المرحلة التي نعيشها الآن هي بالتأكيد مرحلة مصيرية وبالغة الحساسية والتعقيد, فنحن نشهد في مناطقنا عملياً حرباً عالمية ثالثة وهي واضحة وجلية للعيان من خلال تواجد قوات دول متعددة على أرضنا بدءاً بالإيراني والروسي وصولاً إلى الأمريكي والمحتل التركي بالإضافة إلى الجماعات الإرهابية المرتزقة من مختلف أنحاء العالم تحت مسميات (داعش – النصرة – تحرير الشام – وغيرها) . كل ذلك ماثل أمامنا ونشاهده بأم أعيننا ونعايشه يومياً ولازلنا لا نستوعب خطورة هذه المرحلة, علماً بأن المحتل التركي يتربص بنا منتهزاً الفرصة تلو الأخرى لاحتلال المزيد من الأراضي السورية بعد احتلاله لمناطق (إعزاز وجرابلس والباب وعفرين وسري كانيه وكري سبي) وهو مستعد تماماً لتقديم المزيد من التنازلات لحليفه الأساسي الأمريكي والأوروبي – الألماني تحديداً – أو مع حليفيه المؤقتين الروسي والإيراني اللذين خاض ضدهما حروباً عديدة على مر التاريخ .
مقابل ذلك نرى بأن شعوب شمال وشرق سوريا لازالت منقسمة على نفسها بين ولاءاتها، فقسم لا زال منخدعاً بالوطنية الزائفة التي يروج لها النظام ودعوته للحفاظ على وحدة وتراب الوطن المقدس وما إلى هنالك من شعارات براقة مما يدفع هذا القسم إلى المراهنة على عودة النظام كسابق عهده, وقسم آخر منخدع أيضاً بالشعارات المخادعة التي رفعتها ما سميت بالمعارضة المتمسكة بالدعم التركي إلى أبعد الحدود والتي كانت شعاراتها في بداية الحراك الشعبي إسقاط النظام بينما هي الآن تسعى للجلوس مع النظام سواء في جنيف أو في آستانة وبضمانات من حلفاء النظام بالدرجة الأولى، روسيا وإيران، وقسم ثالث لا يستهان به وهو لا يبالي بما يجري من حوله. طبعاً لا ننكر بأن هناك قسم وهو الأكبر من شعوبنا التي انخرطت في ثورتها وقدمت الآلاف من الشهداء والجرحى في سبيل انتصارها في مواجهة الذهنية السلطوية وللحفاظ على حقوق ومكتسبات كافة الشعوب في التماسك الاجتماعي والعيش المشترك وفق مفهوم الأمة الديمقراطية والتي تحفظ وتحمي حقوق جميع الشعوب والطوائف والمكونات.
لكن وبكل صراحة نقولها تبقى مسألة التقارب الكردي الكردي معضلة وحجر عثرة في طريقنا، فعلى الرغم من العديد من المبادرات والحوارات والتفاهمات التي جرت في الآونة الأخيرة بين القوى السياسية الكردية والتي استبشرنا بها خيراً إلا أنها لم تحرك الجمود وعدم الثقة التي ما زالت قائمة لدى الطرفين وما زال النظر بعين الشك والريبة هو ما يعرقل الجهود الكبيرة المبذولة من أجل حل هذه المعضلة والوصول إلى وحدة الصف وإعادة ترتيب البيت الكردي وفق أولويات شعبنا الذي ضحى بالكثير والكثير من أجل الوصول إلى ما هو عليه الآن، وهذا يتطلب توحيد الجهود من أجل الحفاظ على هذه المكتسبات التي تأتي الإدارة الذاتية الديمقراطية في مقدمتها على الرغم من بعض السلبيات والأخطاء الموجودة والتي سيتم معالجتها بالتأكيد ولكنها بحاجة إلى المزيد من الوقت وتوفير الإمكانات والموارد الاقتصادية والبشرية على حد سواء.