يشتكي سكان ريف ديرك، في أقصى شمال وشرقي سوريا، حيث يعتمد نسبة جيدة منهم على الزراعة وتربية المواشي، من الوضع الاقتصادي المتردي وارتفاع أسعار السلع الغذائية بعد انهيار قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي بشكل غير مسبوق مع تنفيذ قانون العقوبات الأمريكية “قيصر”.
قال عبد الله حاجي خليل (56عاماً)، من سكان قرية “جلو” بريف ديرك، إن بعض سكان القرية يعتمدون في معيشتهم على زراعة أراضيهم وآخرون على تربية المواشي بينما لا يملك البعض الآخر شيئاً.
ولفت إلى أن بعض العوائل كانت تحصل على مساعدات مالية من أولادها بخارج سوريا لكن بعد انتشار وباء كورونا لم يعد بمقدور الأبناء مساعدة ذويهم نتيجة توقف أعمالهم.
وأشار خليل إلى أن انهيار قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأمريكي أثر بشكل سلبي عليهم، وتابع بالقول: “البعض من أهالي الريف لم يعد بمقدورهم شراء فروجة واحدة بسبب ضيق الحال”.
“لا نستطيع شراء شيء”
وأضاف لوكالة “نورث برس”: “على سبيل المثال الراعي الذي يعمل لديّ ربما تمر /10/ أيام ولا يشتري فروجة (…) نأخذ /10/ آلاف ليرة سورية إلى سوق المدينة لكننا لا نستطيع شراء شيء بها فنعود إلى المنزل”.
بدورها اعتبرت حليمة سليمان (53عاماً) من ريف ديرك، أن سكان الريف تأثروا بانهيار الليرة أكثر من أهالي المدن، حيث أن عوائل الريف تصرف ما تملكه من أموال على شراء الأعلاف والأدوية للمواشي.
وذكرت حليمة سليمان، “أنها أخذت معها /23/ ألف ليرة كما اصطحبت معها كميات من الجبنة التي صنعتها بمنزلها بقصد بيعها لشراء مستلزمات بثمنها لكن كل ذلك لم يشتري لها إلا القليل من احتياجاتها”.
ركود اقتصادي ملحوظ
وتشهد أسواق شمال شرقي سوريا، كغيرها من الأسواق السورية، ركوداً اقتصادياً ملحوظاً وارتفاعاً غير مسبوق في أسعار السلع والبضائع، ما أثّر بشكلٍ كبير على القدرة الشرائية للسكان.
بدوره أفاد محمد حمزة حاجي من ريف ديرك (87عاماً)، أنهم كانوا يملكون مواشي يعتمدون عليها بمعيشتهم لكنهم اضطروا لبيعها بسبب تقدمهم بالعمر وعدم قدرتهم على تربيتها، فباتوا يعتمدون على راتب ابنهم الذي يعمل في مطعم في المدينة إلا أن راتبه بالكاد يكفي لشراء أدويتهم، كما يقول.
وأضاف: “عندما أذهب للسوق يجب أحمل معي من /100-200/ ألف حتى أستطيع شراء بعض المواد كالسكر والزيت والشاي (…) سابقاً كنا نستفيد من بيع الجبنة أو الخراف لكن لم نعد نملكها أيضاً”.
“إنتاج الأرض والراتب غير متكافئين”
وذكر محمد نزير (70 عاماً)، أنه يعتمد على ثلاث هكتارات يملكها وراتب ابنه الذي لا يتجاوز الـ/100/ ألف ليرة وإنهما لا يلبيان حاجتهم، “إنتاج الأرض والراتب غير متكافئين مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والبضائع”.
وتابع “أصبح سعر كيس السكر أكثر من /100/ ألف، كل منزل يحتاج أسبوعياً أقل شيء إلى /50/ ألف من أجل تدبير أمورهم، كما أن المرضى ليس بمقدورهم التداوي بسبب ارتفاع أسعار الدواء”.
وشكلت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، الأسبوع الفائت، خلية أزمة اقتصادية للعمل على دعم الإيرادات العامة وتنويع مصادرها وترشيد النفقات وتوجيهها نحو المجالات التي تساهم في التنمية وإنعاش الاقتصاد المحلي والعمل على خفض أسعار السلع الغذائية.
وانتقدت الإدارة الذاتية، في وقت سابق تهميش الولايات المتحدة الأمريكية للجانبين الاقتصادي والسياسي في مناطقها من قانون “قيصر”، وذلك خلال اجتماع للرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي مع السفير الأمريكي وليم روباك مؤخراً.
وتشهد البلاد أزمة اقتصادية نتيجة النزيف المستمر لليرة السورية مقابل الدولار تزامناً مع تطبيق قانون “قيصر” الذي فرضت بموجبه الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على الحكومة السورية ومن أجل تحقيق ضغط سياسي في سبيل تغير نظام الحكم.