بخطوط الزخرفة المندمجة مع الخط العربي، تمكنت فنانة تشكيلية من إعادة ملامح مدينتها، تعبيراً عن ارتباطها بثقافتها.
يسعى العديد من الفنانين التشكيليين، عبر ريشتهم وألوانهم الحفاظ على نقل الصورة الواقعية لما يشعرون به، وتجسيد واقع وقضايا مجتمعاتهم، والتعريف بمعالم مدنهم، لأنها تعبير عن تراثهم وثقافتهم.
انطلاقة مسيرتها
وعن بداية انطلاقة مسيرتها الفنية، تحدثت الفنانة التشكيلية “سوزان حسين“: “عندما كنت في العاشرة من عمري، خالتي هي من اكتشفت موهبتي في الرسم، وحينها كانت المرة الأولى، التي أرسم فيها بالريشة والألوان، لذلك انضممت إلى أكثر من دورة لتعليم الفن التشكيلي”.
وأشارت، إلى أنها تلقت الدعم الكامل من عائلتها، خاصةً، بعد افتتاح مشغلها الخاص: “الفن التشكيلي موهبة فطرية تولد مع الإنسان وتكبر معه وليست من اختياره”.
ولفتت، إلى أنها شاركت في العديد من المعارض في مدينة حلب، كما كان لها مشاركة في معرض لهيئة الثقافة والفن في إقليم شمال وشرق سوريا: “شاركت بثلاث لوحات جسدت من خلالها مناظر الطبيعة، التي تتميز بها منطقتنا وتراثنا وثقافتنا الشرقية القديمة لذلك نالت إعجاب الكثيرين”.
المواضيع التي تناولتها في لوحاتها
وحول أبرز المواضيع، التي تناولتها في لوحاتها، أوضحت أنها تميل إلى تجسيد الرموز، التي تعبر عن تراث وثقافة وحضارة مدينتها العريقة، والتي تتميز وتشتهر بوجود الزخرفة النباتية: “حاولت دمج الزخرفة النباتية مع الخط العربي، الذي يعدُّ إرثاً حضارياً لمدنية حلب، فمن مهمة أي فنان تشكيلي تجسيد ثقافة منطقته، وتدوينها ليسطره التاريخ بين صفحاته”.
فالزخرفة النباتية من الفنون التشكيلية، كما أنها مستوحاة من الطبيعة، التي تشكل مصدر إلهام للفنانين المتخصصين في رسم الزخرفة، وعلى الرغم من أن الزخرفة النباتية موجودة قبل التاريخ، إلا أنها حافظت على شكلها النمطي التقليدي الممتد عبر العصور التاريخية، وتنقسم إلى قسمين رئيسين الزخرفة النباتية التجريدية والزخرفة النباتية الزهرية.
وعن مضمون لوحاتها قالت: “لدي العديد من اللوحات، التي تناولت بها رسومات للأماكن والمواقع الأثرية في مدينة حلب قبل الأزمة السورية، كالمسجد القديم والمتاحف وقلعة حلب والأسواق العتيقة، وغيرها الكثير من الأماكن، واستخدمت اللون الأصفر لإضاءة النور في المدينة من جديد، كما جسدت مدينة حلب بحجارها القديمة فكل حجرة تحمل العديد من الذكريات في أذهاننا والتي لا تنسى”.
ولفتت، إلى أنها واجهت في بداية مشوارها الكثير من الانتقادات السلبية لطبيعة عملها وممارستها لموهبتها لأنها تنتمي إلى مجتمع شرقي منغلق، ومن المعيب أن تنخرط المرأة في مجال الفن وتحتك مع الرجال في المعارض “لم أعر أي أهمية للانتقادات وسعيت لتطوير مهاراتي في الرسم والخوض في تجارب جديدة واتقان رسومات جديدة”.
سبب اختيارها الفلكلور الفلسطيني
وعن اختيارها الفلكلور الفلسطيني في أغلب لوحاتها أوضحت: “لأني فلسطينية الجنسية وحلبية المنشأ أتطرق دائماً إلى الفلكلور والزي الفلسطيني، إضافة إلى المواقع والطبيعية، تعبيراً عن موطني الأساسي وارتباطي وأملي بالعودة إليه”، مضيفةً أن “هناك رابطاً بينها وبين لوحاتها لأنها جزء منها وتمثلها، ومن بين اللوحات التي رسمتها هناك لوحة للقدس، وهي من أكثر اللوحات التي أحبها”.
وقالت سوزان، إن افتتاحها مشغل الرسم فسحة من الراحة والأمان لها، لذلك تلجأ إلى مشغلها لتبدأ بالرسم والتعبير عما في داخلها وما تشعر به من ضغوطات، مشيرةً إلى أن الفن التشكيلي يعبر عن ثقافة وحضارة كل منطقة، لأنه يسلط الضوء على القضايا المجتمعية، والمرأة ويدون تاريخ البشر من أحداث ومجريات.
ولفتت، إلى أنها تعمل على تدريب الأطفال لتشجيعهم وتنمية مواهبهم ولتكون ملهمة وقدوة لهم، ولتعزيز مهاراتهم الشخصية وصقل مواهبهم في المجتمع، مضيفةً أنها أورثت هذه الموهبة لابنتها لتنمية مواهبها أكثر في الرسم”.
وفي نهاية حديثها دعت الفنانة “سوزان حسين”، الفتيات والنساء اللواتي يمتلكن موهبة الرسم أن يعملن على صقلها: “للمرأة إحساس مرهف ولمسة فنية وإبداعية في كل ما تختاره لذا نرى أن اللوحات، التي رسمت بأنامل المرأة لها طابع مختلف”.