سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

حكومة دمشق… قرارات أوروبية والواقع صومالي

حسام الدخيل _

أثار قرار منع عمل مولدات الأمبير في مناطق حكومة دمشق، بعد أيام من منحها التراخيص استغراب واستهجان الأهالي في المنطقة، وذلك بسبب الغياب شبه الكلي للتيار الكهربائي، فوصف البعض هذه القرارات الصادرة من الحكومة مقارنة مع الواقع، بأنه قرار أوروبي في ظل واقع صومالي.
ونشرت صفحة مجلس الوزراء التابعة لحكومة دمشق على صفحتها الرئيسية “فيسبوك”، إن الحكومة وجهت كتاباً لوزارة الإدارة المحلية. لتوجيه المحافظين التدقيق فيما “يثار حول ظاهرة بيع الكهرباء عن طريق الأمبيرات”. لافتة أنه سيتم فرض عقوبات شديدة بحقهم وفقاً للقوانين والأنظمة النافذة، حسب ما تم إقراره في جلسة مجلس الوزراء المنعقدة الأسبوع الفائت.
ونشرت الصفحة نص القرار بعد ساعات على تسريبه في السوشيال ميديا، حيث انتشر نص القرار كما النار في الهشيم على الصفحات، قبيل إصداره على صفحة مجلس الوزراء بساعات، فعدَّه الكثير من الناشطين، أنه قرار مزور بسبب غيابه عن صفحات الإعلام الرسمي، أو حتى صفحة مجلس الوزراء، ليتفاجأ الكثير من نشر القرار على صفحة مجلس الوزراء.
الكهرباء النظامية سبعة بلمعة
تواجه مناطق حكومة دمشق، ومنها العاصمة السورية دمشق، والعاصمة الاقتصادية للبلاد حلب كغيرهن من المناطق السورية، تقنيناً قاسياً في الكهرباء النظامية، حيث لا تصل الكهرباء للأهالي كما وصفها ناشطون “سبعة بلمعة”، في إشارة منهم إلى الواقع المزري للكهرباء، الذي تعيشه البلاد.
وعلى الرغم من الأزمات، التي تعيشها البلاد لا تزال الحكومة منفصلة عن الواقع (كأنهم عايشين بالمريخ)، حيث تواصل بتقديم المفاجآت للشعب السوري، من خلال إصدار قرارات أوروبية “بس كأنو نسيانه أنو الواقع صومالي؟؟؟!!!”.
والشعار الذي رفعته الحكومة كان مغايراً لسابقه “سوريا منورة بأهلها”، حيث منعت العمل بنظام الأمبيرات بشكل نهائي، وتوعدت المخالفين بأقسى العقوبات، “كأن التراخيص يلي عندهم جايبينهم من “الموزمبيق” مو من “الحكومة” نفسها!!!”.
وجاء القرار في توقيت صعب، تزامن مع ارتفاع درجات الحرارة في المناطق السورية، كأنها تقول: “عزيزي المواطن هفهف بإيدك ما حدا يفيدك”، وللطلاب، والجامعيين يلي صادف قرار الإلغاء بالتزامن مع موعد امتحانات الإعدادية والثانوية، بالإضافة للامتحانات الجامعية “عزيزي الطالب ما في داعي للضو نسيت أن العلم نور”.
لتستمر بذلك المسرحية الهزلية، التي تقدمها الحكومة للجمهور، حتى فقد المواطنون رغبتهم بالضحك بعد كل قرار مريخي تصدره الحكومة.
“الأمبيرات تضليل وكلام عواذل”
وكما الحال، وبعد كل مفاجأة تحضرها الحكومة، انتشرت ردود الفعل الساخرة على السوشيال ميديا، بعد صدور القرار مباشرة، حيث كتب الصحفي فراس القاضي على صفحته في “فيسبوك“ معلقاً على القرار: “قرار الأمبيرات، الذي اختلفنا حوله إن كان حقيقياً أم مزوراً – وأنا ممن ظنوه مزوراً – واضح أنه قرار داخلي، سُرّب بقصد أو دون قصد، وبدايته بـ (بناء على ما تقرر في جلسة مجلس الوزراء المنعقدة بتاريخ ٢٠/٦/٢٠٢٣) يؤكد فكرة التسريب، لأن جلسة الثلاثاء لم يتم التطرق فيها – حسب ما نشره المجلس على صفحته في فيس بوك وقناته على تلغرام – لا أمبيرات، ولا غيره”.
وتابع “وقبل قليل حتى نشر المجلس القرار، أي بعد أن انتشر على السوشال ميديا بساعات، وما عاد بالإمكان تطنيشه”.
وأضاف “هناك عدة احتمالات للغاية من تسريب القرار، أنا بغنى عن ذكرها، وأنتم بغنى عن قراءة ما تعرفونه أساساً”.
وعلق أيضاً على التناقض فيما تفعله الحكومة، وما تدعيه “بس فيه شي حلو وظريف.. وهو انو محافظة دمشق بدأت بمنح رخص الأمبيرات بشكل رسمي من أسبوعين في مدينة دمشق، ورئاسة المجلس عم تقول (فيما يثار حول ظاهرة بيع الطاقة الكهربائية المولدة عن طريق الأمبيرات).
