سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

جمال شيخ باقي: اتفاق أضنة باطل لأنه لا يُعبّر عن إرادة السوريين

أوضح جمال شيخ باقي، أن روسيا من خلال اتفاقية أضنة توجه رسالة لأردوغان مفادها أنك لن تستطيع أن تفعل ما تريده في سوريا، ولن نسمح لك بإنشاء منطقة آمنة على الشريط الحدودي، مؤكداً بأنه لا توجد إثباتات تؤكد وجود خطر على الأمن التركي.
قال الأمين العام للحزب الديمقراطي الكردي السوري، جمال شيخ باقي، أن اتفاق أضنة منذ التوقيع عليه غير شرعي وباطل لأنه لا يعبّر عن إرادة الشعب السوري، جاء ذلك خلال حوار أجرته وكالة أنباء هاوار معه حول أخر التطورات السياسية التي تشهدها الساحة السورية ونتائج اللقاء الأخير الذي جمع الروس والأتراك، واتفاق أضنة بين تركيا وسوريا.
ونص الحوار جاء على الشكل التالي:
اتفاق أضنة عام 1998الموقع بين النظام السوري والتركي من هو المستهدف، وما هي الغاية من توقيعه؟
 بداية أستطيع القول بأن هذا الاتفاق المسمى باتفاق أضنة بالأساس اتفاق غير شرعي وباطل لأنه بالدرجة الأولى لا يعبّر عن إرادة الشعب السوري، ثانياً لأنه جاء تحت التهديد بالغزو  والهجوم على سوريا، وهذا ما يُفرِغ الاتفاق من شرعيته، والاتفاق يكون فيه الطرفان يعبّران عن مصالحهم ومصالح شعبهم ويكون في خدمتهم، أما هذا الاتفاق فقد فرض عن طريق التهديد وضغوط إقليمية وعربية، وبالتالي فهو فرض فرضاً وهو إملاء ووصاية على سورية. النظام كان في موقف ضعف وتكاثرت عليه الضغوطات، وكان لا بد أن يوقع هذا الاتفاق، وهذا الاتفاق إلى الآن لم يتم مصادقته من قِبل المؤسسات الشرعية التي تمثل الشعب في سوريا، ولم يتم التصديق عليه من قِبل مجلس الشعب السوري على الرغم من أنه مجلس شكلي.
ومن هنا نعتبره اتفاقاً اضطرارياً بين تركيا والنظام في سوريا وليس تعبيراً عن مصالح الدولة السورية، الأمور والتطورات والوضع والأزمة السورية تجاوزت هذا الاتفاق كلياً، لم يعد لدينا دولة جارة مع الاتفاق أصبح لدينا دولة جارة محتلة لقسم كبير من الأراضي السورية من جرابلس وإعزاز والباب وإدلب. وتهدد يومياً باحتلال أجزاء أخرى من سوريا، بالإضافة إلى أنه كان العامل الرئيسي في تصاعد وتعقد الأزمة السورية من خلال جلبها لمجموعات إرهابية من كافة أنحاء العالم وإدخالها إلى سورية عبر البوابة التركية، إذاً عن أي اتفاق نتحدث، لا يمكن أن نتحدث عن اتفاق أضنة وشرعيته والالتزام به، لم يعد الواقع الحالي يسمح بالالتزام باتفاق أضنة.
-هل يمكن القول إن الاتفاقية كانت نقطة لبداية التدخل التركي في الشؤون السورية، وما نراه من قتل وتدمير وتهجير للشعب خلال الأزمة أحد نتائج الاتفاق؟
بالأصل التدخل التركي في سوريا وغير سوريا هو من نتيجة الذهنية التركية، والعقلية التركية التي لا تزال تتحسر على ما فقدته مما كانت تسمى الإمبراطورية العثمانية، وهي لا تزال تعتبر فرنسا وإنكلترا المسؤولتين عما آلت إليه أوضاع تركيا بعد الحرب العالمية الأولى، وبالتالي فهي لا تزال تفكر أن حلب والموصل جزآن من تركيا والإمبراطورية العثمانية كانت تمتد إلى اليمن والشمال الأفريقي وحتى إلى البلقان. هي دائماً تفكر بهذه الذهنية، وعندما تسمح لها الظروف بالتدخل في هذه المناطق وترى فيها ثغرة بأن تستعيد بعض ما فقدته في هذه المناطق فهي لا تتوانى عن ذلك، وبالتالي فهي تتربص أي فرصة للتدخل في الجغرافية الأقرب إليها وهي سوريا، فتحججت في وقتها بوجود قواعد لحزب العمال الكردستاني هنا، وجميعنا رأينا لم يكن لاتفاق أضنة أي تأثير لأن حزب العمال الكردستاني هو حزب انطلق من باكور “شمال كردستان” وكانت ساحته الرئيسية في شمال كردستان، وهو لا يزال يتواجد في هذه الساحة الرئيسية ونضاله يتطور عاماً بعد عام بعد اتفاق أضنة أصبحت إنجازاته النضالية أكثر بكثير مما كان عليه قِبل اتفاق أضنة.
