سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

شعوب شمال سوريا تكسر عبارة “ماذا لو”!!

بدران الحسيني –
“ماذا لو”؛ حوامل هذه العبارة أو العنوان تستوطن مركز التفكير لعقولِ مُعظم الشعوب التي تعيش في الشمال السوري إن لم نقل كلها.
ومسببات هذه الحوامل ونواقل الأسئلة واقعية وقابلة للتطبيق على أرض الواقع، إذا ما قورنت بالوقائع الملموسة والمعطيات الحسية؛ بل تستوجب الوقوف عندها بكل جدية، وافتراض حصولها. والإجابة عليها مقارنة بما مرت به المنطقة وشعوبها من خذلان لفئات معينة من الدول الأخرى تماشياً مع تحالفات كيدية منها واقتصادية مصلحية زائلة على المدى القريب بين هذه الدول، وخصوصاً تلك التحالفات التي حصلت على حساب الشعب الكردي. والانتكاسات التي مر بها هذا الشعب الذي يناضل ويقدم القرابين والتضحيات والدماء الزكية، في سبيل العيش بكرامة مع باقي الشعوب في المنطقة منذ مئات السنين إن لم نقل آلاف السنين. وتلك حقيقة حاصلة يجب الإقرار بها، وعلينا مواجهتها بالتحضير والاستعداد لكل الاحتمالات التي تؤدي إلى حصولها، في ظل انعدام القيم الإنسانية والأخلاقية وتزييف الحقائق والوقائع التاريخية بحكم القوة العسكرية، واختلاق الذرائع في مطابخ الدول الاستعمارية والرأسمالية بحجج رعناء لا تمت إلى الواقع بأية صلة. لشن حروبها ضد الشعوب التي تطالب بالحرية، ولا يمكن تسمية هذه الذرائع سوى بالتوليفات والفبركات المضللة للأخلاق الإنسانية وقوانين المجتمع الدولي ومجلس الأمن. وذلك استناداً على ما مر به الشمال السوري في الأمس القريب، حين استُعمِرت مقاطعة عفرين بصفقة دولية مَقِيتة تُعتَبر من مُوبقات العصر، التي ارتكبتها الدول الكبرى بحق شعبها المقاوم الذي قاتل الإرهاب ثمانية وخمسين يوماً نيابة عن العالم أجمع. فتعرض هذا الشعب عِرفاناً لجميله ولتضحياته وبِصَكٍ مصدَّقٍ من الدول الكبرى، على أيدي المرتزقة التركية للتنكيل والتهجير والسلب والنهب وكل ما يمكن أن يخطر على بال إنسان. هذه المرارة التي ما زالت عالقة في حناجر الكُرد الأنقياء البعيدين عن كواليس السياسة وغرفها المغلقة، تشكل دافعاً قوياً لدى هؤلاء ليطرحوا ما يتخوفون منه في قادمات الأيام ماذا لو تعرضنا للطعن في ظهرنا مرة أخرى من قبل الدول الكبرى في مناطقنا الآمنة؟ وما هي أوراق الضغط التي نمتلكها حتى تحمينا من هذه الخيانة كما حصلت في عفرين؟!.
حيث كل الأدلة تشير إلى أن عفرين سقطت جغرافياً بلعبة دولية ومؤامرة حيكت خيوطها بين الدول الكبرى، إرضاءً لمآرب /البَيدَق التركي/ في لعبة الشطرنج هذه بحكم مصالح هذه الدول فيما بينها. وليس تقصيراً في العمل الدبلوماسي أو السياسي أو بسالة المدافعين عنها، وهذا ما يحتم علينا التفكير بهذه الأسئلة المطروحة والوقوف عندها والتوجس منها، ووضع هذه الفرضيات على طاولة النقاش وأخذ التدابير والاستعدادات لها فيما لو حصل ذلك. رغم أن هامش حدوث هذه الافتراضات ما زال بعيداً وليس في المدى المنظور ولا تلوح في الأفق شيء من ذلك، وخصوصاً ضمن هذه المعادلات المتشابكة والتعقيدات الحاصلة في المنطقة والاحتباس السياسي والاقتصادي الحاصل بين أمريكا وتركيا. بيد أن التهيؤ والاستعداد للإجابة على هذه الأسئلة ووضع الخطط والدراسات لها وتطمين الجماهير التي تتعطش إلى العيش بسلام وأمان، وهذا يتطلب منا جميعاً وبالدرجة الأولى العمل على وحدة الصف الكردي وإن كانت بنسب مختلفة. والعمل بأقصى الطاقات على رفع معنويات شعوب الشمال السوري، بل القيام بثورة ذهنية لديها، وإيجاد الطرق الكفيلة بأن تكون شعوب الشمال السوري وخصوصاً قوات سوريا الديمقراطية الجَذْرِ الرئيسي الوحيد في حلِّ المعادلات الدولية الحاصلة على الأرض السورية. وجعل هذه القوات الثقل الذي يرجح كفة الميزان لصالحها في اللعبة الدولية وذلك بتوسيع التحالفات الدولية، سواء الاقليمية كانت أو الغربية وإيجاد الروافد البديلة (حتى لو استدعى الأمر منا حفر هذه الروافد بالإبرة) وذلك بتشكيل مجلس أو هيئة من الحكماء تقوم بتمتين العلاقات بالشخصيات النافذة في الحكومات والبرلمانات الغربية. والتي يمكن أن تؤثر على مركز القرار في دولها، وذلك لتغذية ودعم هذه القوات التي حاربت الإرهاب ودافعت عن منجزاتها، للحفاظ على دماء شهدائها فيما لو حصلت أية انتكاسات أو خذلان لها، في ظل هذه المواقف الدولية المتقلبة وتحالفات المصالح التي تتبدل في كل لحظة.