تعتبر الحرائق المستمرة والتي توسعت رقعتها من أكبر الأزمات التي واجهتها غابات زاغروس في العقدين الماضيين، حيث لا تزال تشهد حرائق مُمنهجة وتحويلها إلى أراضٍ زراعية.
غابة “بالنجانة” التي تقع على المنحدر الشرقي لجبل شاهو وفي منطقة محمية مدينة روانسر بروجهلات “شرق” كردستان، هي إحدى غابات زاغروس الواسعة والكثيفة، تحتوي على واحد من أندر التنوع الحيواني، وكان يوجد فيها عدداً لا يحصى من الفهود.
من بين أنواع الحيوانات الثديّة التي تتواجد في غابة بالنجانة هي “الدب، الغزال، الظبي، الخنزير، الذئب، الضبع، ابن آوى، الثعلب، القط البري، القنفذ، الأرنب، سمور، غرير” والزواحف مثل “السلحفاة، الثعبان، السحلية، الضفدع” والطيور مثل “النسر، العقاب، الصقر، الحجل، العندليب، الكناري، الزرزور، الغراب، نقار الخشب، الهدهد” وأنواع لا حصر لها من الحشرات، وفيما يتعلق بالأنواع النباتية في الغابة فإن أهمها أشجار “البلوط، لسان العصفور، الكمثرى البرية، اللوز البري، الزعرور”، وشجيرات مثل “الكرز البري، التوت”. وحول أهمية هذه الغابة، عدا عن تنوعها الحيواني والنباتي النادر، يمكن أن نذكر أنها الغابة الأكبر والأكثر كثافة بين الغابات العديدة الواقعة على السفح الشرقي لسلسلة جبال شاهو، والتي تضم المدن الخمسة كرماشان، كاميران، روانسر، جوانرود، باوه، لكن هذه الغابة واجهت أزمات حادة خلال حكم نظام الجمهورية الإيرانية في أوقات مختلفة.
القطع العشوائي للأشجار
إحدى الأزمات هي الاستخدام المفرط لأشجار الغابة كوقود، والتي بدأت لأوّل مرة في الفترة البهلوية الثانية، واستمرت في العقدين الأولين من حكم الجمهورية الإسلامية، حيث اضطر سكان المنطقة إلى استخدام الحطب بسبب عدم توفر الوقود في إيران.
وأدت هذه الأزمة إلى خفض كثافة هذه الغابة بشكلٍ غير مسبوق لعدة عقود، حتى في بداية عام 2000، بسبب تأخير إمدادات الغاز في قرى منطقة هورامان، اضطر الأهالي إلى الاستخدام المفرط لأشجار الغابة كوقود لذلك بقيت الأزمة مستمرة هناك لفترة من الزمن.
الزيادة السكانية في المنطقة والصيد غير القانوني
رغم أن الغابة تجاوزت الأزمة المذكورة أعلاه، إلا أنها واجهت أزمات أخرى، أحدها الصيد الغير قانوني. لقد كان الصيد شائعاً في جبال زاغروس وغاباتها منذ قرون عديدة، ولكن نظراً للثقافة البيئية في شرق كردستان حيث يوجد ارتباط وثيق بين الحياة والطبيعة، لم يتم طرح هذه القضية أبداً فالأزمة لم تتغيّر ولم تتجاوز حدودها الطبيعية والأخلاقية، واستطاعت العديد من أنواع الحيوانات أن تواصل حياتها على مر القرون.
لكن في العصر الحديث، وبسبب النمو السكاني والصيد العشوائي المبني على ثقافة التبادل الناتجة عن نظام السوق والرأسمالية، أدت مسألة الصيد إلى أزمة انقراض أنواع حيوانية بسبب الافتقار إلى الرقابة والإشراف على المؤسسات.
حرائق مُمنهجة
والأزمة الأكبر التي واجهتها غابات زاغروس، في العقدين الماضيين كانت اندلاع الحرائق المستمر وتوسع رقعتها، الأمر الذي أثّر على كثافة الغابات والتنوع النباتي والحيواني والتربة والمناخ، ويرى المجتمع في شرق كردستان أن أغلب هذه الحرائق تتم بشكلٍ ممنهج من قبل مؤسسات أمنية وعسكرية.
ويعتبر المجتمع في شرق كردستان هذه الإجراءات بمثابة “إبادة جماعية بحق البيئة”، خاصةً في صيف هذا العام حيث تعرضت الغابات في مدينة مريوان وسردشت، دالاهو، کامیاران، جوانرود، باوه، جیلانغرب وغيرها، لحرائق ممنهجة عدة مرات وكانت واسعة النطاق والتهمت آلاف الهكتارات من الغابات والمراعي. كما تحاول الحكومة الإيرانية توسيع أراضيها من خلال إحراق الغابات وتحويل معظمها إلى أراضٍ زراعية وبساتين.