أي خيو يثار يثار.. مو صح هالحكي، وما في شي اسمه أمبيرات، هدا كله تضليل وحكي عواذل”.
الاعتباطية بالقرارات
وبدورها طالبت المواطنة داد الحجة من المحامين في سوريا توضيح نص القرار عبر منشور على صفحتها على فيسبوك، وكتبت بأنه للفت النظر فقط للمحامين على صفحتها لم يدفع انتشار ظاهرة مولدات الأمبيرات حكومة دمشق إلى وضع أسس قانونية، ومالية لمن يقوم بتزويد الأهالي بالأمبيرات البديلة عن كهرباء الحكومة، والحجة في ذلك عدم (شرعنتها)”
وكشفت الواقع في بعض المناطق السورية، بأن “نظام الأمبيرات غير مسموح به في المحافظات السورية كافة، فمثلا في حلب مسموح منذ عام 2013، وقد سُمح به مؤخرا في دمشق”.
وأضافت “في نيسان 2022 صدر قرار بمنع مولدات الأمبير في محافظتي طرطوس واللاذقية تحت طائلة العقوبة، ونتيجة الاحتجاجات، التي ملأت وسائل التواصل تمّ وقف التنفيذ، ولم يتم إلغاؤه وترافق برفع أسعار كهرباء الدولة رغم التقنين الجائر”.
واختتمت حديثها: “أنا حاصله على الحقوق، ولكني غير ممارسه للمهنة، لذا أطلب من السادة المحامين تفسير القرار الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء بهذا الخصوص في ظل هذه الاعتباطية بالقرارات ولكم الشكر”.
حقيقة القرار
فيما فضح الصحفي صهيب المصري على صفحته عبر فيسبوك حكومة دمشق، وما تخفيه عن الشعب من حقائق، تناقض القرار، الذي أصدرته بشأن الأمبيرات “أنت لاحظ عزيزي المواطن رئيس الحكومة عم يسأل عما يثار من ظاهرة بيع الطاقة الكهربائية المولدة عن طريق الأمبيرات
مع العلم:
–  المولدات الهن ضريبة مالية.
– كانت سادكوب تزود مولدات حلب بالمازوت بحصص أسبوعية حسب طاقة كل مولدة.
– البلدية بتاخد أشغال رصيف.
– المحافظة بتحدد سعر الأمبير.
– حماية المستهلك بتنظم ضبوط بحق مولدات الأمبير.
– كتب رسمية يذكر فيها أن المولدات مرخصة “.
توضيح أقبح من قرار
وبعد الإثارة وحالة الغضب، التي رافقت الشعب السوري الذي يعاني نقص الكهرباء، والذين وجودوا بالأمبيرات حلاً بديلاً، صدر تنويه من وزارة الداخلية حول إشكالية الأمبيرات، وهو كما يلي:
المكتب الصحفي في رئاسة مجلس الوزراء:
التعميم الصادر عن جلسة مجلس الوزراء بتاريخ 20-6-2023 المقصود به من يقوم بممارسة بيع الطاقة الكهربائية المولدة من مجموعات الديزل والبيع للمواطنين (الأمبيرات) دون إذن من الوحدة الإدارية والسيد المحافظ ودون أسس ومعايير معتمدة”.
هذا التوضيح خلق حالة غموض أكثر “وهيك يكون التوضيح بدو توضيح”، ولازالت المعركة مستمرة بين الحكومة الفضائية، والمواطن المنتوف المغلوب على أمره.
الحلم شاورما والواقع عدس
يبدو أننا نعيش في عالم يختلف عن الواقع المعروف، فلازالت حكومة دمشق تستميت  للحفاظ على رؤية خاطئة للواقع، حتى إنها تصدر القوانين والقرارات المنفصلة تماماً عن واقع الأهالي، وتبدو كأنّها  تفتخر بها، لن يكون ذلك محزنًا.
ولازالت تسير على نهجٍ مماثل، إذ أنها تعيش في السحابة نفسها، معتقدةً أنها تستطيع تخليص المواطنين من الأوضاع العصيبة، التي يعيشونها عبر إصدار القوانين الصارمة، ولكن الواقع المرير يكذب ذلك تماماً.

يوماً بعد يوم يبحث المواطنون عن الحياة، أو حتى مجرد العيش في كرامةٍ بسيطة، ولكن الحكومة لا تتوانى في إعاقتهم، وتزيد من تقييد حرياتهم، وتستخدم كل طريقةٍ ممكنة لسدّ الطرق أمامهم. ذلك يدفعهم إلى اليأس، ويجعلهم يمنحون الأولوية للخروج إلى بلدان أخرى، حالمين بالأمن والاستقرار، وبات المواطن يواجه العديد من العقبات، التي لا علاج لها، والقرارات المنفصلة عن الواقع تتسبب في معاناة يومية مروعة بعد مرور 12 سنة من بدء الأزمة السورية، والتي يحياها المواطنون في لحظات أشد بؤسًا وفقرًا من أي وقت مضى.