أزمة الجفاف، التي ضربت المنطقة في الموسمين المنصرمين، ووصول نسبة الأراضي، التي خرجت عن الإنتاج تجاوزت التسعين بالمائة، أدت إلى بروز أزمة الرغيف على السطح، وعجز الجهات المسؤولة عن توفير هذه المادة بالشكل الكافي؛ لسد حاجة المواطنين في المنطقة، وعدم وجود احتياطٍ كاف من المواد، أو بالأحرى المحاصيل الزراعية الاستراتيجية لدينا، يحتم علينا التفكير بحكمة في وضع الموسم الحالي، ونقصد هنا موسم الحصاد، واستقبال الإنتاج الزراعي، والحبوب في مراكز الشراء، فمن وجهة نظري يمكن لمراكز استلام الحبوب عدم رفض أي كمية، ما دامت تسمى حبوب، وبعد ذلك تحويلها لمراكز غربلة، وفرز لاستخلاص الحبوب اللازمة للتغذية، وتحويل الشوائب إلى مراكز الأعلاف، لاستخدامها في الخلطات العلفية، وبهذه الطريقة نستطيع أن نستقطب غالبية الكمية من المزارعين، وتخزينها، واستخدامها في تغذية الإنسان، والقسم المتبقي للحيوان، ما يساهم في سد جزء من الفجوة الغذائية الحاصلة على مستوى غذاء الإنسان والحيوان على حد سواء، ما سيسهم أيضاً في رفع نسبة الاستقرار المعيشي لدى سكان المنطقة وبشكل أساسي الفلاحين، الذين يعتمدون على الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني في أسلوب معيشتهم، وتحسين وضع هذه الطبقة بالذات سيساهم في استقرار المجتمع بشكل كبير؛ كونها الطبقة الأكبر، والشريحة السكانية الأوسع في المنطقة.
وكذلك يجب على مؤسسات إكثار البذار العمل من الآن على توفير النوعيات، والكميات الكافية للنهوض بالواقع الزراعي المتدهور، وذلك من خلال العمل بشكل جدي على تأمين البذار للفلاحين في موسم البذار، وذلك لأن غالبية الفلاحين، لم تعد لديهم القدرة على استثمار أراضيهم؛ كون المواد الأولية اللازمة لتشغيل هذه المشاريع مرتفعة الثمن، وهناك صعوبة بالغة في تأمينها، وبشكل خاص المشاريع الزراعية المروية، التي تحتاج للوقود، الذي لم يتمكن الفلاحون من الحصول عليه بالكمية، وبالموعد المناسبين، للوصول بمزروعاتهم لبر الأمان، وهنا أقصد ببر الأمان موسم الحصاد، وجني ثمرة العمل الشاق، والطويل.
الوصول لواقع زراعي مستقر نسبياً، يتطلب وضع خطط متوسطة، وبعيدة المدى، وتنفيذها بدقة، وبضمير وموضوعية، ومحاولة إدخال مساحات أكبر في عملية الزراعة المروية، ودعم المزارعين بشكل يشجع المزارع على التحول للزراعة المروية، من خلال منح المزارعين قروضاً متوسطة الأجل، ومتابعة الفلاح في الحقل، ومد يد المساعدة والإرشاد له على طول الموسم الزراعي، إلى أن يتمكن من تسيير أموره وحده، اعتماداً على الخبرة المكتسبة من العمل، والإرشاد الزراعي من قبل الجهات الإدارية المختصة بالشأن الزراعي.