، وفي البداية القضية الكردية، لذلك ولهذا السبب شرع شعبنا الكردي في باكور كردستان ومن خلال قواه السياسية في العمل من أجل حل القضية الكردية بالطرق الديمقراطية.
استمرار العزلة بحق رسول السلام
إن استمرار العزلة المشدّدة بحق رسول السلام القائد والفيلسوف والمفكر الأممي الكبير عبد الله أوجلان، يُعدّ انتهاكاً صارخاً لكافة القيم والأعراف الإنسانية ولجميع القوانين والدساتير التي وضعتها البشرية. هذه العزلة لا تستند الى أية مقومات صحيحة، إنما هي سياسية بحتة من جانب حكومة الحرب تحالف ( AKP ـ (MHP التي تمارس هذه السياسة، وتمنع هيئة المحامين وعائلة القائد من زيارته بذريعة عقوبات انضباطية!!
هذه العقوبات التي لا تمت إلى الحقيقة بشيء، فليس هناك في العالم أجمع، شخص منضبط ويلتزم بالانضباط مثل القائد . إن استمرار هذه العزلة يهدد السلم في الشرق الأوسط ويؤدي بالتالي الى استمرار عدم الاستقرار والحروب والقتل والدمار في هذه المنطقة من العالم. لذا؛ لا بد من تضافر جهود جميع القوى الديمقراطية والمحبة للسلام من أجل إنهاء هذه العزلة المجحفة بحق القائد وتحقيق حريته الجسدية، هذه الحرية التي سوف تكون بالتأكيد لصالح شعوب المنطقة والعالم ولصالح الاستقرار والسلم العالمي.
الكرد دعاة سلام
على الرغم من أن الكرد مثلهم مثل الأرمن والعرب والسريان الأشور قد تعرضوا لمجازر ومذابح على يد العثمانيين ومن بعدهم أحفادهم الأتراك، وعلى الرغم من تدمير آلاف القرى الكردية في باكور، روجهلات، روج آفا، وباشور كردستان، على يد هؤلاء الطغاة، وهذه المجازر مستمرة إلى يومنا هذا من خلال سياسة الإبادة التي تمارسها دولة الاحتلال التركي بحق شعبنا الكردي. لكننا نحن الكرد رغم ذلك ننادي بالسلام والعيش المشترك من مبدأ الحل السلمي والسياسي لقضيتنا العادلة وفق نظام الأمة الديمقراطية التي يتم حلها وكافة القضايا العالقة من خلالها. نحن الكرد دعاة سلام، نؤمن بإمكانية العيش المشترك بين الشعوب والتي كانت موجودة بالفعل قبل ظهور الدولة القومية التي جاءت بالويلات والمصائب على المنطقة وشعوبها.