سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

ست سنوات من النضال مفعمة بروح المرأة

تقرير/ دلال جان –
روناهي/ الحسكة ـ ثورة روج آفا، ثورة التاسع عشر من تموز هي ثورة المرأة الحرة، هذه الثورة التي رسخت في صفحات التاريخ، وأصبحت مثالاً يحتذى به العالم، ثورة شارك فيها كل فردٍ تواق لحرية الشعوب من كردٍ وعربٍ وسريان, صغيراً وكبير، رجلاً وامرأة، ولم يتوانوا للحظة عن تلبية ندائها.
كانت ثورة روج آفا مليئة بالتضحيات والنضال، وكتبت أحداثها بكل التفاصيل والخطوات بدماء المئات من الشهداء الذين سطروا بدمائهم الزكية الطاهرة أروع ملاحم البطولة والفداء، ثورة تركت المرأة فيها بصمة شرف بتضحياتها النبيلة.
ومع مرور ست سنوات، لازالت المرأة تُضحي بكل نفيس وغال من أجل الحفاظ على مكتسبات ثورة 19 تموز، لتبرهن للعالم ولشهيدات حرية الشعوب أنَّ مقاومتهن لبناء مجتمع ديمقراطي حر تسوده العدالة الاجتماعية وتحقيق الحياة الندية الحرة لن يذهب سدى، بل سيعملن بكل طاقتهن لاستمرار النضال والكفاح حتى نيل جميع حقوقهن التي سلبت منهن.
ثورة أخوة الشعوب
وبهذه المناسبة كان لصحيفة روناهي استطلاع مع بعض النساء لأخذ آرائهن بمناسبة مرور ست سنوات على الثورة.
فاطمة محمود حمزة من الشعب العربي تقول: «في البداية الرحمة لجميع شهداء الحرية والسلام، هؤلاء الذين زرعوا في نفوس الأحياء ثقافة المقاومة والتضحية، فقد استمدت ثورة التاسع عشر من تموز في روج آفا وشمال سورية مقاومتها من مقاومة السجون، مقاومة 14 تموز، حيث غيَّرت الثورة نِظرة العالم تجاه روج آفا، التي حققت انتصارات عظيمة واعتبرت مرحلة تاريخية بكل معانيها، وأعطت الثقة بالنفس والقوة للشعوب التي تعيش في شمال سورية، والتي أكدت من خلال الثورة حقَّها في العيش المشترك وأخوة الشعوب وممارسة كل شعبٍ وطائفة ثقافته الاجتماعية وبلغته الأم، بعد أن كانت الأقليات كالشعب الكردي النبيل منعت من أبسط حقوقها كالتحدُّث والتعلُّم باللغة الأم، ولكن مع ثورة 19 تموز استطاع الشعب الكردي العريق أن يثبت وجوده في المنطقة والعيش بحرية وإدارة شؤونه بنفسه، بعد الإعلان عن الإدارة الذاتية الديمقراطية التي أصبحت مثالاً تاريخياً يحتذى به لحل الأزمة السورية، وحماية جميع الشرائح والمكونات، فمقاومة كوباني أكدت للعالم على أنه لا يمكن لأية قوى إرهابية أن تكسر إرادة الشعوب القاطنة في شمال سورية، وأننا في روج آفا وشمال سورية بجميع المكونات سنقاوم ونضحي من أجل الحفاظ على المكتسبات التي حققتها ثورة 19 تموز».
ومن جهتها تحدثت شكرية محمد التي تعمل في مجال التربية والتعليم وقالت: «تعتبر الثورات ظاهرة اجتماعية تعكس الصراعات والمشاكل التي تحدث في مجتمع ما، وتهدف دائماً إلى التخلص من القديم لتطرح نموذجاً جديداً من خلال فلسفة أيديولوجية أخرى، وشهد التاريخ قيام العديد من الثورات في الشرق الأوسط ضد الأنظمة الدكتاتورية والمستبدة التي اضطهدت المجتمع، إلا أن هذه الثورات كانت تقابل بالمجازر والقتل والإبادة الجماعية، فلم تستطيع أي ثورة في العالم أن تشهد تغييراً جذرياً كما حدث في ثورة التاسع عشر من تموز، فقد استندت الثورة منذ بدايتها على فلسفة وفكرٍ ثوريٍّ عميق، وارتكزت مقوماتها على إيجاد البديل السياسي، لأن غياب الخط السياسي للثورة سيكون مصيره الفشل، كما حدث لبعض الدول خلال ثورات الربيع العربي، بسبب افتقارها إلى فكرٍ ثوري يدير توجه الثورة، وجاءت نتيجة غضب شعب حاول أن يكسر جدار الصمت والخوف الذي عاشه منذ عقود دون أن يكون له قاعدة ثورية يستند عليها».
