سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

ذهنية البعث الكارثيّة

ميرزا علي_

من الأهمية بمكان؛ التطرّق لوضع السياسة التي تمارسها حكومة دمشق، والتي أصبحت تتبع سياسة التعنت واللامبالاة حيال الأزمة العاصفة التي تمر بها سوريا عامة، وبشكلٍ خاص حيال إرادة الشعوب السوريّة. منذ القديم وهم ينادون بشعار “سوريا لكل السوريين”، لكن على أرض الواقع، لم نشهد يوماً سوريا لكل السوريين. تستند هذه الحكومة في روايتها إلى سياسة الحزب الواحد “حزب البعث العربي الاشتراكي” هذا الحزب صاحب الأفكار الشوفينية والأساليب القمعية والأمنية، برأيكم ماذا سوف يكون نتاج سياسة حكومة دمشق التي تستند إلى أفكار هكذا حزب؟
لكي نتعرّف على أسباب التعنّت الذي تتخندق فيه حكومة دمشق، لا بد لنا من العودة إلى تاريخ تأسيس هذا الحزب. منذ اليوم الأول لتأسيسه ونواياه السياسية الشوفينية والقوموية واضحة وحافلة بالعنصرية البعثية ضد الثقافات المجتمعية المتنوعة في سوريا عموماً، ولإنكارها سياسياً. لذا؛ فإن الغوص في عُمق تاريخ هذا الحزب، يأخذنا إلى معرفة سياسة حكومة دمشق، فالحزب هو المسيطر تماماً في مسألة الحوار، وهو متمسك بالعقلية الإقصائية الممتدة منذ سبعين عاماً ولم يحقق أي هدفاً من أهدافه لا وحدة، ولا حرية، ولا اشتراكية، بل كانت أهداف مخادعة ومنافقة تم توظيفها من أجل بناء ذهنيته الشوفينية القوموية لاستهداف ومحاربة تطلعات شعبنا الكردي.
هناك أمثلة كثيرة على هذا الأمر، منها اتفاقه مع البعث العراقي لمحاربة الكرد في ستينيات القرن الماضي لأجل قمع وطمس مقاومة شعبنا في باشور كردستان وأرسل جيشه إلى باشور لإنقاذ الشوفينية في العراق.
اتفق مع المحتلين الأتراك لمحاربة الكرد. كما اتفق مع الإيرانيين لمحاربة الكرد. فكيف لمثل هكذا حزب، ان يقبل الحوار مع الادارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، أو مجلس سوريا الديمقراطية أو الكرد وباقي المكونات. طالما هذا الحزب موجود على الساحة السياسية المخفية وراء حكومة دمشق لا يمكن بأي شكل من الأشكال، بناء حوار ولا قبول الإدارة الذاتية الديمقراطية والاعتراف بها. لذلك علينا كشف هذه السياسة التي يتبعها هذا الحزب والتعريف بحقيقتها، فهو أصبح معارضاً قمعياً لكل تطلعات الشعب السوري بكل شرائحه المجتمعية، سفك الـ دماء والعنف والقمع والإبادة والإنكار كانت شعارات عملية للبعثية الشوفينية.
تاريخ البعث حافل بالأحداث الإجرامية. ماذا قدّم للشعوب السوريّة؟  تاريخه لم يذكر شيئاً من قبيل الإنجازات الإيجابية لهذا الحزب بل جميعها سلبية تسببت بجرد سوريا كوطن من جميع بلدان المنطقة بأسلوب عدائي ولغايات حزبية ضيقة وضعت سوريا وشعوبها على كف عفريت، من خلال هذه الذهنية القوموية الشوفينية، فهو لا يمتلك أية جرأة ولا يستطيع احترام إرادة المكونات الوطنية الحقيقية واحترام الثقافات التاريخية لشعوب سوريا.
حزب معارض لوحدة الصف العربي وحزب معارض للحرية والمساواة وحزب يقمع وينكر الحريات السياسية والديمقراطية والثقافية وحقوق الإنسان، فعن أية وحدة وحرية واشتراكية يتحدثون؟ الأفرع الأمنية بتسمياتها المختلفة هي عنوان حزب البعث العربي الاشتراكي وشعارها اليد العليا هي دولة البعث هدفها بناء دولة البعث بنزعة قومية بحتة والأخطر على كل السوريين
