أكد الناشط السياسي والحقوقي خالد إبراهيم؛ أن زيارة عضو الكونغرس الأمريكي لمناطق شمال وشرق سوريا نستطيع القول إنها كانت إيجابية رغم أنها كانت بجهود شخصية قد تساعد في توضيح معالم السياسة الأمريكية ومدى تعاطيها مع الملف السوري، ويؤثر إيجابياً على شمال وشرق سوريا، وأشار إلى أبواب الإدارات الذاتية والمدنية ستبقى مفتوحة لأيّاً كان، ويدها ممدودة لأي طرف كان، في سبيل إيجاد مخرج وحلول لما تعانيه الشعوب السورية قبل وبعد 2011م. إن وجود نقاط المراقبة الأمريكية التي لا تندرج في دعم قسد عسكرياً ضد تركيا، بل هي لخلق حالة من التوازن وحماية جنودها من الجبهة الخلفية خوفاً من تسلل الإرهابيين عبر الحدود التركية، وحفاظاً على عدم تصادم القوى الحليفة لها فيما بينها. وأضاف: “وإن وضع نقاط مراقبة أمريكية على الحدود قد يكون أحد أسباب التخفيف في حدة التهديدات التركية ووعيدها باجتياح شرق الفرات، لكن هناك عوامل أكثر أهمية في هذا السياق تتعلق بوضع تركيا ذاتها ووضعها في إدلب وباقي المناطق المحتلة، وتمديد فترة بقائها ومنحها فرصة أطول في التعاطي مع ملف المجاميع المسلحة هناك، وإن حاولت تركيا الدخول إلى شرق الفرات؛ فإن التكلفة ستكون باهظة عليها عسكرياً وسياسياً، وبالتالي سنكون أمام معادلة نفوذ جغرافية وسياسية جديدة تضع تركيا في مواجهة إيران وسوريا وحتى روسيا على أقل تقدير”.
جاءَ ذلك في حوارٍ أجرته آدار برس مع الناشط السياسي والحقوقي، خالد إبراهيم، الذي تركز حول عدة ملفات منها: إعلان دي مستورا عن فشل التوصل لاتفاق بشأن اللجنة الدستورية، ودعوات روسيا المتكررة بخصوص مشاركة الكرد في العملية السياسية، مدى أهمية زيارة العضو في الكونغرس الأمريكي توماس ألكسندر غريت لشمال وشرق سوريا، نقاط المراقبة الأمريكية على الحدود بين شمال وشرق سوريا وتركيا.
وكان الحوار كالتالي:
ـ تجري تطورات متسارعة على الساحة السورية، وكان إعلان دي مستورا عن فشل التوصل لاتفاق بشأن اللجنة الدستورية بمثابة الرد على الوضع العام في سوريا، برأيكم متى يمكن أن يحصل اتفاق بشأن ذلك؟
بداية قد لا يسعفنا أو يسعنا الإجابة عن بعض الأسئلة عن الحالة السورية وما آلت إليه من أزمات حتى ولو كانت أسئلة محددة ومعينة، تبحث عن أجوبة مختصرة أو مركزة على بعض من جزئيات هذه المعمعة، وأكثر الأسئلة أهمية للشعب السوري برمته هي متى سيحصل اتفاق بين فرقاء الأزمة؟ ولو في جزئية الاتفاق على الدستور أو الالتفاف حول كلمة سواء وهل من الممكن حصول ذلك؟ والشعب السوري لاحول ولا قوة له أمام هذه المأساة والتراجيديا، ولم يعد يملك أدنى درجة من زمام الأمور، وهذا ما كان أكثر وضوحاً في إعلان ستيفان دي مستورا المبعوث الأممي عن فشل في الاتفاق على اللجنة الدستورية في أستانة وبنسختها الحادية عشر والأخيرة، والذي حضرها كمراقب دولي وما لهذه الصفة من دلالات ومآلات، والذي كان متوقعاً كتحصيل حاصل ولم يحرز أي تقدم. فلو كانت هناك إرادة دولية جادة لإيجاد حل في مسار جنيف، لما وجد مسار