No Result
View All Result
المشاهدات 1
فوزة يوسف –
يخرج مسؤولون سوريون بين فينة وأخرى بتصريحات تفيد باستعداد الحكومة السورية للحوار مع الكرد، وهذا شيء جيد من حيث المبدأ ويمكن اعتباره إبداء لحُسن نية في هذا المجال، سوى أن ثمة قضايا كثيرة ومعقدة ومتشابكة إلى حد بعيد في سوريا بحاجة حتى تُحل إلى خارطة حل متكاملة وشاملة وتتجاوز مرحلة التصريحات، بيد أنه حتى اليوم ما تزال الحكومة السورية تجتر الأساليب نفسها في تعاملها مع الأزمة السورية ومستجداتها على مدى سبع سنين والتي يمكن تلخيصها بعدم الرغبة في التغيير والاصرار على العودة إلى ما قبل 2011.
ينبغي على كل من يرى نفسه مسؤولاً في سوريا بمن فيهم الحكومة السورية أن يدرك أن كل شيء قد تغيّر في سوريا ولم يبقَ شيء على حاله كما كان في عام 2011. قد تكون سياسة إطالة الأزمة والمماطلة في إيجاد الحلول قد خدمت الحكومة السورية على استعادة فرض سيطرتها على كثير من المناطق التي كانت قد خسرتها سابقاً. ولكن؛ استعادة السيطرة عسكرياً لا يعني البتة استعادة السيطرة سياسياً واجتماعياً أو أن عملية الإدارة ستكون سهلة؛ ذلك أن الجرح الذي ألمَّ بالجسد السوري جرح عميق وليس من السهل علاجه إلا إذا تمت مصالحة حقيقية تُطمئن كل الأطراف، وهذه المصالحة لا يمكن لها أن تتم إلا بتحقيق حل ديمقراطي وعادل للقضايا الشائكة بعيداً عن سيكولوجية الثأر والانتقام والتعصب القومي والديني والمذهبي ولا بد من القول إن اعتماد التوافق هام جداً في أسلوب التعامل مع القضايا.
سياسة القمع والحرب لم تجدِ نفعاً وأدت إلى ما نحن عليه اليوم. لذا؛ ثمة حاجة كبيرة إلى إعادة النظر في هذه الأساليب واستنباط الدروس. النهج الذي تتبعه الدولة السورية على أساس أنها انتصرت وأنها كانت على حق وعلى كل القوى السياسية والاجتماعية أن تطلب العفو منها سيأتي بأزمة وحرب جديدتين تقضي على ما تبقى من سوريا، فلا منتصر في الحرب السورية.
عندما نتكلم عن مئات الآلاف من الضحايا من شباب وشابات سوريا وتشريد الملايين من سكانها واحتلال أجزاء من الأرض السورية وتحول باقي الأراضي السورية إلى مناطق نفوذ، عن أي انتصار يمكن التحدث!. إن أي حديث عن أي انتصار مشروط بتحقيق تغيير بنيوي يضمن حقوق جميع مكونات الشعب السوري وعندما نضمن تغيير كهذا يضمن حقوق مكونات الشعب السوري ومعتقداته حينها يمكن الحديث عن انتصار ما وأن الدماء التي أُريقت لم تذهب سدى، وعلى النقيض من ذلك؛ اذا تم الإصرار على استخدام الأساليب والمقاربات القديمة واستخدام القوة في سبيل ذلك لن يؤدي سوى إلى عراق جديد يفرخ أزمات وحروب لا نهاية لها.
هناك أزمة كبيرة في الشرق الاوسط فيما يتعلق باستنباط الدروس من التاريخ وتجارب بعضنا البعض بسبب التزمت الفكري المهيمن. لذا؛ تجد أن هذا التاريخ عبارة عن حلقة مفرغة تدور على نفسها وتخلق الأزمات نفسها في أوقات وأماكن مختلفة بأسماء مختلفة و تنتج المآسي نفسها.
ما يدور في العراق وسوريا وتركيا وإيران وليبيا وكل الدول المشابهة هو نتيجة الإصرار في التعامل مع القضايا الشائكة والكبيرة بالأساليب العقيمة نفسها والافتقاد لقوة المعنى الاجتماعي الذي يمكنها من تحقيق الأفضل. لذلك؛ تحولت المنطقة إلى مقابر بسبب ممارسة السياسة التي تهدف للقتل و ليس الحياة.
سوريا اليوم على مفترق طرق إما أن تسلك الطريق الذي سلكته العراق إما أن تأخذ لنفسها طريقاً على أساس سوريا ديمقراطية وتصبح دولة رائدة في المنطقة.
No Result
View All Result