محمد شحادة
بعد مرور أكثر من 25 عامًا على اختطافه، لا يزال القائد عبد الله أوجلان، رمزًا للنضال في سبيل حقوق الشعوب المضطهدة، يصفه البعض بـ “مانديلا الشرق”، في إشارة إلى الزعيم الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا، وذلك لتشابه تجربتهما النضالية. اختطف القائد عبد الله أوجلان عام 1999 ويمارس عليه نظام إبادة وتعذيب من النظام التركي في جزيرة إمرالي بتركيا.
رغم الظروف القاسية التي يعيشها، لا يزال القائد أوجلان مصدر إلهام للكثيرين، وتتعالى الأصوات العالمية المطالبة بالإفراج عنه، هذه الأصوات التي تُمثِّل قاعدة واسعة من الشعوب من شخصيات ومنظمات عالمية ترى في القائد أوجلان رمزًا للسلام، وتؤمن بأن حرية القائد عبد الله أوجلان هي خطوة نحو السلام الشامل في المنطقة.
دور ريادي للمفكر عبد الله أوجلان
نشأ القائد في بيئة متواضعة تشهد الظلم والقهر، وكرّس حياته للنضال في سبيل رفع الظلم عن المجتمع الذي عاش فيه وعن المجتمعات الكادحة والطبقات المسحوقة، أسس حزب العمال الكردستاني في السبعينيات بهدف الدفاع عن حقوق الكرد في تركيا، وواجه معارضة شديدة من السلطات التركية، تطورت أفكار المفكر عبد الله أوجلان على مر السنين لتتبنى مبادئ السلام والحوار كوسيلة لحل القضية، ونبذ العنف كخيار. ورغم سجنه، تمكن من إرسال رسائل تدعو للسلام والتعايش بين الشعوب، الأمر الذي جعله يحظى بدعمٍ واسع من ناشطين وسياسيين ومنظمات حقوقية حول العالم.
حملة عالمية للمطالبة بحريته الجسدية بمناسبة مرور ربع قرن على المؤامرة
أطلقت شخصيات ومنظمات عالمية من مختلف التوجهات السياسية والأيديولوجية حملة تطالب بالإفراج عنه. يرى هؤلاء الداعمون القائد أوجلان رمزًا للسلام والعدالة الاجتماعية، ويعتبرون سجنه عقبة أمام تحقيق الاستقرار في تركيا والمنطقة، وتشمل هذه الحملة أسماء بارزة في مجال السياسة، والفكر، وحقوق الإنسان، الذين يرون أن إطلاق سراح القائد أوجلان سيُعزز الحوار ويقلل من التوترات العرقية والسياسية في تركيا. على سبيل المثال، تعتبر بعض المنظمات الأوروبية الإفراج عن القائد عبد الله أوجلان جزءًا أساسيًا من عملية المصالحة الوطنية، التي تشمل حقوق الشعوب وحرياتها، وقد اعتبرت بعض الشخصيات الأكاديمية إن المفكر أوجلان فيلسوفًا معاصرًا، حيث أسهم من خلال كتبه ورسائله من السجن في توضيح رؤيته للديمقراطية التشاركية، التي ترى حلاً لمشاكل الأنظمة التقليدية.
الرؤية الفكرية للقائد عبد الله أوجلان وأثرها العالمي
خلال سنوات احتجازه الطويلة، ألّف المفكر عبد الله أوجلان العديد من الكتب والنصوص التي تشرح فلسفته السياسية والاجتماعية وحرية المرأة، ركزت كتاباته على فكرة “الأمة الديمقراطية” التي تدعو إلى تنظيم المجتمع بطريقة تشاركية تعترف بتنوع الهويات الثقافية والإثنية، وتنبع أهمية هذا الفكر من تجاوزه للقومية الضيقة، حيث يرى أن حل النزاعات العرقية والدينية يكمن في تعزيز التعاون واحترام التنوع داخل الدول، وليس من خلال التفكك والانفصال.
أثرت أفكار القائد عبد الله أوجلان في الحركات السياسية حول العالم، حيث تبنت بعض المجتمعات رؤيته للديمقراطية التشاركية والتعايش السلمي. كما أن فلسفته ألهمت المجتمعات في شمال وشرق سوريا، حيث أُنشأت إدارة ذاتية تقوم على مبادئ القائد أوجلان، مما يُبرز نجاح رؤيته في إقامة مجتمع يعتمد على التعددية والديمقراطية المحلية.
تأثير إطلاق سراح القائد أوجلان على مستقبل السلام في المنطقة
يرى المراقبون أن إطلاق سراح القائد عبد الله أوجلان قد يكون خطوة إيجابية نحو تحقيق السلام بين تركيا وشمال شرق سوريا، ويمنح الحكومة التركية فرصة للبدء بعملية مصالحة حقيقية، ورغم أنه عرض لمؤامرة دولية حكم عليه بالسجن مدى الحياة، إلا أن الأصوات المطالبة بالإفراج عنه تزداد يومًا بعد يوم، مشيرةً إلى أن احتجازه ليس حلًا للصراع، بل يعمّق الانقسام.
إن حرية القائد عبد الله أوجلان لن تكون فقط انتصارًا لحقوق الإنسان، بل قد تكون بداية لعهد جديد من الحوار. ومن المتوقع أن يُسهم إطلاق سراحه في بناء جسور من الثقة بين مختلف الأطياف في تركيا، ويفتح آفاقًا للتعاون بين الشعبين الكردي والتركي، مما يُعزِّز استقرار المنطقة بأكملها.
إن القائد عبد الله أوجلان، الذي يمضي سنوات اعتقاله خلف القضبان منذ أكثر من ربع قرن، أصبح رمزًا عالميًا للنضال من أجل الحقوق والسلام. ويُعتبر الإفراج عنه مطلبًا ضروريًا لتحقيق المصالحة والاستقرار في تركيا والمنطقة، لقد أثبت القائد أوجلان من خلال أفكاره ومواقفه أن طريق السلام ممكن حتى في أصعب الظروف.إن الاستجابة لنداءات الشعوب الداعمة لحرية القائد عبد الله أوجلان بداية لحل دائم للصراع في تركيا والشرق الأوسط،
وتمنح فرصة لتحقيق عدالة طال انتظارها.
تنويه
نذكر في هذا الصدد، لقد صُدر مؤخراً في مصر، وعن مركز الخليج للدراسات الإيرانية، كتابٌ بعنوان “ربع قرن على اعتقال مانديلا الشرق” إعداد وحوار الباحث شريف عبد الحميد، رئيس مركز الخليج للدراسات الإيرانية، وقد جاء الكتاب في 210 صفحات، يحمل بين دفتيه مطالبات ودعوات للإفراج عن المفكر عبد الله أوجلان، وحوارات أجراها الباحث مع شخصيات اعتبارية من المفكرين، والكتاب، ونشطاء في مجالات حقوق الإنسان، ومنظمات دولية حقوقية.
الكتاب ضم دعوات ومطالبات من خمسمائة شخصية ومؤسسة، ومنظمة عالمية، تطالب الإطلاق الفوري سراح المفكر عبد الله أوجلان، واحتوى الكتاب أيضا على نبذه من حياته، ومؤلفاته، وفكره.