روناهي/ الشدادي- زواج الحيار عادة قديمة اتبعها المجتمع العشائري بشكل خاص لتكون نادرة الوجود اليوم، ونتائج تلك العلاقة أدت إلى تلاشي هذه العادة تدريجياً
زواج الحيار من العادات القديمة ضمن المجتمع العشائري، وكثرت في مناطق شمال شرق سوريا، خصوصاً في المناطق التي كانت تحكمها الأعراف والتقاليد العشائرية البالية, ولكنها بدأت بالتلاشي والاندثار رويداً رويداً مع الوقت، حيث ساد الوعي والانفتاح بين عموم الناس نوعاً ما، وأصبح للمرأة الحق والحرية في اختيار شريك حياتها، فهل لا زالت موجودة؟ وكيف ينظر إليها المجتمع في الوقت الحاضر؟؟؟
الحيار كلمة مشتقة من الحيرة أي جعل المرء في حيرةً من أمره, ومعنى كلمة زواج الحيار هي جعل الأهل في حيرة من أمرهم عندما يريدون تزويج بناتهم، وأصل هذه العادة جاءت من المجتمعات القبائلية، فقد كان الأب يعد “يعطي كلمة” أحد أقاربه بتزويجه من المولودة منذ ولادتها عندما تكبر، ويقول هذه الطفلة عندما تكبر ستكون لفلان “أي أحد أبناء إخوته أو عمومته”, وهنا يكون قد حكم على هذه الطفلة بالزواج من أحد الذين وعدهم بالزواج منها!!!.
هل اندثرت عادة الحيار
ومن ناحية أخرى فقد يحصل أثناء خطبة إحدى الفتيات أن يدخل أحد أبناء عمومتها، ليقول هذه الفتاة “محيرة لي”، والقصد منه منع الزواج دون الرجوع إلى رأي الفتاة.
وقد حصل هذا الأمر في الكثير من العائلات، قصص مختلفة تظهر كالشاب الذي حير ابنة عمه وتزوج غيرها ومنع الفتاة من الزواج من شخص غيره, ولا يحق لأي شخص كان التدخل أو التكلم بهذا الموضوع كون الشاب يتبع أعراف وتقاليد متداولة بين أبناء العشائر والقبائل منذ القدم في المجتمع.
تقول حول هذا الموضوع أمل المصطفى /35 عاماً / من ناحية الشدادي لصحيفتنا “روناهي” أنها منذ زمن بعيد لم تسمع بحالات زواج الحيار قد تم، مبينةً بأن هذه العادة قد اندثرت بين الأهالي منذ دخول الألفية الثانية بسبب زيادة الوعي والنضج الذي وصل إليه أبناء المنطقة, وتابعت بالقول: “أصبح للفتاة الحق في تقرير مصيرها واختيار الشاب الذي يناسبها ليكون شريك حياتها دون تدخل أو إجبار من الأهل”.
تفكك أسري وطفولة تندثر
وتضيف أمل المصطفى بأن زواج الحيار أو زواج الإجبار بشكل عام يورث المشاكل بين الزوجين بسبب عدم اختيارهما لبعضهما مما يولد الحقد والكراهية بينهما نتيجة لعدم تفاهمهما, وقد تتطور هذه المشاكل لتصل إلى حد القطيعة بين الإخوة أنفسهم في حال حدث طلاق أو تطورت المشاكل أكثر، مشيرةً إلى أنه ينتج عنه تفكك أسري يلقي بظلاله على الأبناء الذين يكونون الضحية الأكبر الناتجة عن هذا الزواج.
ماذا يعني “فك الحيار”؟؟؟
حنان السالم / 28 عام / من ريف الشدادي تقول بهذا الصدد بأن مثل هذه الأنواع من الزواج انتشرت غالباً في الأرياف البعيدة عن المدن، منوهةً بأنه يندر وجوده الآن.
وذكرت حنان بعض الدوافع التي كانت تدفع بعض الشباب ليحيروا بنات عمومتهم على حسب بعض الروايات والقصص التي سمعتها، وأضافت بالقول: “حير أحد الشباب بنت عمه لحبه لها دون الالتفات لمشاعرها أو التفكير بمستقبل زواجهما، وهناك من حيرها انتقاماً أو كرهاً بمن تقدم لخطبتها دون توافر أي رغبة للزواج منها أو انتقاماً منها لأنه تقدم لخطبتها ورفضته، وكانت هناك أسباب أكثر فظاعة مما سبق فقد كان البعض مقصدهم طلب مبلغ مالي من الشاب المتقدم لخطبة الفتاة ويسمى: “فك الحيار”.
وتشير حنان في حديثها إلى بعض الأمثال الشعبية التي أطلقت على هذا النوع من الزواج وإحداها: “ابن العم ينزل بنت عمو من عن الفرس”، في إشارة إلى أن ابن العم باستطاعته منع زواج ابنة عمه حتى وإن كان عقد الزواج قد تم، وأثناء ليلة الزفاف نفسها.
تأثيره على الرجل..
وفي سياق متصل يقول سامي السلطان /37 عام/ من ريف الشدادي بأن هناك الكثير من حالات الزواج تحصل بين أبناء العمومة تمت بالرضى والقبول والحب المتبادل بين الطرفين، منوهاً بأنهم أسسوا في ظل زواجهم أسراً سعيدة مبنية على أساس التفاهم والألفة والحب المشترك، مشدداً على ضرورة المحافظة على صلة الدم والقرابة بعيداً عن العادات والأعراف والتقاليد المجتمعية البالية لأبناء العشائر.
وحول رأيه في زواج الحيار وتأثيره على الرجل وليس على المرأة فقط قال سامي السلطان: “زواج الحيار قد يظلم الشاب أيضاً، حيث يضطر إلى الزواج من فتاة لا يحبها إرضاءً لكلمة قد قالها والده منذ زمنٍ بعيد”.
ويذكر أن أبناء العشائر وشيوخ العشائر في الوقت الحالي ينبذون ويدينون مثل هذا النوع من الزواج الذي يحد من حرية المرأة، ويسعون إلى إعطائها الحق والحرية في الاختيار، وكل هذا بفضل الوعي والتطور الكبير الذي حصل مؤخراً في المجتمع.