سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

دولة الاحتلال تستهدف جوهر المجتمع الكردي في عفرين… فمتى الانتفاض؟!

تقرير/ صلاح إيبو –

نشرت منظمات حقوقية مقطع فيديو لأمٍ تُطالب بالكشف عن مصير أبنتها المختفية منذ سنة وأكثر، فالنتينا التي اختفت العام الماضي في عفرين بعد توجهها لأحد مقرات مرتزقة الاحتلال التركي بهدف زيارة زوجها المختطف هناك، والتي تعرضت للابتزاز والاستغلال الجنسي والجسدي وقتها، والقيت بعد أيام في حديقة عامة بمدينة عفرين، اليوم مصيرها مجهول بعد إرغامهم للذهاب إلى إدلب، الأم تجدد مناشدتها للمنظمات الدولية لكشف مصير أبنتها فالنيتنا، لكن بعد عام من تلك الحادثة التي لم تحرك ساكناً؛ وقتها شهدت مدينة عفرين المحتلة انتهاكات جمة بحق النساء وكبار السن والأطفال، ولعل ما كُشف من معلومات خلال الأيام القليلة الماضية عن وضع النساء المعتقلات والمختطفات في سجون مرتزقة (فصيل الحمزات) سلط الضوء أكثر على مدى تدني معايير حقوق الإنسان في المناطق الخاضعة للاحتلال التركي بسوريا.

حالات اختفاء قسري واختطاف علنية تطال الفتيات
حالة من الاستهجان العام، سادت مدينة عفرين بكردها وعربها، وشارك بعض المستوطنين وللمرة الأولى في المطالبة بخروج فصيل محسوب على المخابرات التركية من المدينة، لكن الحقيقة ربما تُشير إلى خفايا أخرى، إذ وثّقت المنظمات الحقوقية تعرض قرابة 1200 أمرة وطفل لانتهاكات مختلفة خلال عامين من الاحتلال التركي لعفرين، ويضاف إليها اليوم عشرات الحالات الأخرى منذ مطلع هذا العام، وفي سياق قضية فالنتينا قالت منظمة حقوق الإنسان في عفرين- سوريا أن الفصائل المرتزقة للاحتلال التركي منذ سيطرتها على منطقة عفرين السورية تقوم بالتضييق على السكان الأصليين الذين عادوا إلى منازلهم بعد الاحتلال، حيث قام الفصيل المسيطر على الجزء الغربي من بلدة

 

ميدانكي باختطاف المواطن “حسني محمد الشيخ” من أهالي ميدانكي وأثناء فترة اختطافه تعرضت زوجته فالنتينا أرسلان مصطفى ٢٢ عاماً من اهالي قرية درويش التابعة لناحية شران للعنف الجنسي والابتزاز الجسدي عبر تصويرها مع عناصر الفصيل المذكور وإرسال الصور إلى ذويها بعد زيارتها لزوجها في مقر المرتزقة، وعقب الحادثة اختفت الزوجة فالنتينا وبعد مرور عام تحدثت مع ذويها وقالت إنها في بلدة كفرنبل التابعة لمحافظة إدلب ومن ثم انقطعت أخبارها منذ ستة أشهر ومازال مصيرها مجهولاً حتى الآن، ما دفع ذويها إلى مناشدة المنظمات الحقوقية والإنسانية طالبين بيان مصير ابنتهم المختطفة ومحاسبة مرتكبي هذا الجرم بحق ابنتهم.

