أكد رئيس حزب الكردايتي حسن شيخو أن دعوة النظام السوري لمجلس سوريا الديمقراطية خطوة هامة لحل الأزمة السورية، وأن على الأحزاب الكردية في شمال سوريا أن تتحد لإنهاء الصراعات في سوريا والحفاظ على دماء السوريين وإدارة الشعوب السورية لمناطقها، وأضاف: “إن التصريحات الأمريكية حول نيتها فرض حظر جوي وبري في الشمال الشرقي من سوريا، باعتقادي أنَّ ما صرَّح به الأمريكان من قيامهم بهذه الخطوة ما هي إلا لتخويف بعض الأطراف التي لا تحبِّذ الوجود الأمريكي في المنطقة، وهي غير مستعدة لتطبيق هذه التصريحات على أرض الواقع على الأقل حالياً.
وعلينا الابتعاد عن الخلافات الحزبية الضيقة، والتفاوض كهيكلية ومرجعية وجسد واحد مع النظام، للمطالبة بالحقوق الكردية المشروعة وحقوق بقية المكونات في شمال سوريا، والمطلوب من جميع القوى السياسية الاتفاق على صيغة محددة، والتقدم بمطالب وشروط واضحة، لأنَّها حق شعب وليس حق فئة دون أخرى، وما يحدث الآن لن يكرره التاريخ، لذا يجب انتهاز الفرصة التاريخية التي قد لا تحدث والاستفادة من الظروف الموضوعية والحفاظ على المكتسبات التي تحققت”.
وتابع: “كما وأن النظام السوري لا يستطيع بمفرده أن يتخذ أي قرار بشأن معركة تحرير إدلب من عدمها، إذ لا بد من وجود اتفاق وقرار بين الأطراف الفاعلة ليقوم بأي هجوم، ولا أعتقد أن يكون لمعركة إدلب أي تأثير على عفرين، ومن المحتمل أن يكون هناك صفقة أو اتفاقية تركية ـ روسية على شكل مقايضة على إدلب مقابل البقاء في عفرين”؛ جاءَ ذلك في حوارٍ أجراه آدار برس مع رئيس حركة الكردايتي في سوريا حسن شيخو حيث تمحور حول عدة ملفات منها: التصريحات الأمريكية الأخيرة بشأن إمكانية فرض حظر جوي وبري على مناطق شمال شرقي سوريا، واللقاءات التي جمعت بين مجلس سوريا الديمقراطية والنظام السوري في دمشق، ومعركة إدلب المرتقبة وانعكاساتها على تحرير مقاطعة عفرين.
وفيما يلي نص الحوار:
ـ ما قراءتكم للتصريحات الأمريكية بشأن فرض حظر جوي وبري على الشمال الشرقي من سوريا، وما أهداف واشنطن من وراء ذلك؟ وهل تتوقعون أن يدخل ذلك حيز التنفيذ؟
بخصوص التصريحات الأمريكية حول نيتها فرض حظر جوي وبري في الشمال الشرقي من سوريا، هذا الأمر بالمطلق يعود لأمريكا ويتعلق بمدى جديتها في اتخاذ مثل هذا القرار، وفق ما يلبي مصالحها وأهدافها من تواجدها في الشمال السوري، والغاية الثانية هي أن أمريكا تحاول أن تجعل من هذه التصريحات ورقة ضغط لتمرير مصالحها من خلال تخويف الحكومة التركية وغيرها من الدول، من أجل تحقيق بعض أهدافها مع روسيا ولإرضاء قطر والسعودية أيضاً.
إنَّ إثارة أمريكا لمثل هذا الموضوع ما هو إلا لتحقيق غاية معينة ليس إلا، وأمريكا لن تقوم بتطبيق هذه الخطوة على الأقل في الوقت الراهن، لأنه بالعودة للوراء قليلاً سنجد أنَّه عندما تم احتلال عفرين أمام أعين القوات الأمريكية، حينها أظهرت عدم جديتها وتغاضت عن موضوع احتلال عفرين حتى يمكن أن يكون هناك قبول مبطن للاحتلال التركي لعفرين. لذلك؛ فإن هذه التصريحات جاءت من أجل بث الخوف في قلوب البعض من الأطراف والقوى السياسية الإقليمية، ولإرضاء أطراف أخرى كما ذكرت، وتحقيق ما يقال بالعامية “ضرب عصفورين بحجر واحد”، فأمريكا تخلَّت عن الكرد في عفرين وتم احتلالها من قبل الأتراك والفصائل المرتزقة الموالية لها، هذه الفصائل التي مارست كل الأساليب القذرة من قتل وتدمير وخطف وبمباركة تركية، ولم تُحرِّك أمريكا ساكناً حتى الآن لتقف في وجه هذه الانتهاكات الصارخة، ولا يزال الوضع على ما هو عليه ولم يفعل الأمريكان شيئاً حتى اللحظة، لذلك وبرأيي أمريكا غير مستعدة لتطبيق هذه التصريحات على أرض الواقع حالياً.
