No Result
View All Result
المشاهدات 1
تحقيق/ آلان روج –
بعد كل ما عاناه المجتمع الإيزيدي وأرضه من مجازر ودمار وتشريد عبر التاريخ، آخرها كان في هذا اليوم المشؤوم الذي خانه فيه جميع الأطراف، كان أمامهم احتمالين لا ثالث لهما، وهو إما الانتحار كديانة ومجتمع وثقافة وأرض، بالهجرة والتشتت والاستسلام، أو أن تقاوم وتبدأ بتغييرٍ جذري لقضيتها هذه عبر التاريخ.
فاختار الشعب وهو على حافة الإبادة، المضي بإرادته لنيل كرامته متمسكاً بكل ما يملكه وكل ما فقده في الفرمان، حينها أعلن الشعب من على جباله المقدسة الثورة الشاملة، لوضع حد لهذا القدر المنسوب إليهم..!
إن أول انتصار أعلنه الشنكالي في الفرمان هو التكاتف والالتفاف حول قوات روج آفا التي أنقذتهم من الإبادة، ليعلن في اليوم التالي من الفرمان تشكيل وحدات مقاومة شنكال مستنفراً مع شعب روج آفا ووحداته العسكرية وقوات الكريلا بعد تصريحات عضو القيادة المركزية لمنظومة المجتمع الكردستاني مراد قريلان الذي أعلن عن إرسال قواته إلى شنكال لإنقاذ الشعب من إبادة تاريخية.
خطوات تاريخية متسارعة من خضم المقاومة في الجبل
جبل شنكال الذي احتمى به عشرات الآلاف من الفارين من جحيم داعش لم يكن له سند وحامٍ سوى 12 مناضلاً من حزب العمال الكردستاني ومتدربين من أعضاء حركة الحرية والديمقراطية الإيزيدية TEVDA الذين كانوا في المدينة منذ فترة، وبمقاومة أسطورية وحدث تاريخي، تمكنوا من إحكام السيطرة وإغلاق بوابتي الجبل الرئيستين (باب كرسى، وباب المدينة)، وتأخير تقدم المرتزقة بتفجير عدة عربات لهم ومنع وصولهم إلى الجبل.
في هذه الأثناء فتحت وحدات حماية الشعب والمرأة ممراً آمناً بين الجبل وأراضي روج آفا من طرف بلدة جزعة الحدودية، وتخليص عشرات الآلاف من الإيزيديين ليصلوا إلى الجبل وينتشروا فيه مع وحدات مقاومة شنكال وقوات الكريلا، قبل أن يستقدم المرتزقة عناصر إضافية ويحاصر الجبل بأكمله ويحارب على جبهات روج آفا الساخنة آنذاك.
حملة تحرير من جزعة نحو الجبل بمشاركة وحدات مقاومة شنكال
كان الجميع ينتظر ساعة الصفر وبخاصة المتطوعين في وحدات مقاومة شنكال، لتعلن الوحدات في بداية شهر كانون الأول من عام 2014م عن حملة تمشيط وتحرير واسعة لكسر الحصار عن الجبل وتقديم الدعم للعالقين فيه. وبمقاومة تاريخية ومعارك أسطورية في كل من سنونى وخانه صور والبرية الفاصلة بين حدود روج آفا والجبل، وصلت الوحدات إلى الجبل وضمنت حماية الطريق بالكامل لتبدأ معها خطوات الشعب التاريخية في تأسيس نفسه في الجبل والانتقام من الفرمان الذي حصل.
وضع التنظيم الاجتماعي كهدف أساسي لإنقاذ أنفسهم
إن اختيار الآلاف من الشعب البقاء في الجبل والمقاومة تطلب التنظيم للحماية وإنقاذ المجتمع من فرمان وإبادة بيضاء، كالضياع والاستسلام أو الهجرة والتشتت، لا سيما أن السبب الرئيس في ارتكاب المجزرة هو الاتكال على الآخرين في الحماية والتنظيم. لذلك؛ كانت تجربة روج آفا في التنظيم قد انتشرت وأرادوا الاستفادة منها كغيرهم، فتجمع الأهالي بتاريخ 14/1/2015م وناقشوا الوضع الاجتماعي والأمني والخدمي لقاطني الجبل ليتمخَّض عن نقاشاتهم إعلان المجلس التأسيسي لإيزيديِّ شنكال.
المرأة تبني نفسها وتحمل السلاح لأول مرة لتنتقم للمخطوفات
إن أكثر الخطوات التاريخية خلال مسيرة المقاومة في جبل شنكال، والتي أحدثت تغييرات جذرية متقدمة في المجتمع الإيزيدي، هي أن المرأة الإيزيدية، التي عانت من التسلط الذكوري المجحف ضمن مجتمعها المنغلق لدرجة ما، قد تلقت من نساء روج آفا وبخاصةٍ وحدات حماية المرأة التي شاركت في عملية فتح الممر وإنقاذهم، دروساً في التنظيم والحماية والمقاومة. لذلك؛ أعلنت مجموعة من الشابات الإيزيديات، في شهر شباط من عام 2015م، عن تشكيل وحدات حماية المرأة في شنكال، وبدأن بالمشاركة في المعارك ضد داعش شمالي الجبل وجنوبه بشكل فعال، ليثأرنَ فيما بعد للمختطفات بمشاركتهن في حملة تحرير الرقة عاصمة داعش المزعومة. إلى جانب ذلك نظمن أنفسهن ضمن مجلس خاص معنيٍّ بشؤونهن الاجتماعية والنفسية والخدمية والتأهيلية، ليفضي فيما بعد إلى تشكيل حركة حرية المرأة في إيزيدخان في 25 أيلول من سنة 2016م، بهدف تعزيز وتوحيد إرادة المرأة وتأهيلها لتنقذ مجتمعها وتلعب دورها في الإدارة.
