احتضنت الطبقة المدينة الواقعة على ضفاف الفرات والتي تحرّرت من مرتزقة داعش قبل أكثر من عام على يد مقاتلات ومقاتلي قوات سورية الديمقراطيّة المؤتمر الثالث لمجلس سورية الديمقراطيّة المظلة السياسيّة للقوات المحرّرة.
ويعتبر المؤتمر أول تظاهرة سياسيّة بهذا المستوى تحتضنها مدينة الطبقة، حيث يضم مجلس سورية الديمقراطيّ مكوّنات وأطياف الشمال السوريّ كافة في هيكليّة إداريّة واحدة، وتنضوي تحت سقفه الإدارة المدنية للمنطقة ويوحّد قرارها السياسيّ تحت شعار سورية تعددية لا مركزيّة، وترفض الفكر الاستبدادي المتمثل في المركزيّة الجغرافيّة والإداريّة والفكريّة وتبعيّة المؤسسات للقرارات الصادرة عنها، وعلى تلك المؤسسات أن تنفذ ما صدر من المركز دون أيّ مراجعة، فيما يتم تجاهل المناطق القصية من كل النواحي السياسيّة والإداريّة والاقتصاديّة.
ولمعرفة المزيد مما جرى تداوله في المؤتمر الثالث لمجلس سورية الديمقراطية من رؤى مستقبليّة كان لصحيفتنا عدة لقاءات مع بعض ممن حضره من شيوخ عشائر وسياسيين في الشمال السوريّ.
وحول مدى أهمية انعقاد المؤتمر في مدينة الطبقة تحدث إلينا شيخ قبيلة الولدة والرئيس المشترك للمجلس التشريعيّ للطبقة الشيخ حامد الفرج قائلاً: إن لانعقاد المؤتمر الثالث لمجلس سورية الديمقراطيّة في مدينة الطبقة دلالات كبيرة، بخاصة وأنّ المدينة معروفة بأنها مدينة صغيرة وحديثة العهد، والمهم هنا أن إفشال المشاريع التركيّة في المنطقة بدأ من هذه المدينة. وتركيا كانت تحاول بشتى الوسائل إفشال المشروع الديمقراطيّ الذي يتم العمل عليه في المنطقة، هذا المشروع الذي يضمّ شعوب ومكوّنات الشمال السوريّ. والمؤتمر الذي عقد في مدينة الطبقة دوريّ وبإمكانه أن ينتقل من مدينة إلى أخرى، وكون مدينة الطبقة محرّرة ومستقرّة واليوم تنعم بالأمان بعد أكثر من عام على تحريرها على يد مقاتلي ومقاتلات قسد، وحظيت بشرف استضافة مثل هذا المؤتمر.
وللمؤتمر رسالة سياسية لكل العالم مفادها أننا نعمل ضمن إطار ديمقراطيّ يضمن الحقوق للجميع ويعطي الحرية للجميع، وهو إطار مؤسساتيّ قوي ومتماسك بكلّ المكونات الموجودة فيها وهذه المؤسسة جامعة وليست إقصائيّة.
وحول ما تم تداوله من قبل وسائل إعلامية مقربة من النظام فيما يخص تسليم المدينة لقوات النظام السوري قال الشيخ حامد الفرج: إن الحديث عن وجود مربع أمني أو تسليم المدينة للنظام عارٍ عن الصحة كان الحديث فقط يدور حول سد الفرات والموظفين الفنيين التابعين للنظام للمساعدة في إصلاح السد مما يمكن أن يقدمه المهندسون التابعون للدولة من أجل إصلاح العنفات المعطلة في السد، وفي إطار محدود في المجال الصحي.
ومنذ تحرير المدينة من الإرهاب من قبل قوات سورية الديمقراطية تدَّعي تركيا أنَّنا لانحمل مشروعاً ديمقراطياً، وهي تعمل على إفشال الفكر الديمقراطي الحر والتعايش السلمي وأخوة الشعوب، وكل ادعاءاتها باطلة والمشروع الديمقراطي الذي أسس مستمر، وإن تم احتلال عفرين هذا لا يعني النهاية لأن عفرين ستعود إلى أرض الوطن ولأهلها.
وفي سؤال للشيخ حامد عن دور العشائر في إدارة المنطقة ومجلس سوريا الديمقراطية خلال الفترة الماضية أجاب: للعشائر دور كبير في الادارة كون المنطقة عشائرية ومدينة الطبقة تضم كافة مكونات الشعب السوري، والعشائر لها دور كبير من خلال وقوفها مع المشروع الديمقراطي الذي اتفق عليه جميع شعوب المنطقة. والمشروع الديمقراطي يعطي قيمة كبرى للمجتمع والمرأة وقد تم تشكيل المجالس المحلية وصولاً للمجلس المدني، وتبدأ المسؤولية من القاعدة إلى الهرم وهي خطوة أساسية وكبيرة في مسار الديمقراطية.
