No Result
View All Result
المشاهدات 3
وكالات-
ممسكة بألبوم من الصور يروي تاريخاً حافلاً بالتتويجات والتكريمات العربية والدولية، تجلس حياة العمري (39 عاماً) على كرسي خشبي خلف مكتبها الصغير، وهي تحصي عشرات الميداليات الذهبية التي فازت بها في مسابقات دولية، لمسيرة نجاحاتها المهنية والسياسية.
حياة العمري شابة تونسية من مدينة الرقاب أحد مراكز الحكم المحلي التابعة لمحافظة سيدي بوزيد بتونس التي شهدت أولى شرارات ثورة كانون الأول 2011 بسبب التهميش الذي طالها لعقود، ترعرعت مع عائلة ريفية ميسورة الحال، فكان العلم طريقها إلى تحقيق شهرة واسعة.
شهرة واسعة
اعترافاً بجميل قرة عينيها، اشترطت حياة العمري أن يرافقها والداها حين دعاها الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي لتكريمها في قصر قرطاج في شباط 2013 بوسام الجمهورية، وأن يجري توسيمهما، وهو ما حققه لها الرئيس الذي أرسل إليهما سيارة رئاسية خاصة تقلهما إلى قصر الرئاسة.
تقول حياة العمري إن اكتشافها طريقة لتثمين التراب كان أبرز اختراع لديها، فتح أمامها أبواب العالم على مصراعيها، بعد محاولاتها المتكررة، خاصةً أن تونس كانت تستورد مادة باهظة الثمن تسمى “الصوان النشيط”، لإزالة الفلور من مادة الحامض الفوسفوري، في حين أن التراب التونسي بمنطقة الحوض المنجمي (جنوب البلاد) غني بهذه المادة.
ببسمة لا تفارق وجهها، تؤكد حياة أيضاً أنه بعد اكتشاف طريقة لاستخراج هذه المادة من الأتربة المتراكمة بكثافة في منطقة الجنوب التونسي، أصبحت شركة المجمع الكيميائي التونسي تجني أرباحاً تناهز 12 ملياراً سنة 2008، وتم فوراً التوقف عن استيراد هذه المادة.
اختراع جديد
اختراعاتها وعزيمتها الفولاذية لم تتوقف عند ذلك، فهي أيضاً من اخترع الطريقة الجديدة لتثمين الفضلات النباتية، واستخرجت منها مادة الفوسفور نقية من الشوائب، حيث يمكن استغلالها في عديد القطاعات الأخرى مثل الأعلاف وطب الأسنان والمشروبات الغازية.
هذا ولم يهدأ بال حياة العمري للبحث عن حل لمشكل الحقول الشاسعة التي بدأت تفقد خصوبتها في مدينة الرقاب موطنها الأصلي أو كما تحلو أن تسميها “كاليفورنيا تونس”، لتكتشف لاحقاً طريقة لإزالة مادتي الكلور والفوسفور من الحامض الفوسفوري، بفضل استخدام بعض الأعشاب التي عالجتها وجففتها، ثم سحقتها وحولتها إلى مادة لزجة قادرة على امتصاص الكلور والفوسفور.
كل هذه الاختراعات تقول حياة العمري وهي تستحضر تاريخها المرصع بالتتويجات والميداليات الذهبية، إنها تكمن وراء سر نجاحها وشعاعها المهني، مؤكدةً أن المرأة التونسية التي تحتل مراتب عالمية متقدمة ذكية وقادرة، ولكنها لا تحظى بمكانتها التي تليق بها.
غياب الدعم
فضلاً عن اهتماماتها العلمية، دخلت حياة معترك الحياة السياسية، حيث انتخبت لدورة برلمانية ثانية عن حركة النهضة، إذ تؤكد أنه جرى إبرام اتفاقيتين مع منظمة إيطالية وأخرى مع الكويت لإيجاد حلول للمهندسين العاطلين عن العمل، لافتةً إلى أنها ستعمل من موقعها البرلماني لتطوير البحث العلمي.
تواصل حديثها بحسرة ومرارة بالقول: “الباحث التونسي لا يجد التشجيع الكافي من الدولة لمواصلة أبحاثه والتفرغ للبحث العلمي، حيث يفتقر إلى أبسط الإمكانيات، لذلك من الصواب اليوم ضرورة إعطاء أهمية أكثر للعلم والبحث العلمي، مثل الدول الغربية”.
وتضيف أن هجرة المهندسين والكفاءات التونسية إلى الخارج بحثاً عن فرص للتوظيف أمر يستحق مراجعة أشمل لسياسات الدولة التي لا تعطي قيمة كبيرة لهذه الكفاءات.
جوائز قيّمة
ولا يعد اختيار حياة العمري من بين النساء الست الأكثر تأثيراً في العالم العربي أثناء مؤتمر المهندسات العربيات بالكويت مطلع الشهر الجاري التكريم الأول، فتلك الأنامل الذهبية سبق أن اختارها المجلس العربي للمرأة التابع للجامعة ضمن قائمة تضم 100 امرأة الأكثر تأثيراً في العالم العربي وذلك خلال عامي 2017 و2018.
ونالت حياة العمري، بعد سنوات من العمل والمثابرة، العديد من الجوائز والميداليات في مسابقات دولية، منها ميداليتان ذهبيتان في الأولمبياد العالمي للمخترعين سنة 2013، الذي انتظم بتونس، وشارك فيه أكثر من 100مخترع من 10دول.
كما حصلت أيضاً خلال على الميدالية الذهبية للمسابقة نفسها في نسخة 2014 بفرنسا، كما حصلت أيضاً على الميدالية الذهبية للصالون الدولي للابتكار والمبدعين بفرنسا، وهي أول مرة منذ 90 سنة يحصل فيها عربي أو إفريقي على هذه الجائزة.
عيون حياة العمري الحالمة تقول إنها لن تنام الليالي الطويلة إلى حين إيقاف نزيف هجرة الأدمغة التي تشد رحالها نحو أوروبا، وضخها دماء جديدة عبر منحهم الإمكانيات، ليتحول شعبها المستهلك إلى شعب صانع عظيم.
No Result
View All Result