التعليم والخدمات أول خطوات المجالس رغم الحصار المحكم عليهم
لم تتوقف صعوبات الحياة في الجبل على جانب خطر هجمات داعش عليهم، بل كانت نواحي التعليم والخدمات والصحة أكثر محنة وصعوبة أمام المجلس في ظل الحصار المحكم من كلِّ الجهات عليهم، ويسعى الأخير تجاوزه بعزيمة وإمكانات ذاتية.
فبدأ بحفر آبار لمياه الشرب والسقي لتحويل معظم مناطق الجبل إلى أراضي زراعية لتلبية احتياجات الشعب، من ثم أرسل مؤسسة اللغة والتدريب الكردية في روج آفا كوادر تعليمية بطلب من مجلس شنكال، ليفتتحوا مدارس على طول الجبل من أجل مساعدة أطفالهم نفسياً وفكرياً ويحموهم من الضياع، بالإضافة إلى تشكيل بلدية شعب ومؤسسات خدمية وصحية تابعة لها بدعم من الإدارة الذاتية في روج آفا حينذاك.
أما الآن؛ فإن كلَّ الخطوات أصبحت قاعدة رصينة ليتشكل في الجبل والمدينة عشرات المدارس ومعاهد تأهيل المعلمين، إلى جانب ثلاث مستشفيات أساسية بكامل الطواقم الطبية والمستلزمات اللازمة في خدمة مواطنيها سواء في الجبل أم في المدينة ونواحيها ومركز ثقافي في سفح الجبل، ناهيك عن فتح المجال للتجارة وتقوية الاقتصاد الذاتي للأهالي بفتح معابر وطرق تجارية بينها وبين روج آفا والإقليم والموصل بعد التحرير.
توسيع مشروع الإدارة في شنكال بعد جاهزية القاعدة الاجتماعية
بعد سلسلة الانتصارات على الصعيد الاجتماعي والتنظيمي والحماية والخدمي، بدأ الشعب بخطوات سياسية لتتوسع أكثر وتؤثر على محيطها سواء في الداخل أو الخارج، لذلك أعلنت حركة الحرية والديمقراطية الإيزيدية في مؤتمرها السادس، المنعقد في 24 حزيران 2016م، عن توسيع نشاطها وتحويل نفسها إلى حزب سياسي باسم حزب الحرية والديمقراطية الإيزيدية PADÊ يمثل الإيزيديين في المحافل السياسية والانتخابات البرلمانية وغيرها كحزب رسمي داخل العراق.
وفي خطوة بالغة الأهمية، بالنسبة لوضع الأقليات المتضررة في العراق والحل الأمثل لقضاياهم العالقة، قدم مجلس الإدارة الذاتية في شنكال، منتصف شهر آب من عام 2017م، مشروعاً باسم « إدارة إيزيدخان الذاتية الديمقراطية» يحمل 23 بنداً يركز على تشكيل مجلس شعبي تحت مراقبة دولية والقوى الكردية والعراقية المعنية بهم، ويحتضن الجهات الإيزيدية والمجتمعات غير الإيزيدية كافة والتي تعيش في جغرافية شنكال، وأن تكون وحداتها العسكرية وأسايش إيزيدخان قوات أساسية تحميهم، بالإضافة إلى تقديم حل لضمان حقوق الشيعة والسريان والآشور في تلعفر وسهل نينوى المجاورتين لشنكال، كما تركز البنود الأخرى على أمور تنظيمية وخدمية وأخرى دبلوماسية تتعلق بالحكومة المركزية وإقليم كردستان بشأن الاعتراف بالإرادة الشعبية لشنكال في تمثيل وإدارة أنفسهم وفق المواد الدستورية للنظام الفيدرالي في العراق.
إدارة شنكال تسعى لتشكيل أكبر اتفاق بين مكونات شنكال والجهات الحكومية
وفي سياق التطور التنظيمي والسياسي في شنكال أشارت الإدارية في مجلس الإدارة الذاتية بشنكال ريهام حجو في إجابتها على أسئلة الوكالة بهذا الصدد: «تجاوز المجتمع الإيزيدي محناً صعبة للغاية خلال مسيرة أربع سنوات من المقاومة والتحرير والعمل التنظيمي، وبالرغم من أننا طورنا إدارتنا الذاتية بمشروع حل يضمن حقوقنا وحقوق الأقليات الأخرى وشكلنا مجالسنا في كل قرية وناحية وحي في المدينة، إلا أننا نسعى للوصول إلى كل تجمع ومنظمة في المنطقة لتقوية الاتفاق والتكاتف فيما بينهم لنحقق الحياة الحرة الكريمة معاً».
أما عن وضع العلاقات بين بغداد وإدارة شنكال فأوضحت ريهام: «إن التواصل خجول للغاية بالرغم من أن المجلس يتحرك وفق الدستور العراقي، وأن وحداتهم ومجلسهم قد خففت الكثير من الأعباء على كاهل الحكومة في أمور الخدمات والحماية، نفسر هذه المقاربة بأنها مقاربات التشبث بمفهوم وعقلية السلطة وكبح إرادة شعوبها، ونرغب في المزيد من التقرب من أجل الحل».
No Result
View All Result