تمكنت حفيدة العلامة أحمد سوسة الكاتبة سارة الصراف من الحفاظ على إرث جدها الثقافي وإعادة تأهيل بيته “دار سوسة للثقافة” ليكون منتدى للثقافة والعلوم.
أكدت الكاتبة والإعلامية سارة الصراف، أن بيوت العلماء هي منارة للأجيال القادمة وأنها ليست ملكاً لأصحابها، بل هي مزارات للعراقيين يكتسبون منها فكر وتاريخ ونتاجات أسلافهم ممن قدموا للبلد خبراتهم.
السير على خطا والدتها
وكرست وقتها وجهدها لتحقيق حلمها والسير على خطا والدتها الدكتورة عالية أحمد سوسة وإحياء ذكرى جدها، العالم والمؤرخ العراقي أحمد سوسة من خلال تأهيل داره ليكون منبراً للثقافة والأدب “دار سوسة للثقافة” في العاصمة بغداد، مما يعكس عمق ارتباطها بالتراث الثقافي والتاريخي للعراق، وعزمها على الحفاظ على الإرث الثقافي لجدها من خلال افتتاح داره للثقافة في مجلس أسبوعي يثري عقول الأجيال ويجعل التاريخ يتنفس من جديد، وحول تفاصيل هذا المشروع كان لوكالة أنباء المرأة لقاء مع الكاتبة والإعلامية وحفيدة المؤرخ أحمد سوسة سارة الصراف.
الهدف من إعادة تأهيل “دار سوسة للثقافة”
وحول هدفها من إعادة تأهيل دار سوسة للثقافة؛ قالت سارة: “الدافع الأول والأهم هو الدافع الوطني فبيوت العلماء هي منارات للأجيال القادمة وهي ليست ملكاً لأصحابها، بل هي منارات للعراقيين يكتسبون منها فكر وتاريخ ونتاجات أسلافهم ممن قدموا للبلد خبراتهم، الدافع الآخر هو ارتباطي بهذا البيت الذي قضيت فيه ثلاثة عقود من حياتي، كما أن هذا الدار شهد زيارات ولقاءات إعلاميي العراق منذ بنائه في عام 1938 وحتى مقتل والدتي الدكتورة عالية أحمد سوسة في 19آب 2003. أما المكتبة فستكون مرجعاً للباحثين وهذه أهميتها الحقيقية، وهذا برأيي الذي سيخلد اسم صاحبها فهو قضى جل حياته يجمع المراجع والكتب التي استند إليها في نتاجه العلمي الذي يربو على الخمسين مؤلفاً بين كتاب وبحث ومقال وأطالس.
ونشهد اليوم مناخاً ثقافياً مشجعاً خلال السنوات الأخيرة في العراق، وهذا ما شجعني على العودة بعد عقدين من الاغتراب حيث اتخذت قرار العودة إلى الوطن، وبدء مشروع دار جدي وتحويله متحفاً لآثاره ومركزاً ثقافياً شاملاً، وللحقيقة أنا محاطة بدعم معنوي وتجاوب كبيرين من الناس، والتحديات بالتأكيد موجودة ويومية لكنني مؤمنة أن الأهداف الكبيرة تستحق التضحيات والعناء”.
أهمية الحفاظ على الإرث الثقافي
وأضافت: “بعد عقود من انشغال العراقيين بالبحث عن أمنه وقوته، أصبحنا بأمس الحاجة إلى منارات للإلهام ومراكز تنوير وقدوة للجيل الحالي، وافتتاح المراكز الثقافية في كل أنحاء العراق، لتصبح بقعاً من الضوء يجب أن تكبر وتستقطب العدد الأكبر من العراقيين، وأعتقد أن إعادة الروح لبيوت إعلاميي العراق سيساهم في تعزيز الشعور بالهوية والانتماء مما يعزز من ثقتهم بأنفسهم وبتراثهم الثقافي ودراسة تاريخ العلماء وتفكيرهم، كما يساعد في تعزيز الفهم المتبادل بين الأجيال المختلفة، وفي إرساء قيم الوحدة والتعاون وهذا التفاهم يمكن أن يكون أساساً قوياً لتطوير المجتمع بشكل إيجابي”.
وحول المشاريع المستقبلية لها؛ قالت: “الانطلاق من “دار سوسة للثقافة” وهو متحف لنتاج العلامة الدكتور أحمد سوسة وهو مركز ثقافي متكامل يستقبل النشاطات الثقافية والاجتماعية وهو هدفي الأول ومنه سأخطط للتوسع ضمن الدار لإتاحة الفرصة لدراسة البحوث والمقالات والدراسات في الحضارة والتاريخ التي تركهما العلامة الراحل، وإقامة المؤتمرات والحلقات البحثية عنها محلياً وعالمياً وهناك الكثير من الخطط والأفكار التي تمدني بالحماس والحافز للاستمرار”.
وتابعت سارة: “الزائر “لدار سوسة” سيذهب في جولة عبر التاريخ انطلاقاً من الحلة مسقط رأس سوسة ومدينة الأثيرة مروراً بمدن العراق كافة وسيطلع على الصور والوثائق التي تحكي قصة بلاد الرافدين وعظمة حضاراتها في مجال الري والخرائط والحضارة. عندما توفي جدي كنت في السابعة، لكنني تعرفت إليه أكثر عندما تولت والدتي مهمة حفظ إرثه وفتحت الدار ليستمر مجلسه الأسبوعي، وعملت على طبع كتبه التي لم يسعفه الوقت لترى النور في حياته وإعادة طبع النافد منها”.
النصيحة لمن يرغبون في الحفاظ على التراث الثقافي؟
واختتمت الكاتبة والإعلامية سارة الصراف حديثها بالقول: “مسألة الحفاظ على انجازات مهمة ومشرفة للأجداد تصب في مصلحة الوطن أولاً، فتخليد الأثر وجعله منارة للجيل هو الهدف الأسمى، أتمنى ألا أرى منزلاً لأي عالم عراقي يهدم أو يتحول إلى بناء جديد بدعوى الإرث؛ لأن تلك البيوت هي ملك للعراقيين ومن حق العراق أن يعود إلى منارات الإلهام، لنوثق تاريخهم ونخلد ذكراهم ليصبحوا قدوة لمن يأتي بعدهم”.