امرأة من الشعب العربي تعلمت لغة ليست لغتها، وهي اللغة السريانية وتجد بأن تعلم لغة الشعوب الأخرى تسهيل للتعايش المشترك مؤكدة على أن الإدارة الذاتية غرست الوعي سواء بالحقوق أو التعدد بين شعوب المنطقة.
افتتحت مؤسسة أولف تاو لتعليم اللغة السريانية في عام 2016م أبوابها لتستقبل النساء ممن يرغبن على تعلم اللغة السريانية ومن كافة المكونات العربية, الكردية والسريانية.
من هنا انضمت امرأة من الشعب العربي إلى هذه المؤسسة لتبحث في لغة شعب آخر ألا وهي اللغة السريانية هناء عرعور ذات الأصول الإدلبية عاشت في حلب ودرست هناك لتتزوج من رجل كردي الأصل.
تعلّمت لغة ليست لغتها
عايشت هناء الأزمة السورية بكل تفاصيلها من خلال اضطرارها للخروج من حلب, والعيش من دون مقومات الحياة الأساسية كالكهرباء والماء الخبر, الغاز وغيرها لدرجة وصلت إلى قطع الأشجار من أجل الطبخ ناهيك عن العيش تحت القصف المدفعي، مرت بأيام عصيبة ولم تتحمل قصف الطائرات فاضطرت للخروج من حلب وتوجهت إلى طرطوس لتقيم فيها ثلاث سنوات. ومن بعدها اتجهت نحو قامشلو كون عمل زوجها توقف في طرطوس.
سمعت هناء من صديقاتها بوجود مركز لتعليم اللغة السريانية، يستقبلون فيه النساء من جميع شعوب المنطقة لكي تسجل اسمها في المركز، لاقت هناء القبول والترحيب من قبل إدارة المركز وهذا الشيء أعطاها دافعاً لتدرس كتاب سرياني لمدة شهر وتقدم الامتحانات فتحصل على معدل جيد أهّلها للقبول للدارسة في المركز. درست هناك أربعة صفوف للغة السريانية وقد وجدت فرصة عمل معتمدة على الفرصة التي أتاحاها لها المركز وهي تعلم اللغة السريانية.
تجربة هناء مع اللغة السريانية كانت مثمرة بحسب وصفها حيث تعتبرها من أجمل لغات العالم ولا تستحق الاندثار آملة أن تظهر هذه اللغة ويعاد إحيائها من جديد.
وتحدثت عن تجربتها بتعلم اللغة السريانية لوكالة JINNEWS قائلة: “أنا من الأشخاص الذين لم يكونوا يعلمون عن ماهية اللغة السريانية شيئاً, لكن عندما تعلمتها علمت أن لغتي العربية أخذت منها, لأنها أساس اللغات, لذا يجب على الإنسان أن يتعلم لتسهيل التعايش”.
تعميق التعايش المشترك عن طريق اللغة
كشفت هناء إلى أن موضوع اللغة أساسي من أجل تعميق التعايش المشترك, ففي السابق لم يكن يحق للكردي أن يتعلم لغته ويتكلم بها وكذلك الأمر بالنسبة للسريان, في حين كانت تدرّس اللغة السريانية في الكنائس أو المدارس الخاصة فقط, بينما اليوم تمكن الشخص الكردي من الحصول على حقه في تعلم لغته, كذلك الأمر بالنسبة للسرياني.
وذكرت بأن الحق الطبيعي لباقي الشعوب يكمن في تعلم لغتهم الأم والإدارة الذاتية بادرت إلى فعل ذلك, وهذه خطوة جميلة جداً لتعزيز المحبة المتواجدة بين الكرديات والعرب والسريانيات.
أكدت هناء على أن هنالك كُتب طبعت باللغة السريانية واليوم لا يزال العمل جارياً حتى تفتح جامعات لتدريس هذه اللغة السامية والعريقة, ونوهت بأنه يمكن للمرأة أن تتعلم كل ما تحب وترغب, و يجب على الإنسان ألا يقول كلمة مستحيل, وأن يمحي جملة لا أستطيع.
الخليط الجميل الموجود في المنطقة
ومن جانب آخر لفتت هناء النظر إلى استغراب العديد من الأشخاص لكون زوجها كردي الأصل وهي عربية تتعلم اللغة السريانية وتعلّمها, لتجيبهم بالقول:” أمثل وطني الواحد والمجتمع مجتمعي الذي يحوي جميع المكونات ويحترم جميع الأديان, فلا مشكلة أن أكون امرأة تمثل الخليط الجميل الموجود على أرض وطني”.
خاطبت هناء وعي الناس ضمن المجتمع, بأن لا يصغوا إلى الإشاعات التي تسعى لبث الفتنة وخلق الصراعات بين جميع المكونات, منوهة بأنه يجب على الإنسان أن يُحيي المحبة والسلام بداخله, وينظر إلى الوعي الذي تحاول الإدارة الذاتية غرسه سواءً أكان بالتعدد أو الحقوق وإعطاء المرأة حقوقها ورفع سوية المجتمع.
في الختام شددت هناء على أنه كل مشروع ناجح لابد من تعرّضه لعدد من الجهات المخربة والمعارضة, لأن كل شجرة مثمرة تتعرض للرجم بالحجارة, آملة أن تفشل جميع المحاولات التي تسعى لإفشال محاولات الإدارة الذاتية في خلق مجتمع حر”.
والجدير بالذكر أن هناء عرعور تعلم الرياضيات باللغة السريانية, وهنالك نساء أخريات غيرها من المكون العربي في المؤسسة يعملن على تعليم أقسام أخرى من المناهج الدراسية.