روناهي/ قامشلو: وجد في الكلمات الملاذ والأمان والحرية، فغاص في أعماق الكتب، ونهل منها المفيد، فأعطى ما هو الأفضل من حقائق وقصص وحكايات تُعاش في المنطقة، إنه الكاتب “عبد المجيد خلف”، مواليد 1987م، ابن مدينة قامشلو الذي طالما أحبَّ أن يكون من مُسطّري تاريخها، فكان لنا معه هذا الحوار.
ـ متى كانت بداية كتاباتك؟
طبعاً البداية، وككل كاتب كانت هناك ميول كثيرة للكتابة تشدّ الإنسان للتعبير عن هويته وذاته في الدرجة الأولى، ومن ثم التخصص في مجال ما، فيحاول الكاتب الخوض في المسارب والأجناس الأدبية، وفي النهاية ينصرف اهتمامه إلى مجالٍ معين، هكذا كانت بدايتي، وكانت تجربتي الأولى مع الشعر والخاطرة، وبعدها صرفت اهتمامي إلى الرواية لأنها تضم الكثير من الأجناس الأدبية في داخلها، فهي تحتوي على المسرح وحواراته، والشعر والقصة، وأحداثها كثيرة جداً، ومتشعبة، فالرواية عالم عشقته لأنها حياة كاملة بذاتها.
ـ بماذا يتميز عبد المجيد خلف عن غيره في مجال الأدب؟
لا أحب أن أتوقف عند هذه النقطة كثيراً، ولكن الكاتب، وبشكلٍ عام يحاول قدر الإمكان أن يقترب من القرّاء، وأنا ربما وصلت إلى حدّ ما من الثقة بأنني استطعت الوصول إلى قلب القارئ، وراعيت فئات المجتمع، وكنت قريباً من واقعهم كثيراً.
ـ كم كتاباً لك طُبِع خارج وطنك؟
هي رواية واحدة اسمها “الصوت المخنوق”، كنت قد شاركت بها في جائزة الشارقة في الشارقة، وحصلت على المرتبة الثالثة، وكانت هذه التجربة ناجحة ومميزة، وكانت روايتي في هذه الجائزة أول عملٍ أدبي لي، وهناك اطلعت على عوالم وتجارب أخرى، وكانت فرصة للتعرف إلى كتّاب آخرين.
ـ هل عانيت من الاغتراب والتغرب؟
التغرّب عن النصّ الروائي مرَّ معي كثيراً، فأشرع لكتابة قصة ومحورٍ معين أجد كاتباً غيري سبقني إليه، أما الاغتراب فهو العيش في المجتمع، وعدم القدرة على الانخراط والتكيف فيه، والابتعاد عن واقع هذا المجتمع، ويجب أن يبتعد الكاتب كثيراً عن هذه الحالة؛ ليكون باستطاعته نقل الواقع بطريقة مشوقة أكثر؛ تدفع القارئ إلى قراءة كتاباته، وأنا بطبيعتي أعشق الحياة الاجتماعية كثيراً، وأتماهى معها، فالأفكار لا تُخلق في الوحدة، بل تنشأ في بيئة مجتمعية تضفي علينا ما لا نعلمه.
ـ ما هي المعوقات التي تقف بين المُتلقي والكاتب؟
في منطقتنا القليل من الكتّاب يستطيعون إيصال صوتهم إلى المتلقي، فهناك بعض الكتاب لهم كتب وروايات مطبوعة، ولا يقرأها أحد، وأنا أجد أنه يجب أن يقترب الكاتب من القارئ، وأعتقد أنني استطعت إلى حدّ ما تحقيق هذا الأمر، فلا يجب أن نترفع بالكتابة إلى درجة يعزف عنها القرّاء، ولا نزيح بها إلى درجة الاستخفاف، فالحل هو المحاولة بالمزج بين الأمرين؛ لِنقدّم كتاباتٍ تجذب قدر الإمكان الفئات العمرية كافة.
ـ ما هي الصعوبات التي واجهتك في الكتابة؟
فتح مسارب التواصل بين الكاتب والقارئ، وكجميع الكتّاب المشكلة هي مشكلة الطباعة، لقد استحدثت دور نشر محلية في منطقتنا، ساهمت إلى حدّ ما في التخلص من هذه المشكلة، إذ لم تكن تتواجد مطابع ودور نشر، وهذه الخطوة ساهمت برفع ثقلٍ كبير عن كاهل الكتّاب، بعد أن كان الكاتب يلجأ إلى السفر أحيانا للخارج، أو يطبع أعماله على نفقته الخاصة،.
ـ تنتشر ظاهرة العزوف عن القراءة، هل العولمة السبب أم طرق الكتابة؟
نجد فوارق كبيرة بيننا وبين الدول الأوروبية من ناحية القراءة، فالمجتمع الغربي يحب القراءة، ويتهم بها، أما عندنا فثقافة القراءة والتعليم والتربية على القراءة قليلة، والعالم الإلكتروني غني جداً بالمعلومات المفيدة، ولكننا لا نبحث عن الكتب في العالم الإلكتروني، وهذا السبب الذي يحدّ من انتشار ثقافة المطالعة.
كلمة أخيرة تُريد توجيهها لِقُرّائك والكتّاب؟
أتمنى من الأدباء أن يفصلوا في الكتابة بين الأجناس الأدبية، ويشجعوا الناشئين على القراءة والكتابة، وأتمنى من جميع الكتّاب المقبلين على هذا المجال أن يعودوا إلى الكبار قبلهم ويستفيدوا منهم ومن تجاربهم، وإن لاحظ الأهل ميول طفلهم إلى الكتابة يجب عليهم توفير الجوّ المناسب، ومساعدته على انطلاق موهبته الأدبية والإبداعية، وإيصال صوته إلى الكتاب الكبار المثقفين، فمنهم نأخذ الحكمة، وأن تكثر المكاتب، وتتوافر الكتب المختلفة عندنا؛ لنرتقي بفكرنا، وأن نتماهى مع واقعنا من أجل أن يصل صوتنا إلى العالم كله؛ فلا بدّ من أن يضع الكاتب يديه على الجرح ليكون قلمه وكلماته وثائق لا يستطيع الزمن إمحاءها.