أو اصطفاف أستانة وفرعها سوتشي، وكأن الشعب السوري لا يعنيه في الأمر بشيء، وعليه فإن المعضلة تكمن بين أجندات وتناقض المصالح الدولية، فإن كان هناك ثمة ما يسمى بدستور فيجب أن يكون حسب مقاسات هذه المنصة أو تلك أو هذه الدولة أو تلك، ولكل منصة ما لها وما عليها. وأعتقد أن الأزمة السورية تمر في أصعب مراحلها، وهي مرحلة البحث عن الخيارات الصعبة لكل الفرقاء؛ المحليين والدوليين، فإيران التي تعيش تحت وطأة العقوبات الأمريكية والتهديد بالطرد من سوريا تطلب من ضامني آستانة دعمها في إيجاد نصر استهلاكي أو وهمي لها تنتشلها مما هي فيه، وتركيا المحتلة للأراضي السورية في مواجهة الأمر الواقع، فإما الحرب مع سوريا أو مواجهة المجاميع المسلحة بعد أن قطعت بها السبل في ايجاد مخرج لها، حيث كان من المتأمل أن يسجل لها أي لتركيا انتصاراً على الإرهاب الدولي بعد أن وضعت يديها وقدميها في برميل من البارود بإدلب وباقي المناطق المحتلة لا سيما عفرين؛ ناهيكم عن معاناتها الداخلية سياسياً واقتصادياً، ولسان حال روسيا تقول أنها نفذت واستهلكت كل جهودها في لجم حكومة دمشق، في عدم ضرب واجتياح إدلب وبمعية إيران، ناهيكم عن أمريكا وقرب نهاية معركة القضاء على الإرهاب ولم ترسي بعدُ مراكز القرار لديها على سياسة واضحة المعالم حيال سوريا.
ـ ضمن السياق نفسه؛ تطالب روسيا دائماً بمشاركة الكرد في العملية السياسية، مع ذلك وجدنا غياباً كردياً عن اتفاق اللجنة الدستورية، كيف نوفق بين التصريحات وعدم مشاركة الكرد برأيكم؟
روسيا تصرح مراراً وتكراراً وحتى أمريكا أيضاً بضرورة إشراك الكرد، لكن ذلك لم يحصل حتى الآن، ثم أي فصيل أو جبهة كردية تقصدها، هل تقصد الكرد الذين يدافعون عن وجودهم ووجود باقي المكونات في شمال وشرق سوريا في معارك دحر الإرهاب الدولي، مع اشقائهم الذين خذلتهم روسيا في عفرين؟ أم كرد الائتلاف المواليين لتركيا؟ أم أنها مجرد استهلاك سياسي موشم بدعاية رخيصة؛ لأن الفيتو التركي لهم بالمرصاد في كل مرة، وبخاصة أنها المدعومة أصلاً بمجموعة من المصالح الاقتصادية والسياسية والعسكرية أمريكياً وروسياً أيضاً.
ـ زار العضو في الكونغرس الأمريكي توماس ألكسندر غريت شمال وشرق سوريا ومكثَّ خمسة أيام، برأيكم كيف نقيم هذه الزيارة؟
حول زيارة عضو الكونغرس الأمريكي توماس ألكسندر غريت لمناطق شمال وشرق سوريا، نستطيع القول إنها كانت إيجابية على الرغم من أنها كانت بجهود شخصية ومبادرة منه، ومع ذلك قد تساعد هذه الزيارة في توضيح معالم السياسة الأمريكية ومدى تعاطيها مع الملف السوري، ومع الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، رغم أنه قد يوجد زيارات وتعاطي دبلوماسي أكثر فعالية وأرفع شأناً، وستبقى أبواب الإدارة الذاتية والمدنية مفتوحة لأي كان ومن أين يأتي، وستبقى يدها ممدودة لأي طرف كان، في سبيل إيجاد مخرج وحلول لما تعانيه الشعوب السورية قبل وبعد 2011 وما يمكن أن تستفيد منه الإدارة الذاتية على المستوى الخارجي وبخاصة الأمريكي.