وأكدت: «على أنَّ الثورة في روج آفا وشمال سورية استندت إلى فلسفة وفكر عميق وضع أساسها المفكر عبد الله أوجلان، وفعلاً يجدر بنا أن نسميها باسم الثورة الشعبية لأن أسباب اندلاعها كان من أجل بناء المجتمع الديمقراطي، ولم تكن من أجل الوصول إلى السلطة أو المناصب، على عكس ثورات الشعوب الأخرى، فاستطاعت إحداث تغيير مجتمعي وبناء مجتمع ديمقراطي حر من خلال الفكر الأوجلاني الذي نادى بالتعايش المشترك وأخوة الشعوب على مبدأ الأمة الديمقراطية، وأصبح بمثابة النهضة لشعوب الشرق الأوسط، وكانت ثورة كوباني ثورة شعب ثائر يتبنى قضية شعب لطالما تمنى الحرية بعد أن تعرض للإبادة العرقية والثقافية، وعانى على أيدي الأنظمة المستبدة الظلم القومي والطبقي».
وأشارت شكرية: «إلى تحكُّم الأنظمة بمصير الشعب الكردي وبخاصة المرأة الكردية التي عانت من السلطة والذهنية الذكورية، وحرمانها من الوظائف الحكومية وعملها في الدوائر الرسمية، الأمر الذي أدى إلى تقويض دورها في بناء المجتمع، لذلك اهتمت ثورة روج آفا بإعادة تنظيم المرأة من خلال التدريب وتعريف المرأة بهويتها وشخصيتها ودورها الفعال في بناء المجتمع، واستطاعت بجدارة أن تبرز دورها في جميع مجالات الثورة الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والسياسية والفكرية، ومن خلال عملها الدؤوب ضمنت حقوقها في العقد الاجتماعي للإدارة الذاتية الديمقراطية بنسبة 50 بالمئة في الحياة الإدارية والسياسية، على عكس ثورات العالم التي شاركت فيها المرأة كل تفاصيلها، لكن بعد أن وضعت الثورة أوزارها وأخذ كل ذي حق حقه، أخرجت المرأة منها بلا حقوق لتصطدم بالواقع المرير واعتبارها مجرد أداة لإنجاح ثوراتهم».
فكر الأمة الديمقراطية هو الحل للأزمة السورية
وقالت العضوة في لجنة المرأة الشابة بالاتحاد السرياني هبة آسيا: «المجتمع الديمقراطي الحر لا يمكن أن يكون مجرد كلمة بسيطة يتداولها المفكرون والنقاد والفلاسفة في كتبهم فحسب، ولكن من خلال تجربة الشعب في روج آفا هو مفهوم يتجسد في نظرية الأمة الديمقراطية والإدارة الذاتية الديمقراطية التي كانت من أهم منجزات ثورة 19 تموز، والتي أصبحت حلاً سياسياً ناجحاً لمكونات روج آفا وشمال سورية، ولجميع مناطق سورية، حيث ارتكزت الثورة على إرث فلسفة وأيديولوجية ثورية من فكر القائد الأممي عبد الله أوجلان في الأمة الديمقراطية والتي حررت الشعوب في شمال سورية من ظلم الأنظمة البعثية المستبدة، إلى نظام الإدارة الذاتية الديمقراطية الذي يوحد جميع شرائح المتواجدة من كرداً وعرباً وسريان، دون تمييز عنصري أو طبقي قومي بينهم، بعد أن كانوا يعانون ضياعاً اجتماعياً وسياساً وثقافياً، بخاصة المجتمع الكردي الذي كان أكثرهم اضطهاداً، وقاوموا في الكثير من الثورات هذه الأنظمة ومنذ عقود لكي لا تضيع ثقافتهم ولغتهم الأم التي كانت مهمشة من قبل الأنظمة الحاكمة، ومنذ بداية الثورة أخذ الكرد في بناء منظماتهم ومؤسساتهم الديمقراطية وبمشاركة جميع الفئات من الشبيبة والمرأة والطلبة، وأخذت المرأة فيها مكانة متميزة من خلال عملها الدؤوب ونضالها الثوري من أجل بناء مجتمع أخلاقي حر، وحياة ندية حرة ونشر العدالة والمساواة الديمقراطية في روج آفا».