وعن الإنجازات التي تحقق خلال السنوات الماضية من عمر مجلس سوريا الديمقراطية على الصعيد السياسي تحدث عضو الهيئة السياسية في مجلس سوريا الديمقراطية حسن محمد علي حيث قال: أصبح العالم ينظر إلى مجلس سوريا الديمقراطية أنه الطرف الأساسي في حل القضية السورية من خلال وجهة النظر التي يقدمه، وبخاصة في اعداد الدستور ومستقبل سوريا والتواصل من أجل ذلك مع الدول الاوربية والجهات المعنية بحل الازمة السورية، واستطاع المجلس تحقيق الكثير من المكتسبات، وبخاصة في مجال تطوير الادارات المدنية وتشكيل إدارة للشمال السوري والعمل على التواصل مع كافة العواصم العالمية للتعريف ببرامجهم وخططهم لسوريا المستقبل.
وبرأي نجح مجلس سوريا الديمقراطية خلال الفترة الماضية في أعماله، لأننا عملنا على أن نكون الرقم الصعب في المعادلة السورية، في وقتٍ لم نكن فيه معروفون من قبل أحد، وأصبحنا الآن العامل الأساسي والحقيقي في التأثير على المعادلة والقرارات الدولية التي تخص سوريا.
ومجلس سوريا الديمقراطية هي الجهة المهنية والمرجعية السياسية للشمال السورية وكافة الإدارات المدنية المشكلة في شمال شرق سوريا المحررة، والتي تشكل 30%من مساحة سوريا، وتعتبر مجلس سوريا الديمقراطية المرجعية السياسية والمخولة بإدارة ملف هذه المنطقة، وسيكون من مهامه الأساسية وضع الخطط المناسبة ووضع الحلول الناجحة من أجل مستقبل سوريا.
وبعد أن عقد مجلس سوريا الديمقراطية مؤتمرها الأول والثاني في الجزيرة، كان الاختيار في هذا المؤتمر الثالث لمدينة الطبقة، لأنها تحررت من مرتزقة داعش وإرهابهم وباتت قادرة على استقطاب مثل هذه المؤتمرات ولما لا، حيث أصبح مجلس سوريا الديمقراطية يمثل حاضنة للشمال السوري، ومن الطبيعي أن يقيم المجلس مؤتمره في الحاضنة الأكبر هو المكون العربي ولا غرابة في ذلك لأننا نؤمن جميعاً بأننا جميعاً اخوة في الوطن.
وعن أهمية انعقاد المؤتمر الثالث لمجلس سوريا الديمقراطية في مدينة الطبقة المحررة تحدث الرئيس المشترك لحزب الاتحاد الديمقراطي شاهوز حسن وقال: إنّ الرسالة التي يريد مجلس سوريا الديمقراطية توجيهها من خلال عقد المؤتمر في مدينة الطبقة هي إننا لسنا مكون واحد، وكافة المكونات موجودة الآن في مدينة الطبقة وترفع شعار سوريا ديمقراطية. وثانياً المناطق حررتها قوات سوريا الديمقراطية من داعش ستكون آمنة لكل السوريين بكافة أطيافهم وأقوامهم وأديانهم وتوجهاتهم السياسية. ومن الممكن أن نكون موجودون على أي بقعة تقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ومجلس سوريا الديمقراطية المظلة السياسية لها، والمجلس يشمل العديد من الأحزاب والمكونات والأطياف السياسية والثقافية وبإمكانه أن يعقد مؤتمره في منبج وديريك وغيرها من المدن. وقد يعقد حتى في حلب ودمشق إذا ما سنحت الظروف لذلك، لأنه ملك لكل السويين ويعمل من أجل سوريا ديمقراطية ومن أجل سوريا المستقبل الأفضل للشعب في سوريا، وذلك بعد القضاء على داعش وتبعاتها وذلك بعد تحقيق حل سياسي حقيقي وستكون وهذه الرسالة واضحة خلال المؤتمر.
وعن علاقة حزب الاتحاد الديمقراطي مع حزب سوريا المستقبل الذي شكل حديثاً ويشمل كافة شعوب الشمال السوري ولديها رؤيا وبرامج لحل الأزمة السورية أجاب شاهوز حسن بالقول: جميع الأحزاب ممثلة في مجلس سوريا الديمقراطية وحزب سوريا المستقبل مشكل حديثاً وله مشروع ديمقراطي، ونحن نعمل مع كافة القوى الديمقراطية في سوريا ونحن منذ اليوم الأول لنا توجه ديمقراطي وتبنينا هذا البرنامج ونعمل على تحقيقه ، وانشاء حزب سوريا المستقبل في إطار العمل الديمقراطي وتحقيق سوريا ديمقراطي أعتقد بأننا قريبين من بعضنا في الطروحات ومساندين لتحقيق الحل الديمقراطي الذي يحقق طموحات كافة أبناء الشعب السوري.
