سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

ضيق الحال يجبر عمال المياومة على الاستمرار في العمل بالرغم من الحظر..

في مدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا، يعمل ياسر شكاكي برفقة عدد من عامليه في نجارة البناء تحت وطأة حرارة الصيف الذي يعد الأكثر قيظاً في العالم وفق مراكز للأرصاد الجوية، دون التقيّد بوسائل الحماية من فيروس كورونا الذي بات يدق ناقوس الخطر ويهدد حياة سكان محليين، معللاً عدم تقيّده بالحظر بعدم قدرته على ترك العمل الذي يحتاجه في تدبّر الاحتياجات المعيشية لأسرته.
أعلنت هيئة الصحة في الإدارة الذاتية مؤخراً، عن إصابات جديدة بفيروس كورونا في مناطقها، بينها إصابات في مدينة الحسكة وتشمل حالات وفاة، وبالرغم من ذلك لازال الكثير من أهالي الحسكة غير ملتزمين بقانون الحظر، وبهذا الصدد كانت لوكالة نورث برس عدة لقاءات مع بعض العمال في المدينة لمعرفة سبب عدم تقيدهم بالحظر ومتابعة عملهم.
“الأزمة المعيشية سبب في عدم التقيّد بالحظر”
وحول هذا الموضوع قال “شكاكي” (38 عاماً) والعرق يتصبب من جبينه: “قبل إصدار قرار الحظر باشرنا بالعمل ضمن هذا البناء، نحن لسنا ضد حماية الفرد لنفسه وكلنا يودّ الجلوس بأمان مع أسرته، لكن ضيق الحال يجبرنا على الاستمرار في العمل”.
وأضاف، وهو يشير بيده إلى العمال الذين يبدو عليهم التعب: “هؤلاء العمال بحاجة للعمل، فهم يعتمدون على مردود أتعابهم اليومية لإعالة أسرهم”.
وتتألف ورشة “شكاكي” من خمسة عمال، يعملون طيلة /10/ ساعات يومياً لقاء ستة آلاف ليرة سورية (حوالي ثلاثة دولارات).
ويرى رئيس الورشة أن الأزمة المعيشية الخانقة التي تشهدها البلاد سبب في عدم التقيّد بالحظر وإجراءات الوقاية من فيروس كورونا، وتابع: “ربطة الخبز أصبح ثمنها /500/ ليرة وقالب الثلج بـ/2000/ ليرة، كيف سنعيش إذن في هذا الغلاء وكيف سنتقيد بتدابير الحماية؟”.
وشهدت الأيام الأولى من حظر التجول المفروض من قبل الإدارة الذاتية في إقليم الجزيرة منذ الخميس الماضي حركة اعتيادية للمدنيين في شوارع مدينة الحسكة دون مراعاة لقواعد التباعد الاجتماعي والتقيّد بارتداء الكمامات، رغم مناشدات هيئة الصحة بالالتزام بالقرارات الصادرة لمنع تفشّي مزيد من الإصابات بفيروس كورونا المستجد.
وكان الرئيس المشترك لهيئة الصحة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، جوان مصطفى،  قد توقع في حديث لـ “نورث برس” مؤخراً أن تكون أواخر شهر آب الحالي موعداً لانفجار حالات الإصابة بفيروس كورونا في مناطق شمال وشرقي سوريا، مبيّناً أن حظر التجول يهدف إلى تأخير هذا الموعد.
وبالقرب من مكان عمل شكاكي في حي تل حجر، يتجول السكان كما العادة في الشوارع الرئيسية، بينما تشهد محلات الخضار والمواد الغذائية تجمّعات للمدنيين لشراء حاجياتهم دون التقيّد بإجراءات الوقاية، خاصةً وأن الكثيرين لم يتخلّوا عن عادات المصافحة والتقبيل في مشهد يؤكد عدم الاكتراث بخطورة انتشار الفيروس المميت.
“إن لم نعمل فلن نأكل أيضاً”
ولا يختلف الحال بالنسبة للورنس عيسى (39 عاماً)، وهو عامل حدادة باطون من سكان الحسكة، إذ قطع سيراً على الأقدام مسافة أربعة كيلومترات من منزله وصولاً إلى مكان عمله، وذلك بهدف تجنّب حواجز الأمن الداخلي.
وقال “عيسى”، وهو يتنقل بين العمال الذين ينهمكون بترتيب أسياخ الحديد: “نعرف أن هناك حظراً، ولكن ما الذي يجبرني على السير على الأقدام للمجيء إلى مكان العمل سوى تأمين لقمة العيش، وإن لم نعمل فلن نأكل أيضاً، لأن حياتنا معتمدة على الأجور اليومية التي نتقاضاها”.
يضيف لورنس عيسى في ختام حديثه: “عندما نتمكن من تدبير أمور المعيشة حينها سننفّذ جميع القرارات الصادرة، لكن نحن شعب يعتمد على العمل لتأمين احتياجاته”.