No Result
View All Result
المشاهدات 1
نسرين آكري –
اقترب الرابع والعشرون من حزيران، الموعدُ الذي علّق عليه أردوغان تحقيقَ حلمِه في إعادة أمجاد السلطة العثمانيّة، أمجاد القتل والدمار والتهجير والتعذيب وكلّ أنواع الظلم بحقِّ الشعوب، فالتاريخ يقول إنّه حيثما مرّ العثمانيون كان الخرابُ.
لم ينتظر أردوغان الموعدَ المقرّر للانتخابات فقام بتقديم موعدها، متحالفاً مع الحركة القوميّة شريكته في التوجّهات السياسيّة الفاشّة والإقصائيّة، هي مرحلة لتكريس الديكتاتوريّة، ومواصلة الحرب على الكرد في روج آفا بغطاء قانونيّ يشرّعه كما يريد ويسند تنفيذها لمرتزقة حزبه الداعشيّ.
كلّ الإنجازات التي حقّقتها شعوب شمال سوريا بات في مدى الاستهداف التركيّ، سواءٌ ما تحقّق في المستوى السياسيّ وتنظيم المجتمع أو الانتصارات العسكريّة وتطهير المنطقة من دنس إرهاب داعش الذي بات يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد تحرير بلدة الدشيشة بريف الحسكة آخر معاقلهم، وبذلك تقترب وحدات حماية الشعب والمرأة وقوات سوريا الديمقراطيّة من تحرير شمال سوريا وشمال شرقها من إرهاب داعش، ويتم ضمان البيئة الآمنة لحياة الناس وحماية مكتسبات الثورة، فيما تواصل الإدارة الذاتيّة تأكيد ركائز الاستقرار والأمان شمال سوريا.
كلّ هذا دفع أردوغان وحكومته للإدلاء بتصريحات قوية وهميّة وكاذبة يدرك هو بنفسه أنّها لن تتحقق، ولكنه يصرُّ أن يظهر نفسه بمظهر القوي والمسيطر على المنطقة والمحرّك الأوحد للأحداث. مع اقتراب موعد الانتخابات ازدادت هذه التصريحات وكلّ يوم يظهر على الإعلام هو أو وزير خارجيّته ومسؤولوه ويتوعّد الكرد ومشروعهم الديمقراطيّ ويهدّد وحدات حماية الشعب التي دحرت الإرهاب وينعتها زوراً وبهتاناً بالإرهاب، ويتقمص كذباً شخصية المخلص، رغم أنّ الجميع يعلم حجم الدور التركيّ ومدى دعمها واحتضانها للإرهابيين من كل أنحاء العالم، وحديث أردوغان عن «تحرير شمال سوريا (منبج وكوباني حتى ديريك وباشور) كما زعم تحرير عفرين هو عبارة عن عملية تهجير وتغيير ديمغرافيّ ممنهج، بإخراج أصحاب الأرض وإحلال آخرين مكانها، عبر الاستيطان، ويأتي وضوح الحقيقة من كون شعوب شمال سوريا التي يزعم أنّها تناديه وتطلب منه الخلاص، تعيش واقعاَ حالة استثنائيّة من الأمان والاستقرار والحياة الكريمة، ولا يمكن أن تطالب بقدوم اللصوص والمرتزقة والموتورين ليخربوا الحياة ويفسدوها كما فعلوا بعفرين الجريحة وارتكبوا جرائم قتل وسرقة ونهب وسلب ودمار. من الواضح أنّ التعريف العثمانيّ حديثه وجديده لمعنى التحرير مختلف تماماً، فالتحرير العثمانيّ للبلدان يعني تحرير المدن من أصحابها الحقيقيين وتوطين غرباء فيها وإشاعة الخوف والرعب في نفوس الناس، والعلاقة مع المرتزقة والقتلة واللصوص ليست مجرّد شراكة بل وحدة عضويّة بالمنهج والفكر والممارسة. والحديث عن التحرير مجرّد دعاية انتخابيّة كاذبة لكسب الأصوات وفي حقيقته لا يتجاوز التعريف العثمانيّ.