يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: “سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا”، حينما نبحث عن هذه السنة، سوف نجد إنها الاختلاف الذي يؤدي في النهاية إلى الإيمان بالمصير الواحد لكل شيء موجود، وهو الرجوع إلى الله عز وجل؛ لأننا إذا تفكرنا فيما حولنا، نرى أن كل شيء له بداية ونهاية، فالمخلوقات التي نسميها حية من “إنسان وحيوان ونبات”، كلها تبدأ بالولادة، ثم تمر بحالة الطفولة الضعيفة، ثم بحالة الشباب القوية، ثم بحالة الشيخوخة الضعيفة، وبعد ذلك تكون النهاية بالموت، وهذه من السنن المؤكدة، التي تجري أمام أعيننا، ولا يستطيع أحد الهروب منها، يقول الله سبحانه وتعالى: “قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ”، ويؤكد أيضاً بقوله: “كلُّ نَفسٍ ذائِقَةُ المَوتِ وَإِنَّما تُوَفَّونَ أُجورَكُم يَومَ القِيامَةِ”، وأيضاً إذا تعمقنا في البحث، سنجد أن الجمادات هي أيضاً لها بداية، ومراحل ضعف وقوة، ثم النهاية والزوال، ولكن لا يسمي الله سبحانه وتعالى زوال الجمادات والظواهر الطبيعية والنجوم والأفلاك بالموت، بل يقول: “كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ۚ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ”، فجمع كل شيء في هذه الآية، وقضى عليه بالهلاك، وإذا تعمقنا أكثر فأكثر في مشاعر الإنسان نفسه وفي توجهاته وفي إيمانه بأفكار وفلسفات وإيديولوجيات، وحتى بأفكاره العقائدية والدينية نجد إنه يمر بالمراحل نفسها في سنة الله التي لا تتبدل ولا تتحول وهي البداية، فالضعف فالقوة فالضعف ثم النهاية، إذا لاحظنا كم من الأديان وكم من الفلسفات وكم من الأحزاب والتجمعات العقائدية الصغيرة والكبيرة كيف بدأت في طور الولادة، ثم مرت بالضعف، ثم اشتدت وأصبحت قوية وذات تأثير كبير في المجتمعات، ثم إنها توجهت إلى الاضمحلال والنهاية والزوال، أديان بكاملها اندثرت وما بقي لها اتباع فلسفات، ذهبت طوائف ومذاهب وموروثات شعبية وفلكلور، وعادات شاهدناها في واقعنا كم كان لها القوة والسيطرة والوجود الحي، ثم إنها ضعفت شيئاً فشيئاً، إلى أن انتهت وأصبحت في طي النسيان، ولكن الله سبحانه وتعالى لا ينسى شيئاً، فهو يقول: “إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ”، لذلك على الإنسان أن يفكر كيف بدأ؟ وماذا يفعل وإلى أين سيذهب؟ مع الأسف سوف ينتهي ويموت ويزول رغماً عنه، وستبقى آثاره تشهد عليه أمام الناس وأمام الله.