سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

صرخةُ الزيتون: نداءٌ لتوحيدِ الصفِ وإنهاءِ الاحتلالِ

تقرير/ رامان آزاد –

أطلقتِ يومَ الأربعاء 27/5/2020 مجموعةٌ من 94 مثقفاً وأكاديميّاً من منطقةِ عفرين نداءً بعنوانِ (صرخة الزيتون) تعبيراً عن ضميرِ مجتمعِ عفرين وصوتِ أهاليها، ودعماً للقاءاتِ والجهودِ لترتيبِ البيتِ الكرديّ في سوريا والتقاربِ بين الأطرافِ الكرديّةِ برعايةِ قوات سوريا الديمقراطية وأطرافٍ دوليّة.
النداء الذي صدر بثلاثِ لغاتٍ (العربيّة والكرديّة والإنكليزية) وتلقّت صحيفة روناهي نسخة عنه طالبَ القوى والأطرافَ الكرديّةَ بموقفٍ جادٍ تجاه ما تعيشه منطقةُ عفرين من حملةِ الإبادةِ الشاملة والمُمنهجةِ والانتهاكاتِ لحقوقِ الإنسانِ التي يمارسُها الاحتلال التركيّ ومجاميع المرتزقة الموالية له. وجاء النداء في ظروف معقدة يتم فيها التطاول على المسنين وتكررت حوادث القتل وهو ما أسماه النداء استهدافاً لآخر خطٍ دفاعيّ عن عفرين بتاريخها وخصوصيتها.
عفرين تُحدد مصير الكرد
وعبّر النداء عن موقف الدعم لمساعي توحيد الصفِ الكرديّ ووضع عفرين ضمن مسارين الكرديّ والسوريّ وتحمّل المسؤوليّة أمام المجتمع الكرديّ، وجاء فيه: “نحن الموقعين أدناه من مثقفين وكوادر متعلمةٍ بالأصالةِ عن أنفسنا وبالنيابةِ عن آلافِ الأصواتِ ممن تواصلوا معنا من أهالي عفرين بالداخلِ ومخيماتِ التهجيرِ القسريّ والمدنِ السوريّة، وإيماناً بأنّ قضيةَ عفرين تحدّدُ مصيرَ كلِّ الكردِ في حاضرهم ومستقبلهم وهي بنفسِ الوقتِ جزءٌ لا يتجزأ من الحالةِ الكرديّة ضمن مسارِ حلّ الأزمة السوريّة، فإنّنا نضمُّ صوتنا وبقوةٍ لدعوة قوات سوريا الديمقراطيّة، القوى والفعّاليّاتِ السياسيّةَ لتوحيدِ الصفِ، متجاوزين مواقفَ المجاملةِ والتبريكِ، وتحمّلِ كاملِ المسؤوليّة أمام المجتمعِ الكرديّ”.
إبادة جماعية وإنهاء للوجود
وذكر النداءُ صوراً من المعاناةِ والتضييقِ والانتهاكات التي تقوم بها سلطاتُ الاحتلالِ التركيّ والمرتزقة الموالون لها من جرائم قتل وخطفٍ وتغييرٍ ديمغرافيّ وتضييقِ سبلِ المعيشةِ وسياسةِ الإفقار والإبادة الثقافية وسرقةِ الآثارِ. وقال النداء: “تفيدُ أصواتُ أهلنا الخافتة من عفرين، بأنّهم باتوا رهائن في بيوتهم وقراهم، وهم يناشدون بقيةَ الضميرِ الإنسانيّ لإنقاذِ الحياةِ بأدنى صورها. فما يحدثُ إبادةٌ جماعيّةٌ وإنهاءٌ للوجودِ، إذ تُمارسُ بحقّهم كلَّ أشكالِ الانتهاكاتِ والتعديات من جرائم القتلِ والخطفِ والاعتقال القسريّ وطلبِ الفديات، ولا يعلمُ أحدٌ عددَ المقراتِ الأمنيّةِ والمعتقلاتِ الخاصةِ وما يحدثُ فيها، فيما يُتكتمُ على كثيرٍ من التعدياتِ على الممتلكاتِ والأعراضِ والأفرادِ. وما عاد أهالي عفرين الأصلاء اليوم يأمنون على أنفسهم أن يسيروا في الشوارعِ ولا في بيوتهم، كما يستمرُّ دون هوادةٍ الاستيلاءُ على البيوتِ وطردُ أصحابِها منها”.