كما وثقت المنظمة ذاتها قيام مسلحي مرتزقة النخبة المسيطر على قرية درويش التابعة لناحية شران المنضوي تحت راية فرقة السلطان مراد أقدمت على اختطاف الفتاة القاصر ملك نبيه خليل جمعة البالغة من العمر ١٦ عاماً في الساعة الخامسة صباحا يوم وقفة عيد الفطر، والجدير بالذكر ان ذوي الفتاة كانوا قد قاموا بإعلان خطبتها على أحد اقربائهم من قرية ايسكا التابعة لناحية شيراوا وذلك لحمايتها من الخطف والتزويج القسري، علماً أن هذه الحالات تكررت سابقاً في قرى أخرى كخطف الفتاة القاصر من قرية جلمة التابعة لناحية جنديرس.
وكشفت المنظمة في آخر تقرير لها عن أسماء 40 مختطفاً بينهم 13 أمرة وفتاة من قبل مرتزقة الحمزات الموالي للمخابرات التركية، ولكن هل مرتزقة الحمزات هم الوحيد الذين ينتهكون حقوق الإنسان في عفرين؟! وكيف ستستغل تركيا هذه الفوضى؟.
181 امرأة استشهدت على يد الاحتلال التركي
كشف مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا عن استشهاد 181 امرأة، وإصابة 480 منذ بدأ العدوان التركي على مدينة عفرين في 20 تشرين الأول 2018، وعملية التوغل العسكري شرق الفرات 9 تشرين الأول 2019 حتى 24 تشرين الثاني من العام المنصرم.
وتضمن التقرير توثيق مقتل 58 امرأة من قبل الجندرمة التركية على الحدود السورية، كن يرغبن في اللجوء إلى تركيا فارين من المعارك الدائرة في بلادهم، إضافة لمقتل 83 طفلاً دون الـ 14 سنة، من أصل 460 لاجئا قتلوا منذ آذار 2011. إضافة لإصابة 128 لاجئة بجروح من أصل 470 من الفارين باتجاه الحدود التركية.
كما كشف المركز قيام القوات التركية، والفصائل السورية الموالية باعتقال 290 امرأة، من أصل 5878 شخصاً في المعتقلات منذ آذار 2018، ومازال مصير نصفهم مجهولاً، كما أنّه وخلال بداية شهر تشرين الثاني نوفمبر الحالي قامت الفصائل الموالية لتركيا باعتقال 12 امرأة، وتوافقت هذه الأرقام مع أرقام مشابهة نشرتها مراكز ومنظمات حقوقية عاملة في الشمال السوري.
وتم توثيق تسعة حالات على الأقل لتعذيب نساء، واعدامات ميدانية، منها اغتيال السياسية الكردية هفرين خلف على يد مرتزقة أحرار الشرقية الموالية لتركيا، إضافة لإعدام ممرضتين من الفريق الطبي على طريق بلدة تل أبيض واعتقال عاملة في الهلال الأحمر، وتصوير مقطع فيديو لمسلحين من السلطان مراد وهم يتوعدون بقتلها، كما وقام مسلحون تدعمهم أنقرة بالتمثيل بجثة المقاتلة الكردية بارين كوباني / أمينة عمر، كما وتم توثيق اعدام سبعة  نساء تحت بند “جريمة شرف” ولعل أفجعها تلك الجريدة التي حدثت في مدينة الباب.
كما وثق المركز إجبار 51 فتاة من الزواج القسري من مسلحي الفصائل في منطقة عفرين، تحت تهديد وابتزاز ذويهم، و7 حالات زواج قسري في مدينة جرابلس وواحدة في مدينة اعزاز والباب، كما وثق تعرض 13 امرأة للاغتصاب من قبل قادة وعناصر الفصائل ثلاث فقط أبلغن عن الحادثة، تم قتل واحدة منهن في جرابلس تحت ذريعة “جريمة شرف” فيما تم طي ملف القضية الثانية التي كانت موجهة ضد قائد فصيل سليمان شاه، المعروف باسم محمد ابو عمشة، إضافة لقتل أربعة نساء واحدة في مدينة جرابلس والثانية في مدينة عفرين في الحديقة العامة.
