سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

رند السامرائي كاتبة تحدت الصعاب لبلوغ حلمها

قامشلو/ دعاء يوسف –

خط قلمها الكلمات، وتراقصت بين يديها الحروف، كاتبة مجموعة من الكتب، والروايات التي تحمل في داخلها جزأ من ذاتها، وكأنها تدون الواقع الذي عاشته في قصص، محققة حلم راودها في الطفولة.
حروف وكلمات جمل وروايات استهوتها لتغوص بين ثناياها سنوات، طريق صعب سارت به الكاتبة “رند عامر السامرائي” من دمشق، ولدت من أم سورية وأب عراقي، وترعرعت في كنف أسرتها التي تعد أول داعم لها لتحقيق أحلامها، وخلق شخصية رند المرأة القادرة على كسر النمطية.
أحبت رند الكتابة فقد لجأت إليها منذ صغرها للتعبير عن ذاتها، ونقلت همومها وقصصها ومغامراتها إلى الأوراق البيضاء، إلى جانب الكتابة كانت مولعة بالقراءة والمطالعة، فرسمت أول الخطا، نحو تحقيق حلمها بأن تكون كاتبة المستقبل، مكملة تحصيلها العلمي، وهي خريجة جامعة دمشق قسم اللغة العربية.
مؤلفات من رحم الواقع 
كان عام 2020 بداية لانطلاقة رند لإصدار كتابها الأول باسم “آلام وآمال”، وحملت قصة الكتاب معاناة المكفوفين كرسالة رند الأولى للعالم؛ لأنها من ذوي الهمم مختارة الكتابة لهم، لتزيل التهميش الذي يتعرض له المكفوف من مجتمعه كالتنمر، والصعوبات التي تواجهه، في عشرة فصول متنوعة، ولكنها روت القصة من جانب آخر أيضاً، فقد أظهرت دور المكفوفين في المجتمع والمدرسة والحياة، وكيف أنهم قادرون على صنع المعجزات، إن أعطاهم المجتمع الفرصة، فهم يحاولون إيجاد فرصتهم، ولو كانت صغيرة ليصنعوا التغيير.
وعن اختيار هذا العنوان للكتاب بينت رند: “أن الحياة تستمر بحلوها ومرها، فنحن نواجه العديد من الآلام، التي تزيلها الآمال، مستمدين من ضعفنا القوة”.
وأصدرت في العام ذاته كتابها الثاني، وهي رواية “كلمة كالسيف أثراً” بطلتها امرأة مصابة بسرطان الثدي، والرواية لأحداث واقعية، وكيف أن المرأة تضحي من أجل أولادها، ومواجهة صعوبة الخذلان من أقرب الأشخاص إليها، فتسير خلف عواطفها لتواجه العديد من العقبات.
لم تتوقف طموحات وآمال رند عند دراسة اللغة العربية، بل بدأت بدراسة رياض الأطفال لولعها بهذه الفئة من المجتمع، ومن هنا أحبت أن يكون كتابها الثالث موجهاً لهم، فحمل الكتاب بكلمات عنوانها البساطة “سلام وسليم في الشهر الفضيل” متناولاً حياة عائلة مؤلفة من أربعة أشخاص، في ثلاثين موضوعاً كتبتها رندا بطريقة مبسطة ليتعلم منها الطفل عن طريق الحوار أو قصة أو موقف لأحد شخصيات العائلة، من جانب ديني تربوي.
وأكثر كتبها صدى وطلباً هو كتابها الرابع “تأملات وتساؤلات” الذي روى الحياة الواقعية والمواقف، التي مرت بها الكاتبة وتخطتها، وتناول موضوعات من الواقع كالصداقة والتنمر وغيرها الكثير، وتترجم مبادرة “خليلات للمكفوفين” الكتاب للغة الإنكليزية.
مواهب متعددة
 طورت رند ذاتها لتعمل في التعليق الصوتي للأطفال والكبار عبر صفحتين أنشأتهما على مواقع التواصل الافتراضي، وتطرح فيهما مواضيع تعليمية وتربوية وتروي قصص المتابعين أو خواطر ونصوص كتبتها، وقد أطلقت مؤخراً برنامج “أفكار” يستعرض العديد من المواضع التربوية والاجتماعية في المنطقة.
إلى جانب عملها على مواقع التواصل الافتراضي تسعى رند للاختلاط في المجتمع عبر القيام بفعاليات للأطفال، وتقديم عروض طفولية تقوم بها في نادي “ريلاند للسيدات” و”مائة كاتب وكاتب” في سوريا وجمعية “الياسمين الدمشقي”.
كما اختارها المركز الثقافي في المزة لتكون ممثلة اليوم العالمي لطريقة “براي” على مدار ثلاث سنوات، ولكسر الصورة النمطية تعلمت رند ركوب الدراجة وتسلقت الجبال، وتتعلم اللغات الإنكليزية والفرنسية في خطط مستقبلية لترجمة كتبها للغات أخرى.
الإعاقة ليست حاجزاً أمام الاستمرار 
وبينت رند أن الإنسان يتعلم كيف يكسر مخاوفه، ويكتشف أنه قادر على الإنجاز ولذلك: “لذة الوصول لا توصف”، فقد كان طريقها صعباً: “لا يوجد أحد لا يواجه الصعوبات، ولكن علينا الصبر وحسن التصرف في المواقف الصعبة، والطريق لا يفرش بالورد لأحد لذلك علينا السعي من أجل أحلامنا”.
إن القناعة كنز لا يفنى، وهي قدرة إلهية يهبها الله لمن يشاء، فرند تعاني قصوراً في عينيها، ولكنها ترى أن لكل شيء مغزى وعبرة: “إن الله قدر لي الألم والأمل في أول كتاب للمكفوفين، الذي شرح سلبية المجتمع والناس، التي تدمر مستقبلهم، وأنا إنسانة تصالحت مع نفسي، فالإعاقة ليست حاجزاً أمام استمراري في الحياة وتحقيق النجاحات، أنا لم أتجاوز الإعاقة بل تصالحت معها”.
كتابات رند ومؤلفاتها أثرت في الصغار والكبار، وتمنت في ختام حديثها أن يزول الكره والبغضاء من حياة الناس: “الإرادة تصنع المعجزات، ونحن جميعنا فانون، ولن يبقى منا سوى أثر أفعالنا، التي نذكر بها لذلك علينا أن نترك في الحياة بصمة أثر جميلة، ونترك المجال لإنجازاتنا لتتكلم عنا”.