خارطة طريق واضحة المعالم
وتوجّه النداءُ إلى الأطرافِ الدوليّة الراعية للقاءاتِ بالقولِ: “نتوجّه للأطرافِ الدوليّةِ الراعيةِ بأن تكونَ قضيةُ عفرين وسائر المناطقِ المحتلة على رأسِ الأولوياتِ وصياغةِ برنامجِ عملٍ وخارطةِ طريقٍ واضحةِ المعالمِ لإنهاءِ كاملِ الاحتلالِ التركيّ وضمانِ العودةِ الكريمة للمهجّرين قسراً وتبيانِ مصيرِ آلاف المفقودين والعملِ على تحريرِ المعتقلين، ومحاسبةِ مرتكبي الانتهاكاتِ والتعويضِ العادلِ لأسرِ الضحايا”.
 لقاءات مع الأطراف السياسيّة
في هذا الإطار قام وفد نيابة عن الموقعين على نداء (صرخة الزيتون) بزيارة مكاتب الأطراف الكردية واللقاء مع قيادتها لتسليمها نسخة من النداء المتضمن ضرورة وضع مصير منطقة عفرين كأولوية على رأس أجندات التوافق بعيداً عن المساومات ومواقف المجاملة، للوصول إلى خارطة طريق واضحة المعالم تُنهي الاحتلالَ التركيّ لمنطقةِ عفرين وبقية المناطق المحتلة وتضمن عودة آمنة وكريمة للمهجرين منها قسراً ووضع حد للمعاناة التي يعيشونها.
يُشار إلى أنّ نداءَ “صرخة الزيتون” أطلقته مجموعة مثقفين وتمَّ التوقيعُ عليه من قبل ٩٤ شخصية ضمّت أكاديميّين وشخصيات ثقافيّة وأدبيّة وفنانين من عفرين ولهم تأثيرٌ فاعلٌ في أوساطِ المجتمعِ الكرديّ.
 المطلوب موقف بمنتهى الجدية
وفي لقاءات مع اللجنة المنظمة للنداء قال الأكاديميّ والباحث الاقتصاديّ جلنك عمر: “في هذه المرحلة كلّ القوى والأطراف الكرديّة مطالبّة باتخاذ موقفٍ بمنتهى الجديّة تجاه الأوضاع المأساويّة التي تعيشها منطقة عفرين المحتلة حيث تُرتكب انتهاكاتٌ وجرائم قتلٍ وخطفٍ وطلب الفدياتِ، ويتبع الاحتلال سياسة تجويع وإفقار عبر فرض الإتاوات والغرامات التعسفيّة ويصادر الممتلكات ويبتدع أساليبَ كثيرةً لنهبِ المحاصيلِ الزراعيّةِ وسرقةِ منتج المنطقة ومصدر دخلها من زيتِ الزيتون، والمطلوب موقفٌ وطنيّ موحّد لمواجهة كلّ التحديات الحالية وعلى رأسها الاحتلال والإرهاب”.
 عفرين كانت بداية سور حماية شمال سوريا
الكاتب والسينمائيّ محمود جقماقي قال: “تركيا هي الوجه البشع للإرهاب بالمنطقة، فهي الداعم والحاضن لهم، وكل شعارات الأمن القوميّ والتقسيم هي أجندة إعلاميّة لا أكثر، هناك طموحٌ جامح لدى حكومة أنقرة التي يقودها أردوغان بإعادة ما يعتبره أمجاد العثمانيّة والتاريخ شاهد على ما ارتكبه العثمانيون بالمنطقة، وتستخدم في هذا السبيل سوريين للتقليل من الخسائر في قواتها، ولعلنا نربط بين خطة أردوغان التوسعيّة وتذمره من اتفاقية لوزان، ولهذا يقوم بالتغيير الديمغرافيّ على الحدودِ ويوطّن في المناطق المحتلة موالين له، ومن غير المقبول استمرار الواقع الراهن في المناطق المحتلة وعفرين تحديداً، لأنّها كانت بداية السور الذي يحمي كامل شمال سوريا”.
