No Result
View All Result
المشاهدات 5
تشير المصادر الرسمية في مصر إلى ارتفاع معدلات طلاق النساء في خريف العمر، مؤكدة أن أغلب حالات الطلاق في تلك المرحلة تكون بسبب العزوف والجمود العاطفي، وبحث الرجل عن امرأة أخرى تلبي احتياجاته البيولوجية وهو ما لا تقبله الزوجة الأولى. ويرى مستشارو العلاقات الأسرية أن السيء في الأمر أن تكون المرأة دون دخل يعينها على تدبير الحد الأدنى من احتياجاتها المادية.
أظهرت تقارير رسمية صادرة عن مركز الإحصاء الحكومي في مصر زيادة ملحوظة في معدلات الطلاق بين كبار السن، وبصفة خاصة من هنَّ فوق الستين والسبعين عاماً، ما طرح تساؤلات عديدة حول جدوى قيمة العشرة بين الأزواج، ولماذا يُمكن أن تصل العلاقة بين شريكين إلى طريق مسدود، على الرغم من أنهما قضيا معا سنوات طويلة تحت سقف واحد.
وحسب التقرير الحكومي، فإن هناك حالات طلاق عديدة لأزواج تجاوزوا السبعين عاماً، بينما بلغت نسبة الانفصال بين كبار السن ممن تخطوا الخمسين عاما عشرة في المائة من إجمالي عدد حالات الطلاق في البلاد، مع أن تلك المعدلات كانت متدنية سابقاً، ولا تُذكر في تقارير الإحصاء، حتى صارت أقرب إلى ظاهرة أسرية بامتياز.
ما أصاب كثيرين بالصدمة أن فئة من كبار السن داخل الأسر المصرية كان يُنظر لها باعتبارها مثلاً أعلى وقدوة في الترابط الزوجي والتعايش المستدام، فمهما كانت هناك منغصات أو عثرات أو خلافات بين الشريكين يتمسكون ببعضهم ويصرون على أن تكون علاقاتهم صلبة وقوية، لأنهم عاشوا معا سنوات طويلة، ويستحيل أن ينفصلا في نهاية المطاف.
كان للأم الستينية “أماني إبراهيم” رأي آخر، حيث تمسكت بالانفصال عن زوجها لمجرد أنها شعرت بغياب العاطفة بينهما، ولجوئه إلى الزواج من فتاة تصغرها في السن، مبررا ذلك بأنه يحتاج إلى استعادة شبابه وإشباع عواطفه، وهو ما لم تتقبله الزوجة وطلبت الانفصال بلا إثارة مشكلات تؤثر على حياة أولادها وأحفادها.
ولم يكن الطلاق من ثانية، السبب الوحيد وراء هدم منزل الزوجية، وأرجعت ذلك إلى تحملها الكثير من الضغوط النفسية، مثل معايرتها بالتقدم في السن، وعدم استطاعتها توفير متطلبات الزوج الوجدانية، مقابل أنه يريد الاستمتاع بما تبقى من حياته، وكلها كلمات تحمل قدرا من السخرية والتنمر، لم تستطع التعايش معها.
وقالت “طلاق المرأة في سن متقدمة، ولديها أبناء وأحفاد، ليس بالأمر السهل، لكن التبعات تتوقف حسب الشخصية، فهناك من تسترد عافيتها بعد الخلاص من الزوج، ولو في سن متقدمة، وأخرى تُصاب باليأس والإحباط والخوف من المستقبل، لكن العبرة في اقتناع المرأة بأن حياتها لا تتوقف على وجود الرجل، مهما كان عمرها”.
أكثر ما يثير رعب المرأة التي تحصل على لقب مطلقة في سن متقدمة، نظرات المجتمع والأسرة والمحيطين بها، حيث يتساءل الجميع عن سر انهيار علاقة استمرت لعشرات السنين، ما يضع المرأة تحت ضغوط قد لا تتحملها، هل تختار نفسها أم المجتمع، وهو سؤال يتطلب منها شجاعة استثنائية بأن تختار نفسها فقط.
ويخشى متابعون لوقائع طلاق كبار السن أن يحدث قرار الانفصال دون ترتيبات مستقبلية تعين الزوجة على تدبير الحد الأدنى من احتياجاتها المادية، بما يعرضها لانتكاسات نفسية وأسرية ويدخلها في دوامة يصعب عليها الخروج منها، خاصة إذا لم تنجح في جمع الأهل والأصدقاء حولها ما يجعلها ضعيفة في مواجهة غدر المستقبل.
