تحت حرارة الشمس الشديدة، التي تغطى مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية تعمل نساء مدينة قامشلو في قرية ذبيان، رغم المجهود البدني الهائل المبذول في موسم الحصاد، تمتزج ضحكات العاملات، بسنابل الذهب الأصفر «القمح» ويعملنّ كخلية نحل دون أي ملل بكل نشاط وحيوية حيث تغمر الفرحة وجوهنّ غير مباليات بالإرهاق نتيجة العمل الشاق، والتقت جريدتنا مريم الجاسم؛ لتوضح لنا كيفية العمل في موسم الحصاد قائلة: «نبدأ العمل في الحقل قبل بزوغ ضوء الشمس حيث الهدوء يعم القرية تكسره زقزقة العصافير فنذهب إلى الحقول للبدء في جمع القش من خلال الآلات البسيطة وتجميعه في البداية على شكل أكوام منتظمة بعد ذلك ننقل هذه الأكوام إلى مكان واحد باستعمال عربة مصنوعة من الخشب يجرها حصان ويمتطيها أحد شبان القرية، والذي غالباً ما يتجمع حوله الأطفال الصغار يحاولون ركوب العربة معه بالتناوب، وتردد النساء ما توارثنه عبر الأجيال من الأغاني الشعبية للتغلب على التعب والمشقة، وفي الظهيرة تعود النسوة إلى بيوتهن لإعداد الطعام لبقية أفراد الأسرة، مع ما يلازم ذلك من أشغال أخرى تتعلق بالبيت وبعد الانتهاء من الواجبات المنزلية تعود من جديد للعمل في الحقول، وبعض النساء يتركنّ أبناءَهن، ويخرجن لتوفير بعض الأموال التي لا تفي باحتياجات المنزل فالزوجة في الريف تشارك زوجها في العمل تحت أشعة الشمس الشديدة، وارتفاع درجات الحرارة لتوفير لقمة العيش لأسرتها ويعتبر موسم الحصاد فرصة لتأمين بعض الأموال وتوفير بعض مستلزمات العائلة»، وأضافت مريم: «في السابق كنا نقوم بجمع سنابل القمح لكن؛ الآن نتيجة التطور هنالك آلات للقيام بذلك ونحن نقوم بجمع القش فقط من أجل استخداماته المتعددة كطعام للمواشي ولتغطية أسقف المنازل ووضع الطين فوقه للحماية من المطر في الشتاء وغير ذلك، وفي هذا الموسم تتعاون جميع نساء القرية مع بعضنا البعض حتى يتم الانتهاء من الموسم بفترة قصيرة ونخفف عن بعضنا المشقة والجهد. لكن؛ في المقابل هناك ذكريات جميلة لهذا الموسم الذي كان ومازال من صور قرانا الحية «فموسم الحصاد من أجمل المواسم التي تلعب المرأة القروية دوراً كبيراً فيه «.
سلمت تلك الأيادي السمراء الخشنة التي باتت تعرفها السنابل الباحثة عنها، فهذه الأيادي هي أكثر حناناً ورقةً عليها من الآلات الحادة وعجلات الحصادة الآلية، حتى الشمس الشاهدة على حبات العرق التي كانت تروي الأرض قبل حبات المطر، فما أعظمك أيتها المرأة الريفية الكادحة!