ـ ما تقييمكم للقاءات التي جرت بين مجلس سوريا الديمقراطية والحكومة السورية في دمشق؟
نحن مع الحوار الذي يؤدي إلى الوصول لقرارات هامة بخصوص المنطقة وحل الأزمة السورية، فالحوار الوطني واللامركزية في الإدارة ومشاركة الشعوب السورية جميعها في صياغة الدستور من شأنها إنهاء الأزمة السورية وحقن دماء السوريين. إن مسألة الحوار مع النظام مرتبطة بالشأن الكردي العام أولاً وبقية المكونات ثانياً (شعوب شمال سوريا)، ومرتبطة بالشأن السوري أيضاً، ولا تتعلق بجهة أو طرف أو حزب معين. لذلك يجب أن يكون هناك جلسة واسعة لكل القوى السياسية في المنطقة والاتفاق حول قرار واحد يجمع ويتفق عليه جميع الأطراف الكردية وبمشاركة المكونات الأخرى، ويجب الابتعاد عن الخلافات الحزبية الضيقة وبخاصة في هذه الأوقات الحرجة التي نمر بها في سوريا وفي المنطقة بشكلٍ عام والتي تدعو إليها بعض الأطراف المعادية لفكر الأمة الديمقراطية، ومن ثم نذهب بهيكلية ومرجعية وجسد واحد لنتحاور مع النظام، ومن حقنا المطالبة بالحقوق الكردية المشروعة التي اغتصبت على مدار عقود من الزمن.
ـ في السياق ذاته، هناك من يعارض من الكرد هذه اللقاءات، معتبرين أن طرفاً واحداً لا يمثل الكرد جميعهم، وأن هناك أطرافاً وجهات كردية أخرى ينبغي أن تشارك في هذه اللقاءات ما قولكم؟
كما قلت سابقاً المطلوب الآن من الجميع ترك الخلافات الحزبية والشخصية جانباً، والاتفاق على صيغة محددة، والتقدم بمطالب وشروط واضحة، لأنها تخص قضية حق شعب كامل والأخذ بعين الاعتبار وجود شعوب أخرى يجب الحفاظ على كامل حقوقهم، ودون أي نقصان أو تهميش لهم. وما يحدث الآن لن يكرره التاريخ، لذا يجب انتهاز الفرصة والتصرف بعقلانية وحكمة، وكلنا مسؤولون أمام الشعب في تحقيق جميع الأهداف التي تخدم مصالح شعوبنا، لأن جهة معينة بعينها لا تستطيع أن تتحمل المسؤولية، ونحن جميعاً معنيون بتحمل هذه المسؤولية، وكان لا بد من التحضير المسبق لتشكيل الوفد بعقد مؤتمر كردي موحد يجمع الكرد تحت مظلة واحدة تشمل جميع الأحزاب والقوى الكردية والقوى الوطنية الأخرى، وبإشراف ووجود مختصين وأكاديميين وظيفتهم بالدرجة الأولى هي المفاوضات كي لا نقع في أخطاء قد تكلفنا الكثير، وباعتقادي أن هناك من له باعٌ طويل في مثل هذه الأمور وعلينا أن نستفيد منهم ونشركهم ليلعبوا دوراً هاماً في هذه العملية وفي النهاية لا بد أن تحسم الأزمة السورية عن طريق الحوار السياسي السلمي، لذلك علينا أن نكون يقظين في هذه اللقاءات إن استمرت.
ـ معركة الحسم في إدلب قد تكون نقطة انعطاف تاريخية في حل الأزمة السورية، برأيكم كيف سينتهي بها المطاف وما مصير الفصائل المسلحة والمرتزقة، وهل سيكون لها تأثيراً على تحرير عفرين؟
كما يعلم الجميع قامت القوى الكبرى والإقليمية بنقل وجمع المعارضة والفصائل المسلحة التابعة لها في إدلب بالإضافة لوجود سابق لجبهة النصرة فيها، وتواجدها هناك جاء باتفاق وبوساطة روسية وبعلم من تركيا وإيران وأمريكا وعبر المقايضات التي تمت بينها وبين هذه القوى التي تتظاهر بالعمل من أجل الشعب السوري وهي في الحقيقة لا تهمها سوى مصالحها. وتم تحديد محافظة إدلب وما حولها لتكون الوجهة لهم وقد تكون العملية مخططاً لها لتتم تصفيتهم هناك، والنظام لا يستطيع بمفرده أن يتخذ أي قرار بشأن معركة تحرير إدلب لأن في الحقيقة من يدير الأمور العسكرية والسياسية في سوريا هم الروس، وبالتالي هم من يقررون ماذا سيكون بخصوص ما ستؤول إليها الأمور هناك هذا من جهة. كما يجب أن نعلم أن الدور التركي هناك هام ويمكن أن تكون هناك مصالحات كما جرى عليها العادة، وجبهة النصرة تقف عائقاً أمام الحلول السلمية فهي لا ترضى أن تكون تحت الوصاية التركية وفصائلها هناك، إذ لا بد من وجود اتفاق وقرار روسي تركي حول القيام بأية عملية ضد جبهة النصرة، والوضع معقد جداً في إدلب وهناك الكثير من المشاكل والسبب يعود لكثرة الفصائل وبخاصة الموالية لتركيا. والأوضاع السياسية متشابكة ومعقدة للغاية بين الكثير من الأطراف الدولية والإقليمية؛ لأن الذين تم تجميعهم في إدلب ينتمون بغالبيتهم للأخوان المسلمين الذين أتوا من عديد المناطق السورية عبر التفاهمات التي حدثت، وبالنتيجة فإنَّ أغلب الظن أنه سيكون هناك اتفاق سياسي ينهي المشكلة المعقدة في إدلب، وأنا أرى أنه لن يكون لمعركة إدلب على تحرير عفرين أي ُّلأنها مسألة أخرى وهناك حولها اتفاقات بين الأتراك والروس والنظام حتى إيران، وقد يكون لأمريكا دورٌ فيها وما جرى في عفرين كان بموافقة دولية إرضاءً لتركيا.
آدار بريس