ـ ذكر عضو الكونغرس الأمريكي خلال زيارته جملة مثيرة وقد تكون خطيرة عندما قال إما أن تنسحب تركيا من سوريا أو تخرج من الناتو”؛ فالعلاقة الأمريكية التركية انتهت، برأيكم ما مدى جديّة هذا الكلام، وهل يمكن أن نعتبره موقفاً للإدارة الأمريكية أيضاً؟
بالنسبة لما صرح به عضو الكونغرس حول (أما أن تنسحب تركيا من سوريا أو تخرج من الناتو) فكما هو معلوم تركيا إحدى أهم الاعضاء في الناتو، وتربطها بأمريكا علاقات متينة، تصريح كهذا قد يصب في مصلحة تركيا أكثر؛ لأن الأمريكان يريدون خلق نوع من التوازن في العلاقة بين تركيا كدولة حليفة وقوات سوريا الديمقراطية كقوة عسكرية أثبتت جدارتها في المعارك ضد الإرهاب يمكن التعاطي أو التلاقي معها أكثر من غيرها من القوى، التي تم تجريبها لكن دون جدوى، والحيلولة في عدم انجرار تركيا كدولة حليفة لهم وراء إيران وروسيا أكثر فأكثر، ولكننا في النهاية نقول لا يمكن التعويل على كلام كهذا أو موقف من عضو الكونغرس الأمريكي الذي صرح بأن زيارته كانت شخصية.
ـ تبدو من التطورات في شمال وشرق سوريا، أن الحكومة الأمريكية قد زادت من وتيرة دعمها للمنطقة، خاصة أن هناك نقاط مراقبة يتم بناءها على الحدود بين شمال وشرق سوريا وتركيا، ما تقييمكم لهذا الدعم على الأرض؟
ما تسمونه دعما عسكرياً متزايداً لقوات سوريا الديمقراطية من جانب أمريكا يتم تقديمه هو في حدود متطلبات جنودها العسكريين وحمايتهم من الهجمات الإرهابية ضدهم، ما عدا الضربات الجوية والتي تشترك فيها عدة دول تحت مظلة التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، فلو كان هناك دعماً لوجستياً وعسكرياً كافياً لقوات سوريا الديمقراطية لكانت المعركة ضد الإرهاب قد حُسمت عسكرياً منذ زمن. ولا يمكن التعويل على نقاط المراقبة الأمريكية التي لا تندرج في دعم قسد عسكرياً ضد تركيا، بل هي لخلق حالة من التوازن وحماية جنودها من الجبهة الخلفية خوفاً من تسلل الإرهابين عبر الحدود التركية، وخلق القلاقل لها وإشغال قوات سوريا الديمقراطية الحليفة بجبهات أخرى قد تؤثر على المعركة ضدهم في دير الزور، وأمريكا تدرك قبل غيرها أن لتركيا اليد الطولى في دعم المجاميع المسلحة ودعم الإرهاب، عبر الحدود من أمثال داعش وجبهة والنصرة ومن لف لفيفهم وهي ليست بمنأى عن ذلك لا سيما أن معركة دحر الإرهاب مستمرة في جيبها الأخير في دير الزور.
ـ لاحظنا في الفترة القريبة الماضية أن التهديدات التركية لشمال وشرق سوريا قد خَفَّت من ذي قبل، ما هو السبب برأيكم وهل هناك دور أمريكي في ذلك؟
إن وضع نقاط مراقبة أمريكية على الحدود قد يكون أحد أسباب التخفيف في حدة التهديدات التركية ووعيدها باجتياح شرق الفرات. لكن؛ هناك عوامل أكثر أهمية في هذا السياق تتعلق بوضع تركيا ذاتها ووضعها في إدلب وباقي المناطق المحتلة الأخرى، وتمديد فترة بقائها ومنحها فرصة أطول في التعاطي مع ملف المجاميع المسلحة هناك؛ ضمن تفاهمات أمريكية وروسية قد تكون تتمة لخارطة المقايضات السياسية من بينها احتلال عفرين. وإذا ما أقدمت تركيا وحاولت الدخول ومهاجمة شرق الفرات، فإن التكلفة ستكون باهظة ولن تستطيع تركيا تحملها عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، وبالتالي سنكون أمام معادلة نفوذ جغرافية وسياسية جديدة تضع تركيا في مواجهة إيران وسوريا وحتى روسيا على أقل تقدير، ناهيكم عن ارتفاع وتيرة الحرب في الداخل التركي، والعمليات التي تنفذها الكريلا على الجنود الأتراك، في الوقت التي تحتاج فيه تركيا إلى تصدير أزماتها الداخلية أكثر من أي وقت مضى.