 ما الهدف من اختطاف عائلات بأكملها؟!
في سياسة متشابهة مع سياسات مرتزقة داعش والنظام البعثي، يقوم مرتزقة الاحتلال التركي باختطاف عائلات بأكملها بتهمة واحدة، إذ قالت منظمة حقوق الإنسان في عفرين أنه توصلت لمعلومات تفيد بوجود عائلة مختطفة تنحدر من قرية جوقه التابعة لناحية موباتا، من بين الذين تم العثور عليهم يوم الخميس 28 أيارفي سجن مرتزقة “فرقة الحمزة” وهم “عبد المنان منلا محمد بن طاهر 64 عاماً وابنته روكن منلا محمد بنت عبد المنان 30 عاماً” ولكن مازال مصير طاهر منلا محمد بن عبد المنان 25 عاماً، وكاوا عمر بن جمال 32 عاماً صهر العائلة مجهولاً، حيث تم اختطافهم  جميعاً بتاريخ 6 أيلول 2018 من قبل فصيل “فرقة الحمزة”.
وهناك عشرات العائلات الكردية التي تم اختطافهم في عفرين، إذ اعتقل جهاز الشرطة العسكرية ( الأمن السياسي) التابع للاحتلال التركي ثلاثة أشخاص هم “فرهاد محمد كولين شيخ عبدي البالغ من العمر 40 عاماً، و “سعيد غريب حسو، وزوجة سعيد “غالية حسن” في مدينة عفرين العام المنصرم، وتم اقتيادهم لمكان مجهول، وداهم مسلحون من جهاز “الشرطة العسكرية” منزل المواطن المسن “نوري قرة” وتم اعتقاله برفقة ابنتيه. في مركز مدينة عفرين اعتقل جهاز الشرطة العسكرية ستة أشخاص، بينهم خمسة نساء، وهم:” خديجة قره علي، أمينة قره علي، حياة قره علي، فضيلة محمد، فضيلة كريكو، فضيلة سيدو والمسن “نوري قره علي”. تم الإفراج عن ثلاثة منهم وهم كل من فضيلة كريكو وحياة قره علي ونوري قره علي، بسبب وضعهم الصحي، أما النساء الأخريات لايزال مصيرهم مجهولا.
ويرجع حقوقيون متابعين للوضع في عفرين والمناطق السورية المحتلة، السبب إلى إجبار العائلات الكردية للهجرة الطوعية عن عفرين والعمل على زيادة نسبة التغير الديمغرافي الهدف الأبرز للاحتلال التركي في عفرين.
  من دور عبادة إلى مراكز لتعذيب النساء
وفي سياق الانتهاكات هذه قالت وكالة أنباء هاوار أن مرتزقة ما يسمى بـ “لواء السمرقند ” التابع للاحتلال التركي، تعمدوا تحويل جامع قرية روتا التابعة لناحية موباتا إلى سجن خاص لتعذيب النساء، وأوضحت الوكالة إلى أن النساء المعتقلات يتعرضن لشتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي من قبل مرتزقة “السمرقند” التابعين للمخابرات التركية، ويتنافى هذا الفعل مع مبادئ الدين الإسلامي الذي تدعي تركيا ومرتزقتها التزمها بالشريعة الإسلامية.
 منظمات تطالب العالم بتحميل تركيا مسؤولية الانتهاكات
هذه الانتهاكات ربما هي جزء يسير من جرائم يمكن اعتبارها جرائم حرب وإبادة عرقية تحدث في عفرين، لذا طالبت عشرين منظمة حقوقية في سوريا مجلس الأمن ومكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بوضع حداً لهذه الانتهاكات، وطالب بتشكيل لجنة تقصي للحقائق خاصة بعفرين، والضغط على تركيا لبذل الجهد لضبط الأمن بوصفها دولة احتلال وبالتالي تحميلها كافة المسؤولية القانونية لهذه الانتهاكات، إضافة للضغط الجاد على دولة الاحتلال التركي بالخروج العسكري ومرتزقتها من عفرين.