رفيق إبراهيم
بعد الحرب في لبنان وبهجوم غير مسبوق، باستخدام أساليب الحرب الإلكترونية والتقنية الفائقة من قبل إسرائيل، التي ضربت أجهزة البيجر التي كان يعتمد عليها الحزب، في التواصل بين الأفراد والمسؤولين، وفي الدقيقة نفسها فجّرت إسرائيل الآلاف من تلك الأجهزة، وأوقعت خسائر فادحة في صفوف حزب الله، دون أن تطلق ولو رصاصة واحدة من قبل قواتها، ما تسبب بذهول العالم أمام الأسلوب الجديد من الحروب، حيث أثبتت بأن الحروب التقليدية لا تستطيع الحصول على مثل تلك النتائج التي حققتها التكنولوجيا الحديثة .
وعلى ما يبدو، أن ما يجري الآن في لبنان وفلسطين، وحتى الضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل، والصراعات الأخرى في منطقة الشرق الأوسط، سيكون لها تداعيات على المنطقة بشكلٍ عام، وستكون هناك خرائط وتحالفات وبناء علاقات جديدة بين الدول، حسب المعطيات الحالية، وكل ما يحدث سيكون له نهاية، فالحرب والصراع في المنطقة لن يستمر إلى ما لا نهاية، ويجب أن تكون له حلول في المراحل القادمة، والحلول ستشمل حل الأزمة السوريّة، وقد تشمل أيضاً القضية الكردية في تركيا وإيران.
لذا لا بد من الحلول السلمية عبر الحوار ودفع الأمور إلى التهدئة؛ لأن ما يحدث في المنطقة يؤثر بشكلٍ كبير على الأمن والسلم الدوليين، والصراع يستفيد منه الجماعات الإرهابية كي تُعيد ترتيب صفوفها وتقوم بضرب الأمن والاستقرار وبخاصةٍ في سوريا والعراق، ولن تسلم من تداعياتها دول المنطقة والعالم بأسره، لذا من واجب المجتمع الدولي، السعي الحثيث لإيجاد مخرج لهذه الأزمات وحلها بالطرق السلمية، وقضايا المنطقة متداخلة ببعضها البعض، ولا يمكن حل أية قضية من دون حل القضايا الأخرى، فحل القضية الفلسطينية مثلاً لا يؤدي إلى إنهاء الحروب والصراعات في المنطقة.
ومن هنا، يجب حل القضية الكردية والاعتراف بالحقوق الكاملة للشعب الكردي، وبخاصةٍ أن الكرد عددهم يتجاوز الخمسين مليوناً، وكردستان مُقسمة بين أربع دول مختلفة، والشعب الكردي ضحى بمئات الآلاف من أبنائه في سبيل الحصول على حقوقه المغتصبة، حيث تمارس الدول المحتلة لكردستان بحق الكرد شتى أنواع الظلم والإبادة والإنكار، لذا من الموضوعي اليوم السعي لحل هذه القضية حلاً سلمياً، والكل يعلم أنه ما لم تُحل القضية الكردية في المنطقة، ستبقى جميع القضايا عالقة دون حلول، والشعب الكردي مُحِب للسلام وأياديه مفتوحة دائماً للحلول السلمية عبر الحوار .
كما يجب الالتفات إلى القضايا الأخرى العالقة في المنطقة، كالأزمة السوريّة وما يحدث في لبنان، ومناطق أخرى، وضرورة تفهّم المجتمع الدولي معاناة شعوبها، جراء صراع المجتمع الدولي والدول الإقليمية على أراضيها، والتدخّل لإنهاء الأزمات التي تعيشها تلك الدول، والتوصّل لسلام مُستدام ينهي حالة الفوضى التي تعيشها العديد من دول الشرق الأوسط، والنظر إلى تطلعات الشعوب، وبالتالي كل ذلك يؤدي لاستقرار المنطقة وجميع دول العالم.
والأمر الهام الآخر، فيما يتعلق بشعوب المنطقة، المطلوب اليوم من هذه الشعوب، توخي الحيطة والحذر والاستيقاظ من سباتها، وعدم الانجرار خلف تلك الشعارات البراقة، والاستيقاظ من غفوتها قبل فوات الأوان، فكلما زاد الصراع تسير الأوضاع في المنطقة نحو الهاوية، والمسؤولية الكبرى في وقف الحرب ونزيف الدم، تقع على عاتق المجتمع الدولي والدول الكبرى، وبالأخص الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط.