ان اغتيال عدة وجهاء بدير الزُّور في الأسبوع نفسه، وقيام البعض بمظاهرة مسلحة في كل من مناطق الشحيل والبصيرة والذيبان؛ أثار أسئلة كثيرة حول ما يجري في دير الزُّور، من المستفيد من قتل هؤلاء الوجهاء، ماذا كان الهدف من هذا السيناريو السيء؟
من المعروف أنه بعد أن تم هزيمة داعش في معاقله الأخيرة بدير الزُّور؛ كانت هناك خلايا نائمة تعمل وبشكل دائم على استهداف المدنيين وإثارة الذعر والخوف الدائم في كل من منطقة الشحيل، والذيبان، والبصيرة، حيث تحولت هذه المنطقة إلى مثلث برمودا بالنسبة لدير الزُّور، وكان يتم وبشكل دائم اتهام داعش بما يجري هناك، وكان هذا أمراً مفهوماً إلى حد ما، لكن أحداث دير الزُّور الأخيرة كانت مغايرة تماماً وكانت تحولاً في مسار مجريات الأمور هناك ، وهو أن هذه الأحداث أسقطت القناع عن حقيقة كانت تخفي نفسها تحت عباءة داعش، وهي سياسة النظام في دير الزُّور. عندما نجمع أجزاء الصورة المشتتة تظهر لدينا لوحة أخرى وهي على الشكل التالي:
نداء وليد المعلم وحزب البعث للقبائل من أجل أن ينتفضوا على حد قولهم ، كان تحضيراً لما جرى بعده في دير الزُّور، والذي كان مخططاً له في الحسكة أيضاً. لكن؛ لم يكن هناك تجاوب حسب اعترافات الشباب الذين قبض عليهم بالجرم المشهود كان الهدف من اغتيال الوجهاء بعد هذه التصريحات هو إشعال فتيل الغضب لدى الشعب العربي، حيث كان الهدف هو اتهام قوات سوريا الديمقراطية أو الادارة الذاتية بهذا الأمر. ما تم في قامشلو في ٢٠٠٤ من سيناريو كان سيتم إعادته من جديد وهو إضرام النار بين الكرد والعرب وبخاصة في دير الزُّور بحيث يدمر الاثنين ويبقى النظام.
استخدام السلاح من قبل بعض المتظاهرين بما فيها الأسلحة الثقيلة؛ كان سيكون الشوط النهائي والضربة القاضية، فيصلون بذلك إلى هدفهم وهو جر المنطقة إلى حرب لا رجعة منها ولا هوادة فيها. لكن؛ السحر قد انقلب على الساحر وانفجرت القنبلة بيدهم، إن إلقاء القبض على الشباب الذي تورطوا في إثارة الأحداث الأخيرة واعترافهم الفوري بأن ما تم كان أمراً مخططاً له من قبل النظام أدى إلى انخفاض التوتر بشكل مباشر، حيث تم التعرف على حقيقة الأمر من قبل العشائر في دير الزُّور.
عدم مشاركة الكثير من وجهاء العشائر في هذا السيناريو وأد الفتنة في مهدها. سيطرة مجلس دير الزُّور المدني والأسايش وقوات سوريا الديمقراطية على الوضع والتعامل العقلاني مع القضية أدى إلى إجهاض هذه الفتنة.
هذا ومن خلال قنوات النظام التي كانت تمجد مقاومة الشحيل والبصيرة و الذيبان اللواتي تشكلن بؤرة للخلايا النائمة لداعش، جعلنا نتساءل؛ هل ما كان يجري سابقاً في هذه المناطق تحت اسم داعش كانت أيضاً لعبة استخبارتية للنظام؟ ذلك أن إشادة النظام بما تقوم به خلايا داعش ليست محض صدفة.
لا يمكن إنكار أنه كان سيناريو خطيراً جداً. لكن؛ إحباطه كشف عن حقائق هامة جداً؛ أولاً في أن النظام لم يستنبط أي دروس مما جرى خلال السنوات العشر الماضية، ثانياً أن أغلبية وجهاء العشائر في دير الزُّور والحسكة أثبتوا بأنهم أكبر من التورط في هذا العمل المشين وبأنهم أصحاب رؤية مستقبلية سليمة، وأنه بالرغم من كل التحديات هناك تطور ملحوظ في العلاقات الكردية العربية وهذا امر استراتيجي لا يمكن تجاهله بتاتاً.
طبعا هذا التحليل لا يعني بأنه لا يوجد لداعش أو للاستخبارات التركية دور في بعض ما يجري في دير الزور. لكن؛ دور البطولة في هذا السيناريو كان للنظام على ما يبدو.