تظل المشكلة الأكبر أن الزوجة التي تقرر الطلاق في سن متقدمة ليس لديها مصدر دخل يعينها على صعوبات الحياة، بالتوازي مع النظرة الدونية لها في أحيان كثيرة، إذ لا يتقبل أحد أن تقدم زوجة على الطلاق، وهي في سن الستين أو السبعين، لكن هناك من ترفض البقاء في علاقة سيئة مهما تقدم بها العمر.
صحيح أن جهاز الإحصاء في مصر لم يقدم تفسيرات واضحة لارتفاع نسب الطلاق بين كبار السن، لكن المركز القومي للبحوث الاجتماعية في البلاد سبق وأعلن أن أغلب حالات الطلاق في تلك المرحلة تكون بسبب العزوف والجمود العاطفي وبحث الرجل عن امرأة أخرى تلبي احتياجاته البيولوجية وهو ما لا تقبله الزوجة الأولى.
وتبرهن معدلات الطلاق في سن متقدمة على أن طول فترة العِشرة بين الزوجين ليس دليلا على استقرار أو نجاح العلاقة، فهناك وقائع يتجنب فيها الطرفان الوصول إلى مرحلة الانفصال حفاظا على الأبناء، أو إلى حين تزويجهم واستقرارهم، وبعد ذلك يقع الطلاق، أو يختار الشريكان أن يعيشا معا تحت سقف واحد، كغرباء.
وأظهرت النسب المعلنة عن انفصال كبار السن حجم التغيرات الجذرية في العلاقات الأسرية، حيث كان العرف السائد داخل أغلب العائلات، أنه كلما طالت فترة الزواج لا يكون هناك احتمال لحدوث الطلاق، احتراما للعشرة والتشارك في تربية الأبناء وتزويجهم والتفرغ لحياتهما الشخصية، وهي الأعراف التي بدأت تتلاشى.
ويعتقد متخصصون في العلاقات الأسرية بالقاهرة أن تضحية المرأة بالحياة الزوجية في سن متقدمة، تعكس حجم المعاناة التي كانت تتعرض لها طيلة حياتها، لكنها تحملت لأسباب أسرية وأخرى متعلقة بأولادها، حتى وصلت إلى مرحلة لا تمتلك فيها أي خيارات سوى أن تعيش باقي حياتها بعيدة عن الضغوط مهما بلغت قسوة رد الفعل.
ويشير هؤلاء إلى أنه لا مانع من وقوع الطلاق بين الأزواج مهما بلغت سنوات العِشرة، طالما سيرتاح الطرفان، المهم أن يحدث ذلك بطريقة حضارية كي لا يصبح طلاق كبار السن رسالة سلبية للأزواج الشبان الذين يتخذون من الزيجات طويلة المدى قدوة ومثلا في الحفاظ على كيان الأسرة من الانهيار أو الانفصال باحترام.
وقال الاستشاري النفسي والباحث في العلاقات الأسرية بالقاهرة محمد هاني، إن انفصال الزوجين في سن متقدمة لا يكون وليد اللحظة، بل مرتبط بتراكمات قديمة، وفي مرحلة معينة، يبدأ كل طرف بتقييم علاقته بالشريك من خلال طرح أسئلة ذاتية مرتبطة بجدوى العلاقة، ومدى الاستفادة منها، وهل الراحة في الاستمرار أم الطلاق.
وأضاف لـصحيفة “العرب” أن طلاق المتقدمين في السن جزء منه مرتبط بالحرمان العاطفي الذي يولّد مشاعر سلبية بين الطرفين تقود إلى الانفصال، وهناك شريحة من النساء ترفض الاستمرار في علاقة مع رجل يراها فقدت أنوثتها، لذلك تختار الانفصال كقرار لا رجعة فيه، مهما تعرضت لضغوط أو مواجهة مع المجتمع والمحيطين.
وبعيدا عن الأسباب المعلنة أو الخفية، من الواضح أن طلاق من هم فوق الستين والسبعين جزء أساسي منه خلو منزل الزوجية من الأبناء، إما لزواجهم أو سفرهم، ليعيش الشريكان وحيدين، كلاهما يضع الآخر تحت المجهر، بعد سنوات من الانشغال في تربية وتنشئة وتعليم وتزويج الأبناء، لتبدأ مرحلة تقييم العلاقة ولو بعد الكِبر.
No Result
View All Result