تعتبر العشيرة المؤسسة المجتمعية التي يدلف إليها الناشئ منذ ولادته، إذ يتخطى الفرد مرحلة صباه إلى مرحلة الشباب؛ لتعبر العشيرة عن شبكة من العلاقات الاجتماعية، والسياسية الجديدة. وتمثل العشيرة الدائرة الاجتماعية الأكثر اتساعاً وفق العلاقة الاجتماعية المبنية على التعارف في عدد من الأمور؛ أبرزها الأصالة والعراقة.
تتميز العشائر بمفاهيم كثيرة؛ منها التسابق في الأخلاق الحسنة، والصفات الطيبة، ولا بد من الإشارة إلى أن التعارف القبلي لا يتحقق إلّا بالتمايز، أي عند تمييز كل قبيلة عن القبائل الأخرى بالاسم، والنسب، وفي تطبيق القيم، والتقاليد، والعادات، والأعراف، كما ينبغي أن يكون هدف هذه القبائل من هذا التعارف، هو التعاون على البر والتقوى. ولا شك أن مدينة منبج وريفها تشكل لوحة فنية من العشائر والقبائل العربية، إضافة إلى المكونات الأخرى مثل؛ الكرد والتركمان والشركس، وسنكمل في التقرير الثاني عن سلسلة العشائر العربية في لقاء خاص أجرته صحيفتنا “روناهي” مع الباحث؛ محمد حسام الشواخ.
عشائر بني سعيد، التسمية والتوزع
وأشار الباحث محمد حسام الشواخ في حديثه عن عشائر بني سعيد، فقال: “إن من أشهر عشيرة الغنايم؛ ويعود سبب تسمية هذه العشيرة العريقة؛ نسبة إلى جدهم غُنم، والتي بيدها مشيخة عشائر بني سعيد، ويتوزعون حالياً في مدينة منبج وقرية الشيخ يحيى والبالي (أم عدسة قرب منبج) والمنكوبة وشويحة خزناوي وتل عرش والعلوش والسواجرة والخردة ولابدة الغنايم، وينتشر بعض منهم في قرى عديدة مثل قرية غنمة وكابر صغير(العبوات) وخريجة وأم الصفا وغيرها”.
كما وذكر أن هذه العشيرة سميت بهذا الاسم؛ نسبة إلى جدهم سعيد الأول بن قُطرة بن طي، وهو بن أسعد السعدون باشا بن محمد بن قرير آل حميد، ونسب هذه العشيرة يرجع إلى الصحابي الجليل لقيط بن عامر بن المنتفق، وتتوزع هذه العشيرة حالياً في مدينة منبج وجنوبها وشمالها وغربها في القرى التالية: (أم ميال – الصيادة – الصابنجي – أم السطح – قرعة كبير غربي – قرعة كبير شرقي – قطمه بني سعيد – غويران) ويتواجدون في قرية محترق كبير ومحترق صغير، ومن أفخاذ بني سعيد (الرعود والبهيات).
عشائر “العون وحمد العلي والعثامنة والخرّاج”
وتابع قائلاً: “أما عشيرة العون: وتعود سبب التسمية إلى جدهم محمد عون بن عثمان آل فحل الخليل، ولها ثلاثة بطون: أولاً: العمارات نسبة إلى جدهم عمر، وأفخاذهم: 1- السلوات، وينتشرون في قرى أغلبها في عون الدادات والجرنة وجب أبيض ومدينة منبج. 2- العلاوشين، وذلك نسبة إلى جدهم علي أو علوش، وينتشرون في مدينة منبج والجرنة وقلعة نجم وعون الدادات. 3- فخذ العكوش، ويتواجدون في عون الدادات والعوسجلي غربي منبج. 4- فخذ السوالمة: نسبة إلى جدهم سالم، وينتشرون في حسين الشيخ وعون الدادات. أما بالنسبة لعشيرة حمد العلي “المراشدة”، وأفخاذهم، هي: 1- المحاميد. 2- العويسات. 3- الذيابات “البو شداد”، ويسكنون في منبج والمروح وقرى متفرقة في منطقة منبج والخالدية. 4- المراشدة. وفيما يخص عشيرة العثامنة: فيسكنون شرق منبج، شرق نهر الفرات، في قرى كبيرة، أشهرها صرين والجعدات والغصن والقبة. وشيخ عشيرة العون، هو الشيخ جاسم الديكان.
