زهرة البدوي… بريشتها تحدت كل ألوان العجز

تقرير/ سلافا احمد –

روناهي/ كوباني- بلوحاتها الفنية الجميلة التي تظهر مقاومة أهالي عفرين أمام الاحتلال التركي، وأخرى عن معاناة الشعب السوري، ومنها ما تبرز تراث شعوب الشمال السوري، شاركت الفنانة التشكيلية التي تعاني الصم والبكم زهرة بدوي مهرجان الشهيد هوكر الرابع للثقافة والفن في كوباني.

 تحت شعار “انتفضوا، قاتلوا، وحرروا عفرين”، نظم اتحاد شبيبة روج آفا في مقاطعة كوباني مهرجان “الشهيد هوكر الرابع للثقافة والفن”.

مهرجان الشهيد هوكر لإبراز ثقافة شعوب شمال سوريا

حيث نظم المهرجان الرابع باسم الشهيد هوكر للثقافة والفن في كوباني، بهدف إبراز ثقافة وتراث الشعوب القاطنة في الشمال السوري، بمشاركة المئات من شبيبة الرقة والطبقة، وتل أبيض \ كري سبي \ ومنبج.

وتخلل المهرجان العديد من الفرق الفنية التي تمثل ثقافة وتراث جميع شعوب المنطقة من الكرد والعرب والأرمن والسريان، كما تم تقديم عرض لركوب الخيل والإبل، وتنظيم مائدة طعام من قبل نساء كوباني من مأكولاتهم الشعبية، بالإضافة لمعرض للوحات الرسم.

حياة زهرة ومسيرتها الفنية

وشاركت الفنانة التشكيلية زهرة البدوي من مدينة الرقة بلوحتها الفنية في مهرجان الشهيد هوكر بتسعة عشرة لوحة لها، والتي تفيد مقاومة أهالي عفرين أمام الاحتلال التركي، ومنها لوحات تحاكي معاناة الأطفال في الحرب السورية، وأخريات تحاكي تراث وثقافة شعوب الشمال السوري.

الفتاة زهرة التي تبلغ من العمر 30 عاماً، وتعاني من إعاقة الصم والبكم منذ الولادة، من عائلة تتألف من تسعة أفراد، من سكان مدينة الرقة، حيث بدأت زهرة في مسيرتها الفنية وهي في الرابعة من عمرها، وبعد دخولها إلى المدرسة وممارسة هوايتها أكثر، تمكنت زهرة من تطوير نفسها والإبداع.

والدتها كانت من أولى المشجعات لموهبتها

وقد درست زهرة إلى الصف التاسع في مدارس مدينة الرقة، ولم تتمكم من إكمال دراستها بسبب عادات وتقاليد المدينة المتشددة والتي كانت ضد إكمال الفتاة لدراستها، ولكن بالرغم من ذلك لم تتخلى زهرة عن موهبتها وحبها للرسم وطموحها في أن تصبح فنانة متألقة، وبمساعدة والدتها التي كانت من أولى المشجعات لها استطاعت إكمال مسيرتها الفنية، وعملت بجهد كبير على رسوماتها لتظهر كل سحرها وإبداعها فيها.

ومع سيطرة مرتزقة داعش على الرقة لم تخرج عائلة زهرة من المدنية، وكان لهم مثلما كان للمئات من العوائل نصيباً في المعاناة من همجية وظلم مرتزقة داعش، ومع ذلك بقيت زهرة تقاوم كل العواصف والعوائق التي واجهت مسيرتها ووقفت في وجه طموحاتها، وأكملت رسوماتها داخل منزلها بسرية خوفاً من أن يدرك ذلك المرتزقة.

كسرت أغلال الخوف بتحرير المدينة

ومع تحرير قوات سوريا الديمقراطية لمدينة الرقة من مرتزقة داعش، تمكنت زهرة كالألاف من النساء كسر أغلال المرتزقة والخروج من تلك القوقعة المظلمة، حيث قامت زهرة بإخراج موهبتها المخفية من إطار المنزل وبين أربعة جدران، إلى الخارج وأمام مرأى من العالم من خلال انضمامها إلى مركز الثقافة والفن في المدينة.

برسوماتها المتميزة تألقت في المعرض

وبعد اتخاذ زهرة مكان لها في لجنة الثقافة والفن في اتحاد الشبيبة في مدنية الرقة، وبمساعدة وتشجيع أهلها ورفاقها لها، استطاعت أن تكون من المتألقات في المعرض من خلال لوحاتها التشكيلية المتميزة.

وحول مسيرة زهرة الفنية والمقاومة التي أبدتها في سبيل أن تكون فنانة لها مكانتها في مجتمعها، ولأن زهرة تعجز عن الكلام قامت صحيفتنا بأجراء حوار بهذا الصدد مع صديق زهرة البدوي “أنور محمد”، والذي حدثنا قائلاً: “بعد جهدٍ كبير ومعاناة طويلة تمكنت زهرة البدوي من إخراج موهبتها الفنية للخارج، والتي عانت كثيراً حتى حققت ذلك”. وأضاف محمد بأنه في البداية تم حصار موهبتها من المجتمع نفسه بسبب العادات البالية من كون إنه من المعيب خروج الفتاة من المنزل وممارسة مواهبها، ومن ثم كانت المعاناة الأصعب عند دخول مرتزقة داعش، لأن بدخولهم حل الظلام على الأهالي في المدينة وأصبحت المنازل سجن النساء، ورغم ذلك لم تتخلى زهرة عن موهبتها ولو للحظة، بل أظهرت للجميع مدى تعلقها بموهبتها بالإصرار والكفاح في حياتها.

 وأشار محمد إلى أنه بعد تحرير قوات سوريا الديمقراطية الرقة تمكنت زهرة بمساعدة عائلتها ورفاقها من إخراج موهبتها، والآن بكل حرية وفخر تستطيع زهرة الرسم وإبراز موهبتها من خلال لوحاتها المبهرة.

وبحسب اللجنة المشرفة على المهرجان، فأن المهرجان سيستمر في عدة مناطق أخرى، حيث أفادت اللجنة بأن المهرجان سينظم في الرقة أيضاً بتاريخ الـ 25 من تشرين الأول الجاري، وفي قامشلو بتاريخ الـ 30 من تشرين الأول الجاري، وفي الحسكة بتاريخ الـ 5 من تشرين الثاني.

وينظم مهرجان الشهيد هوكر للثقافة والفن بهدف إبراز ثقافة وتراث شعوب روج آفا وشمال سوريا.