 العنف ضد المرأة متعمد للدفع للتهجير
الإعلاميّة نوروز رشو من جانبها أشارت إلى العنف المتعمد الموجّه إلى المرأة: “عفرين في ظلِّ الاحتلال باتت أسيرة والأهالي يعيشون في سجن كبيرٍ، وقد لزم الأهالي بيوتهم وامتنعوا عن كثير من الفعاليات الاجتماعيّة الاعتياديّة، وما يحدث بالنسبة للمرأة له من عنف متعمدٍ يهدف لتشكيل ضغطٍ نفسيّ بدفع بالأهالي المتبقين إلى الخروج من المنطقة، وذلك يندرج إطار خطة استكمال التغيير الديمغرافيّ وإفراغ المنطقة واستقدام مستوطنين إليها، ولا يمكنُ إنهاء هذه الأوضاع الخطرة إلا بالتعويلِ على القوى الوطنيّةِ الشريفة”.
 إنكشاريّة جديدة
الإعلاميّ محمد بللو كذلك أكد ان ثقافة الاحتلال والقتل ثقافة متجذرة في تعاطي العثمانيين مع العالم: “ما تقوم به أنقرة في فصلٌ احتلاليّ لا يتعلق بتاريخ العثمانيّة وحسب بل تركيا الكماليّة التي احتلت قبرص بحجة واهية، وهي تسعى لضم مناطق سوريّة، بعدما استكملت أجندتها الفكريّة وحشرت الأزمة السوريّة في الزاوية المذهبيّة لتنشئَ مجاميع مرتزقة ضمّت إليهم الفارين من مرتزقة داعش ليجسّدوا نموذج الانكشاريّة الذي يتبع السلطانَ ولا يتورعُ عن ارتكابِ كلّ الجرائمِ والانتهاكات بحقِّ الأهالي، ويحاربُ حسب أوامر الباب العالي، وبعد مماطلة القوى الكبرى والإقليميّة، فمن المهم توحيد الصف واستنفار كلّ الإمكانات لإنهاء الأوضاع الشاذة التي آلت المناطق الآمنة بسببِ الاحتلال”.
 المعوّل هو الحالة الوطنية ووحدة الصف
الصحفيّ ولات عفرينيّ أكد على إن كل ما تقوم به دولة الاحتلال التركية والموالين لها من المرتزقة انما هي سياسة مدروسة: ما يحدث في عفرين هو إبادة ممنهجة، وُضعت خططها مسبقاً، وليست مجرد نتائج أفضى عنها وضع الاحتلال، أنقرة استغلت الخطة الروسيّة المتضمنة مرحلتين أساسيتين: التجميع وضرب الخصم بالخصم في سياق هدف الإنهاء كما في التجربة الشيشانيّة، ولكن أنقرة تستثمر هذا وتجمع المرتزقة وحوّلتهم إلى فرقِ قتل وساقتهم إلى عفرين بعد إعادةِ صياغتهم وأطلقت عليهم زوراً مسمّى “الجيش الوطنيّ”، وتعملُ على تنفيذ أجندتها في سوريا ومن بعدها ليبيا، وكلّ مراكز القرار الدوليّ تدرك أنّ أنقرة، أوقعت دول أوروبا تحت وطأة الابتزاز إذ تقول أنقرة “هؤلاء من نقودهم إلى عفرين، وإن عارضتم سنفتح بواباتِ الهجرة ونضخّهم إليكم، وبالتالي فالمعوّلُ الوحيدُ هو الحالة الوطنيّة ووحدةُ الصفِ للتصديّ للاحتلالِ وإنهائه”.