وأضاف أن عشيرة الخراج: تتوزع على نطاق جغرافي أيضاً بعيداً عن منبج في دير حافر، وكانت دير حافر تسمى بدولة الخراج، ولهذا السبب سُمُّوا بالخراج لأنهم كانوا يجمعون الخراج من العشائر، أي “الجزية”. والجزية هي عُشر المال لفحل الخليل من العشائر الموالية له من حلب، وتحديداً (ظهرة عواد)، ويتوزعون في قرى ألباش والبوير وزنقل وطوق الخليل وعرب حسن ومزرعة بوزكييج شمالي ومشرفة البوير. وقول العتابة المشهورة لهذه العشيرة:
“خذينا اللباج من شهبا المدينة
وشمطنا شارب العائل بإدينا
كم قرمة قتلنا وما أدينا
ولا رحنا دحايس للأجناب”
عشيرة الغلاظ، التسمية والتوزّع
وبيّن الباحث محمد حسام الشواخ أن سبب تسمية عشيرة الغلاظ بذلك، يعود إلى أخوين شديدي المراس ذوي بنية جسدية قوية وأجسام ضخمة وبأس شديد، قدما من منابع نهر الفرات في تركيا، لأسباب ومشاكل مع أقاربهم في المنطقة هناك، مع أمهما وأختهما وسكنوا في وادي الساجور في بدايات القرن الثامن عشر 1700م، وكان يقيم في المنطقة شخص اسمه “زرعد” ذو بأس شديد يرهب منطقة الساجور وما حولها، فحدث أن تعرض زرعد لشاهر وجربوع أكثر من مرة، فقام جربوع بغرس ناب عصا في قلبه فقتله، وعندما سأل أهل وادي الساجور عمن قتله، قالوا: “قتله الأخوان الغلاظ ” فما كان إلا أن أطلق لقب الغلاظ عليهم ونزحوا باتجاه جنوبي منبج للعيش في المسطاحة وتلال الحوذان واستقروا هناك.
وأضاف: “عشيرة الغلاظ عشيرة مستقلّة، تقطن في منطقة منبج؛ الواقعة في شمال شرق حلب على ضفة نهر الفرات الغربية وجنوب نهر الساجور منذ أوائل القرن التّاسع عشر، حيث سكن حسن الحنظل فيما بات يعرف الآن بحي الحنيظل، وقد كان سابقاً قريةً تسمى قصر بنات العرب سابقاً، وذلك بحدود عام 1800م – 1870م، وتبدأ حدود قصر بنات العرب من الملعب البلدي شرقاً حتى غربي منبج غرباً وشمالاً إلى نهر الساجور، وكان معظم سكّان مدينة منبج من الشركس، والغلاظ، هم أوّل من سكن منبج من العشائر، وحدثت بعض الصراعات الدامية مع الشراكسة واقتتلا على ملكية الأرض. وتتكوّن عشيرة الغلاظ من فخذين فقط هما الشّواهرة والجرابعة. كما يتوزّع معظم أبناء عشيرة الغلاظ في مدينة منبج وريفها، وهي كالتالي: جب الحمام مسطاحة (الكدرو)، رسم المسطاحة (الرسم)، تل حوذان (أكبر تجمع سكاني قروي في ريف حلب)، الصّغيرة (العثامين)، شويحة خزناوي، بوزكييج، وحي الحنيظل في مدينة منبج، حي السرب في شمالي منبج. ومن أبرز وجهاء عشيرة الغلاظ عموماً؛ الشيخ سعد الدين حنظل والمرحوم الحاج عيسى المحمّد”.
عشيرة البوبنه؛ التسمية والنسب والتوزّع
الباحث محمد حسام الشواخ أوضح أن عشيرة البوبنا من كبرى العشائر، وهناك روايتان تخص سبب هذه التسمية؛ الأولى تقول أن شخصاً كانت له نية بالذهاب إلى الحج، ويقال بالناوي للذهاب، وسميت “بوبنه”، والرواية الثانية، تقول إن ذلك نسبة إلى جدته، حيث جاءت مع أطفالها، وسميت “بولد بنا” وحُرفت التسمية إلى بوبنا، والأرجح للرواية الأولى.
وأوضح أن عشيرة البوبنه تنقسم إلى عدة أفخاذ؛ منها: فخذ الجعافرة: وهم في قرى الماشي وغرة الكبيرة وغرة الصغيرة ومحشية الطواحين وجب النشامى وقشلة يوسف باشا وحويجة الدرة والنعيمية. وفخذ الأبو أسامة: في قرى خربة السودة وفرس الصغيرة وجديدة الفرس وصندلية الصغيرة وصندلية الكبيرة. وفخذ الأبو سلوم: في قرى حما الكبيرة وأم جرن وحجر الأبيض وفرس الكبيرة وأم عدسة. وفخذ العمر: وفخذ المكالحة، وفخذ الخطاب. وأيضاً يتواجدون في فرس الغانم وفرس العجور وبشار وحماي كبير وحماي صغير وصندلة بمسكنة. واللافت أن المشيخة كانت بيد الشيخ ذياب الماشي الذي كان أقدم برلماني في سوريا.