حزب سلطوي لأبعد الحدود دمّر مقومات الدولة الوطنية ودمّر الشعب ودمّر ممتلكات المواطنين ودمّر سوريا بأكملها ولم تبحث عن الحلول أبداً، الذي يبحث عن الحل هو الشعوب السوريّة وليس أحد غيرها.
هذا الحزب مؤسس من قبل ثلاثة أشخاص ينتمون إلى الشوفينية العربية ذات فكر قومي متعصب تحسباً لأية حالات مستقبلية، لكنهم ينتمون الى ديانات ومذاهب مختلفة، (ميشيل عفلق مسيحي، صلاح البيطار السني، وزكي الأرسوزي العلوي). كان حزبهم تحت اسم حزب البعث العربي، بعدها اتفقوا مع الحزب الاشتراكي العربي بزعامة “أكرم الحوراني”. صحيح هؤلاء أشخاص ليسوا عاديين بل متمرسين قد يختلفون بالدين ولكنهم يتوحدون بروح الشوفينية العنصرية المتعصبة لأجل الحفاظ على السلطة الشوفينية لتكوين سوريا بلونٍ واحد وعلم واحد ولغة واحدة. وعدم إفساح المجال للأحزاب السياسية الوطنية إن كانت كردية عربية سريانية….إلخ لممارسة العمل السياسي.
بعدها يصبح حزب البعث العربي الاشتراكي قسمين، قسم في سوريا وقسم في العراق، كأساسين وهناك الأحزاب البعثية في لبنان السودان اليمن والجزائر لكن دون فعالية تُذكر، لكن في العراق تم تصفية البعث الشوفيني العراقي بعد ارتكابه مجازر بحق الشعب العراقي واستخدامه السلاح الكيماوي ومجازر الأنفال بحق الكرد والشيعة، ومع انهيار وتفتيت بنية هذا الحزب في العراق، انهار معه مباشرةً نظام صدام حسين. اليوم تتجه الأنظار إلى تصفية هذا الحزب في سوريا لتنهار معه هذه الحكومة التي لا تملك القدرة على القيام بتحولات وتغييرات سياسية وطنية حقيقية.
لذلك يجب تركيز النضال ضد سياسات هذا الحزب الفتنوي الفاسد إلى أن يقتنع بأن الحوار مع داخل الوطن ومع جميع المكونات الوطنية هو الحل الأمثل نحو بناء سوريا جديدة ديمقراطية تعددية لامركزية، لكن يبدو بأن البعثيين يسرحون ويمرحون دون إبداء رأيهم حول مستقبل سوريا، وهمهم الوحيد العودة إلى ما قبل ٢٠١١ وكأنه لم يحدث التدمير في سوريا.
تركيا وإيران تقومان باستغلال سياسة حزب البعث العنصري. لا فرق بين الشوفينية والفاشية والخامينائية، هم شركاء في رسم السياسات المُعادية ضد الشعوب وإنكار حقوقهم. البعثية تتفق مع الأتراك ضمن اتفاقيات أمنية سريّة لضرب إرادتنا واحتلال مناطقنا في الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا. كما هناك دول عديدة تستفيد من سيطرة هذا الحزب البعثي على سياسات حكومة دمشق، مثل (تركيا، روسيا، إسرائيل، إيران، أمريكا) ولكن على حساب الشعب السوري الذي أصبح ضحية ألاعيب البعثيين الخبيثة. الشعب السوري لم يستفِد من شعار البعث (سوريا لكل السوريين) المستفيدون هم الدول المجاورة، الإقليمية والعالمية، هم يستفيدون من الوضع السوري ويستفيدون من بقاء وجود هذا الحزب العنصري وهذه الحكومة الموجودة حالياً على سدة الحكم وفي موقع السلطة ويقومون بحمايتها، ولكن بالنسبة للسوريين ليس هناك أية فائدة من وجود هذا الحزب الشوفيني.