يبدو أن سوريا في طريقها إلى فقدان مكانتها كدولة ذات وزن وشأن في منظمة الشرق الأوسط والتحول إلى دولة لا حول لها ولا قوة لأنها تشكل عقبة في طريق المخططات الصهيونية واستطاعت أن تسقط أسطورة الجيش الذي لا يقهر حيث وصل الجيش السوري في حرب تشرين إلى مشارف بحيرة طبريا، كما استطاعت أيضاً وأد الفتنة المذهبية والطائفية التي خلقتها إسرائيل في الحرب الأهلية اللبنانية 1975، والدليل حجم التدخلات الإقليمية والدولية في الشأن السوري حالياً والحصار المفروض عليها بحيث لم يحصل هذا في أي بلد من بلدان ربيع الشعوب، وإذا أضفنا إلى ذلك العقوبات التي ينوي الاتحاد الأوروبي فرضها على سوريا وقانون قيصر الأمريكي المزمع تطبيقه في أواسط حزيران الجاري سيقودنا ذلك إلى أن مستقبل سوريا قاتم وآفاق الحل مسدودة حتى إشعار آخر وقد يمتد لسنوات، وطبعاً كل ذلك يصب في مصلحة إسرائيل لأنها وراء مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي كما يبدو من خلال سير الأحداث أنه يستهدف سوريا على وجه الخصوص، فإسرائيل بعد أن أمنت حدودها مع لبنان والأردن أصبح هدفه إضعاف سوريا وهذا ما تفعله الآن وما يفعله المتآمرون الآخرون معها بحجة الدفاع عن مصالحهم وتصفية حساباتهم على الأرض السورية على حساب دماء شعبنا السوري الذي يتعرض وطنه لأبشع مخطط وهجمة إقليمية ودولية في تاريخه، والأنكى من كل ذلك إن تركيا التي جعلت من نفسها حامية للشعب السوري استغلت الأوضاع في سوريا وباتت تحتل ما يقارب مساحة لبنان من الأراضي السورية وتريد الوصول إلى دجلة بحجة حماية أمنها القومي رغم من قبل الجانب السوري وتعمل جاهدة على إطالة أمد الأزمة السورية مستغلة الخلاف الروسي الأمريكي ورغم ذلك فإن الائتلاف السوري لايزال يعتبر تركيا دولة صديقة وإن ما يسمى بالجيش الوطني السوري التابع للائتلاف يأتمر بأوامر القادة العسكريين الأتراك ويشارك المحتل في كل خطوة يقدم عليها ضد سوريا، وعلم المعارضة ذو النجوم الثلاثة يتم رفعه إلى العلم التركي في المناطق التي تحتلها تركيا من الأرض السورية ورغم كل ذلك يتهم الائتلاف قوات سوريا الديمقراطية باللاوطنية!!
وطبعاً مخطط إيران المذهبي في سوريا لا يقل خطوة عن مخطط إسرائيل وتركيا وبقية الأطراف الأخرى فهي تحاول إقامة الهلال الشيعي مروراً بالعراق وسوريا وصولاً إلى لبنان وما يجري في اليمن يدخل ضمن ذلك المخطط مع العلم أننا في سوريا لا نعير هكذا أمور أي اهتمام ومتمسكين بمبدأ التعايش الأخوي المشترك بين كافة أطياف الشعب وهنا لابد من التنويه إلى ما قاله الرئيس عبد الناصر قبل حوالي 60عاماً ( هناك ثلاث دول معادية للأمة العربية إسرائيل وتركيا وإيران ويجب أخذ الحذر منهم) من هنا وحتى لا نكون جميعاً سبباً في ضياع وطننا على مجلس سوريا الديمقراطية الإصرار على الحوار مع النظام وكافة الأطراف الوطنية الأخرى ومطالبة الائتلاف قطع علاقاته بتركيا إذا أراد أن يكون طرفاً في الحوار مع النظام وكافة الأطراف الوطنية الأخرى ومطالبة الائتلاف قطع علاقاته بتركيا إذا أراد أن يكون طرفاً في الحوار السوري- السوري لأن تركيا تعد بالنسبة لنا نحن السوريين دولة محتلة ومعتدية، والخطأ الذي وقع فيه الأخوة في الائتلاف هو الوثوق بتركيا والارتماء في أحضانها مع أن هناك مثل شعبي يقول (عدو الآباء والأجداد لا يمكن أن يكون صديقاً للأحفاد).
ختاماً: ولكن ومع كل ما سبق ذكره فإنه على قدر أهل العزم تأتي العزائم تأتي, ولو لم يكن شعبنا السوري عظيماً وينتمي إلى جذور حضارية راقية ما تآمر عليه العالم كله وما حصل له كل الذي حصل من ويلات، وحتى نتمكن من إفشال المخططات التآمرية لابد من وضع المصلحة الوطنية فوق كافة الاعتبارات الأخرى ورص الصفوف والعمل معاً وترك الخلافات جانباً ورفع شعار ( الوطن في خطر ) وعلينا أن ندرك أن عكس ذلك لن يكون سوى الخراب والدمار وإراقة المزيد من الدمار وهذا ألا يتمناه أي سوري يحمل ذرة من الوطنية وأن نبني سوريا أحلى تليق بشعب الأبجدية ومهد الحضارات ديمقراطية لا مركزية.