عشائر النعيم والبو سلطان والحمدون وبني عصيد
ونوه الباحث محمد حسام الشواخ أن عشيرة النعيم يقطنون في قرى قازقلي وبوزكييج وجب الطويل وتعرف نخوتهم بأهل الصفرا. أما عشيرة وِلْد علي: وهم يقيمون في قرى أم عدسة وفارات، ودالي فار، وقسم منهم في جبل البشري. كما وذكر أن عشيرة البو سلطان: تعود نسبتهم إلى محمد الباقر (بكّارة)، أي أنهم عدنانيون، وقراهم تل الرفيع وجب الكلب كبير وجب ناهد وخربة عيوش وقب بنية وهدهد ورسم الأخضر، وعين النخيل، والنواجة صغير، والخطاف، الدناقزة، المشرفة، قره صوخي (السلطانية)، والعلوات، والجات، الماصي، جب حمد الشلال، العطشانة، رمانة، أبو حنايا (النص)، بالإضافة إلى توزعهم في قرى مع عشائر أخرى وفي مدينة منبج أيضاً، وشيخهم الشيخ؛ إبراهيم البعطري السلطاني.
وأوضح أن عشيرة الحمدون، هم أولاد حمد بن محمد الجبر، وهم: الحمدون واللهيب والجغايفة. وبعض النّسابة ذكر الحمدون على أنهم جزء من الجغايفة، والبعض الآخر ذكر الحمدون على أنهم من أجزاء عشيرة اللهيب؛ كوصفي زكريا مثلاً. ولكن الصحيح والحقيقة أنهم أولاد حمد بن محمد بن جبر بن مكتوم، أي أنهم من قبيلة الجبور. وهم في قرى طحنة الصغيرة، وجب الكلب الكبيرة ومجرى وسطاني ومجرى فوقاني ومحترق صغير وسعن الغزال (بوزكييج)، ومزرعة الحمدونية، ومزرعة الحمدون (الواقعة على طريق جرابلس).
وأردف أن عشيرة بني عصيد قد سموا بذلك، نسبة إلى حسين أبو عصيدة الذي كان يعمل بالعصيدة، وهي (أكلة شعبية). وهو حسين بن الأمير مهنا بن محمود بن طالب الذي يرجع نسبه إلى العباس بن عبد المطلب (رضي الله عنه). وأولاد حسين ثلاثة وهم الذين الذي نتج عنهم أفخاذ بني عصيد وهم: (فارس وعنان وطلحة)، وهم على الشكل الآتي: 1- فخذ فارس: ويتواجدون في قرى الحمام الصغير والدوشان والطوال. 2- فخذ عنان: في قرى الحية الكبيرة والحية الصغيرة وخرفان والجوثه. 3- فخذ طلحة: يتواجدون في قرى جب القادر وبير خلو والمغيرات والكاجيه والبرتقلي والجثانه والحمام الكبير. ومن مشيختهم الشيخ إبراهيم اليوسف من الحية الصغيرة. أي أن انتشارهم في الريف الشمالي السوري في محافظة حلب وخاصة في مدينة منبج على ضفاف نهر الفرات.
عشائر الموالي والبوبطوش
وأوضح أن عشيرة الموالي، تعني لغة؛ الحليف والتابع والأجير والخادم والمملوك، وكانت الدولة الفاطمية تستورد هؤلاء الناس من بلاد الترك والقوقاز للعالة الزراعية، وبعدما ضعفت الدولة الفاطمية نمت وقويت هذه العمالة واستولت على الحكم، وحكمت مصر وبلاد الشام مئة وأربعين عاماً، وسمي هذا العهد بالعهد المملوكي، وتعاطف هؤلاء المماليك مع موالي بني هاشم؛ وهم البرامكة من الفرس وعلا شأنهم وصارت الكثير من بطون العرب ينتمون إلى هذا التيار البشري.
كما وذكر أن قبيلة الموالي خليط من أمم شتى من عرب وفرس وترك وشركس، ومن أشهر هؤلاء المماليك الظاهر بيبرس. وقد قضى على حكمهم السلطان سليم الثاني في معركة مرج دابق في عام 1517م وحينها انتقلت البلاد العربية إلى حكم السلطنة العثمانية، ومنها انتشرت هذه العشيرة في سوريا وجاء قسم من هذه العشيرة إلى مدينة منبج.
واختتم الباحث محمد حسام الشواخ حديثه بالقول: “أن عشيرة البوبطوش تعود بنسبها إلى قبيلة العبيد (العراقية) العريقة، ترجع إلى قحطان (طي)، والمعروفة على مستوى الوطن العربي، وبطوش؛ هو بطوش بن مشهد بن كطبة بن حازم بن عبيد. ومن أفخاذ العشيرة: “الحنيشات – العساف – الشديد – البو شيبان”. ويتوزعون في قرية عوسج الكبيرة، في قرى بطوشية وخربة الخاروف ومستريحة ومقبله قرب البيرة والنحلية وعوسج الكبيرة والتريكية وبيلان الحمر وجديدة الحمر. أما مشيختهم الشيخ شبلي اليونس وخَلَفَه في ذلك الأمر ابنه “الشيخ هزاع الشبلي”.