روناهي/ تل حميس ـ في مستوى تطبيق العيش الكريم حسب الإمكانات المتوفرة يلجأ الإنسان عادة إلى البديل عن المفقود أو الحد منه، إذا كان باهظ الثمن، أو لا يمكن الحصول عليه، وهذا ما أجبر بعض العائلات في مدينة تل حميس، بل أكثرها، إلى الذهاب إلى حقول القطن لجمع مخلفات القطن وحطبه، فيكون مواد تدفئة، وطهي لها، على إثر نقص مواد الطاقة في الريف والمدينة.
ومن هنا جاء تصريح للمتحدثة “ابتسام العليوي” التي أكدت لنا في لقائنا معها: إن الحطب من أساسيات البيت الريفي، وإن أهم ما يميز العمل في موسم جمعه هو العمل الجماعي، الذي يسوده جو من الألفة، والتكافل الاجتماعي.
وتواظب نساء الريف الجنوبي لمدينة تل حميس بإقليم شمال وشرق سوريا للعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي بأشكاله كافة من خلال الحرص على اتباع الأعمال الروتينية، التي تحرص عليها المرأة الريفية، من خلال جمع حطب القطن بعد انتهاء موسم قطافه من كل عام، وغالباً ما يكون في أواخر الصيف وأوائل الخريف.
وتسارع المرأة في الريف خلال هذه الفترة إلى تأمين نصيب بيتها من الحطب، بعد انتهاء موسم القطن لهذا العام لمواجهة برد الشتاء، وأزمة المحروقات، فتعد هذه العادة جزءاً من متطلبات البيت الريفي، الذي تعدُّه “المرأة المدبرة” واجبا عليها لتأمين ما تيسر من مونة البيت من أطعمة ومواد أخرى تسعى إلى تأمينها قبل دخول فصل الشتاء واشتداد البرد.
الحطب من أساسيات البيت الريفي
ويعد تأمين حطب التدفئة من الأساسيات في كل بيت حيث تتواجد أكوام الحطب المصفوفة بالقرب من البيت، أو إلى جانب الغرف المخصصة بالطهي، وأحياناً يتم وضع هذه الأكوام بالقرب من حظائر الحيوانات لتتغذى على أوراق القطن المتبقية.
وعن عملية جمع الحطب؛ أوضحت “ابتسام العليوي” وهي من القرى التابعة لمدينة تل حميس والبالغة من العمر 45 عاماً: “تبدأ النساء خاصة بجمع الحطب بعد أن ترعى الأغنام أوراق المحصول الذي تم جنيه أي ما بين تشرين الأول، وتشرين الثاني ويكون حينها قد انتهى الموسم الصيفي فيبدأ الفلاحون بعدها بإزالة الحطب من الأراضي الزراعية استعداداً للموسم الشتوي”.
استخدامات الحطب المتعددة
وعن ذلك قالت: “فنحن لا نعتمد كثيراً على المحروقات في حياتنا اليومية بل نستخدم بدلاً منها الحطب سواءً في طهي الطعام، أو التدفئة، وتسخين المياه في الشتاء، بهذه الطريقة لا نكترث لأزمة المحروقات، وهذا ما يميزنا عن أهل المدن، حيث نحرص على تأمين أكبر كمية ممكنة منه”.
وتابعت: “يقوم مالك الأرض بتحديد يوم لحرث القطن فيخبر أهل القرية كافةً بهذا من أجل أن يقوموا بتنظيف الأرض من هذه الأعواد استعداداً لزراعة الموسم الشتوي من القمح والشعير، وغالباً ما تنجح الزراعة في مكان القطن بشكل ممتاز؛ لأنها أرض مروية، فتذهب نساء العائلة كاملة لجمع أكبر عدد ممكن من حطب القطن، وأن أهم ما يميز العمل في جمع الحطب هو العمل الجماعي، الذي يسوده جو من الألفة والتكافل الاجتماعي”. حيث يتم جمع الحطب بأدوات يدوية مثل المناجل والفؤوس وفي بعض الأحيان تستخدم آلات زراعية لتسهيل العملية وزيادة الكفاءة، فهي تعد من الأنشطة الضرورية، التي تساهم في تعزيز الاستدامة الزراعية، وتحسين البيئة من خلال الإدارة السليمة والاستفادة من هذه الموارد.