ونحن و منذ من اليوم الأول كان التوجه للحل السلمي الديمقراطي، أما ما سميت بالمعارضة طرحت حل الخلافة الاسلامية والتي توجت بمرتزقة داعش وما سببته من مآسي في سوريا. وكان الطرح الثاني للنظام هو الطرح الاستبدادي بسياسته الإقصائية، وهناك ثلاثة طروحات مختلفة والطرح الديمقراطي يضم كل الأحزاب والمثقفين ومؤسسات المجتمع المدني التي تؤمن ببناء سوريا ديمقراطية حرة للجميع ودون النظر إلى المعتقد أو اللون أو اللغة. وسوريا غنية بتنوعها وبتنوع ثقافاتها ولغاتها وهذا ما يميزها عن الكثير من دول المنطقة وسواها، وباعتقادنا إن بإمكاننا العمل ضمن إطار الطرح الديمقراطي الشامل الذي لا بد أن يؤدي بالنتيجة لتحقيق جميع الأهداف التي نسعى إليها.
وعن أهمية انعقاد المؤتمر الثالث لمجلس سوريا الديمقراطية تحدث رئيس حزب سوريا المستقبل ابراهيم القفطان قائلاً: إن انعقاد المؤتمر في مثل هذا الظروف التي تمر فيها سوريا له أهمية بالغة، لأن سوريا تتجه للاستقرار نوعاً ما، ونحن مع انتصار الأوطان ومع وقف نزيف الدم السوري، وهناك ضبابية في موقف النظام السوري حول الحوار المطروح، ولا يوجد مانع من الحوار بشرط تبديل الذهنية القديمة إلى الذهنية الديمقراطية لتصبح سوريا حاضنة للديمقراطية على مستوى الشرق الاوسط.
وعلى هامش انعقاد المؤتمر كانت لصحيفتنا لقاءً مع رئيس هيئة الخارجية في إقليم الجزيرة عبد الكريم عمر حيث تحدث قائلاً: أن انعقاد المؤتمر الثالث لمجلس سوريا الديمقراطية في هذه الظروف الحساسة من تاريخ سوريا والأزمة التي عصفت بها وبالمنطقة، حيث أصبح سقوط داعش قاب قوسين أو أدنى، والسبب الرئيسي في ذلك تضحيات التي قدمتها قوات سوريا الديمقراطية.
وأضاف عمر أن المؤتمرات التي عقدت في جنيف وآستانا وغيرها غابت عنها مصالح الشعب السوري وغاب عنها الممثلون الحقيقيون عن الشعب السوري وبخاصة ممثلو شعوب شمال سوريا، ولهذا كان نصيبها الفشل. وبعد الانتهاء من داعش لا بد أن نتجه جميعاً إلى الحوار السوري السوري، من خلال مؤتمر وطني وعقد طاولة مستديرة للحوار، تضم الجميع ودون تغييب أحد والاتفاق على دستور ديمقراطي يمهد لنظام ديمقراطي يحقق الأهداف لكل السوريين.
وأشار عبدالكريم عمر أنه كان هناك حضور لمعارضة الداخل في المؤتمر، حيث جاؤوا من السويداء ودرعا وحماة وحلب ومن محافظات سوريا الأخرى، وسيكون هناك ملتقى حواري في بلدة عين عيسى لتداول مع كافة القوى على كيفية حل الأزمة بعيد عن التدمير والتهجير التي عانته سوريا.
وفي ذات السياق تحدث إلينا عضو المكتب السياسي في هيئة التنسيق الوطنية وحركة التغير الديمقراطي فرع الجزيرة علي السعد وبعد أن عبر عن سعادته لحضور لمؤتمر الثالث لمجلس سوريا الديمقراطية قال: رغم بعض الأخطاء إلا أن مجلس سوريا الديمقراطية يمثل خطوة متقدمة عن بقية المعارضة، ونحن في وضعية توافقية والنظام يرى أن الحل العسكري هو الأنجع ونحن برأينا أن الحل يكون بالحوار السوري السوري هو الذي سيجلب الحل لسوريا وللأزمة التي ألمت بنا. وبعد هذه الحرب العبثية المستمرة منذ سنوات نفاوض النظام في مناطق شرق الفرات وحركة التغير تمثل البعد السوري في التفاوض مع النظام، ونرفض العنف والطائفية والقومية ونحن مع الحل السياسي. وفي الحقيقة لا أملك معلومات عن وجود اتصالات مع النظام إلا أن رأس النظام صرح قبل مدة أما التفاوض أو الحرب، وأشعر بأنه غير جاد في التفاوض مع الأطراف الوطنية التي تريد الحل فعلاً ونحن على استعداد للتفاوض مع جميع الأطراف والحوار الوطني السوري، ونعمل على إيجاد الحلول التي تنهي هذه المأساة.