الضوء الأخضر الذي أعطته روسيا لأنقرة جاء ضمن سياق علاقات المصالح المشتركة والتي تتجاهل مصالح الشعوب وحقّها الطبيعيّ في الحياة، ولن يتسنّى لتركيا أن تحظى بآخر في منطقة أخرى في شمال سوريا، وما حدث في عفرين لم يأخذ صيغته النهائيّة ولن يضمن أحدٌ للوضع الحالي أن يستمرّ، فالمسألة هي انتقالٌ المقاومة من مرحلة إلى أخرى، فالصمت الدوليّ كان انحيازاً من العالم إلى جانب الإرهاب في معادلةٍ لا نصيب للأخلاق فيها إذ تنكّر لمصائر الشعوب وعقد صفقات المصالح. لا مفاضلة بين تراب الوطن وكلّ ذرة من تراب هذه الأرض سُقيت بدماء أبناءها ولا يجوز التفريط فيها، وسيعلم العثمانيّ القزم أنّ هذه الأرض مباركة مقدّسة لأهلها لكنها ستكون مقبرة للإرهاب أياً كان جيوشاً نظاميّة أو مرتزقة، فالبواسل الذين قهروا مرتزقة داعش وأسقطوا معاقله مستمرون في نضالهم.وغذا كانت الحملة الانتخابيّة قد افادت من متغيرات الوضع الإقليميّ والدوليّ وسياسة الابتزاز، فمن غير المسموح أن تكون على حساب الأرض السوريّة ودماء الشعب السوريّ بكرده وعربه وتركمانه وعلى حساب وطنيتهم ومشاعر الانتماء التي يتلاعب بها ليثير الفتنة الطائفيّة بينهم، فهذه الشعوب توافقت من أجل الحياة والحريّة، ولكنها مشكلة العمى وانحراف البوصلة الحاقدة في أنقرة لتتجه دوماً نحو الكرد فلا ترى سواهم.لا سبيلَ اليوم لتجديد الأوهام وإعادة تاريخ أجداد أردوغان الانكشاريين والطورانيين والفاشيين، تاريخٌ كُتب بدماء الشعوب تتحدث قصصه عن مآسي وويلات ومنكراتٍ يندى لها جبين الإنسانيّة، عن جرائم التجويع والسرقة والقهر والقتل الجماعيّ وحتى القتل الطائفيّ.الاحتلال ومعه المرتزقة وجودٌ غريبٌ في أرضِ عفرين، ولا يمكن لتراب عفرين أن يقبلهم إلا أن يكون مقبرة لهم، وليرجع أردوغان المحتل والغاصب إلى التاريخ يوم دخل أجداده بلدنا محتلين وخرجوا منها صاغرين، ولو بعد طول زمن، والحقيقة أنّنا أمام حالتي تعطّشٍ، أنتَ وعسكرك من العبيد المتعطشون للإجرام والاحتلال وقد أعماكم الحقد والكراهية، ونحن المتعطشون للسلام والديمقراطيّة والعدالة والإنسانيّة وقد أنارت قيم المحبة والحق قلوبنا، ولذلك تخافنا يا أردوغان وتحاربنا بكل الوسائل وتحاول طمس الحقيقة، التي أن تنجلي يوماً وستكون الخاسر الأكبر، والأيدي الملطخة بدماء أهل عفرين وقطعت أشجار الزيتون ستبتر، ولن تكون عفرين يوماً لك ولمرتزقتك، ولن تُتركوا يوماً لتهنأوا بماء عفرين وهوائها وترابها وزيتونها، هو قسمٌ وعهدٌ من أبناء عفرين، ولن يطول الزمن ليندمَ البعض، فيما لن يلحق البعضُ أن يندمَ فالزمن قصير وقيامة عفرين بدأت تباشيرها.
No Result
View All Result