-لماذا أُعيد طرح اتفاقية أضنة مجدداً وفي هذا الوقت بالتحديد؟
باعتقادي ليس تركيا هي التي طرحت فكرة الاتفاقية في هذه الآونة، إنما الذي طرح الموضوع وإعادته إلى الساحة هي روسيا، وهي مناورة تقول لن نسمح لكي بإنشاء منطقة آمنة، هذا ما أفهمه من كلام الرئيس الروسي فلايدمير بوتين، وعرضه لمسألة العودة بالالتزام باتفاق أضنة، النظام السوري طرح عدة نقاط لكي يتم تطبيق اتفاق أضنة، وعلى الأتراك أن ينسحبوا من الأراضي السورية المحتلة، أي من جرابلس وإلى إعزاز نزولاً إلى الباب وحتى تل رفعت، كما يجب أن ينسحبوا من إدلب والتوقف عن  دعم الإرهاب، هذه شروط طبيعية من اتفاق أضنة، وبالتالي فإن بوتين يحاول أن يقول له وللأتراك لا مجال أن تكون هنالك منطقة آمنة تسيطر عليها تركيا.
وتطلب روسيا منهم أولاً أن يتوقفوا عن دعم جبهة النصرة والفصائل المتطرفة المتواجدة في إدلب هذا أولاً، ثانياً عليهم أن ينسحبوا من المناطق المحتلة، وثالثاً عليهم أن يثبتوا أن هنالك تهديداً مباشراً من داخل الحدود السورية تجاه الدولة التركية. وهذا ليس مسألة مزاج، هنالك قوانين ووثائق دولية ووقائع يشهدها العالم أجمع بعد هذين النقطتين بعدم دعم الإرهاب وإنهاء الاحتلال، عليه أن يثبت أن هنالك خطر حقيقي في شمال سوريا على الدولة التركية، وبالتالي عندما يقول لهم بوتين لنعد إلى اتفاق أضنة هذا ما معناه تكبيل يد تركيا وشل حركتها.
-النظام السوري قال إنه ملتزم بالاتفاق، ولكنه طالب تركيا بالخروج من الأراضي التي تحتلها وإيقاف دعم الإرهابيين، هل من الممكن أن يُعيد الطرفان تفعيل الاتفاقية؟
اعتقد أن تفعيل الاتفاقية لم يعد ممكناً، والنظام السوري عندما يقول أنا ملزم بالاتفاق فهو يشترط كيف يكون الالتزام بالاتفاق، الاتفاق بهذا الشكل منتهي الصلاحية، وأصبح شيئاً من الماضي، وإذا كان الأتراك يريدون الالتزام بالاتفاق، فللاتفاق عوامل تطبيقه وهذه العوامل غير متوفرة على الأرض عملياً. وتركيا لم تعد جارة حسنة بل أصبحت دولة محتلة هذا من جهة، ومن الناحية الأخرى فالأتراك لا يستطيعون إثبات أي خطر على الأمن القومي التركي، وهم لا يستطيعون التخلي عن المجموعات المسلحة والإرهابية التي تدعمهم، لأن دورهم في سورية لم ينتهِ بعد، وتركيا لكي تنفذ اتفاق أضنة يجب أن تنهي أي دور لها في سوريا، ولهذا لا يمكن تطبيق اتفاق أضنة من جديد.
– وفي حال تفعيل الاتفاقية من سيكون الهدف مجدداً؟
هذه الاتفاقية من الأساس تستهدف حركة التحرر الكردستاني، وحركة التحرر بشكل عام في المنطقة، بكل تأكيد قد يستطيعون أن يتفهموا مرة أخرى ولكن ليس عبر اتفاق أضنة المزمع، بل قد تكون هناك تفاهمات جديدة بين الطرفين، النظام الذي لا يهمه شيء سوى بقائه في الحكم والحفاظ على كرسيه، وتركيا تحاول النظر إلى الأفق البعيد فالمشروع الديمقراطي في الشمال السوري إذا نجح مستقِبلاً كيف سيكون انعكاسه على الوضع الداخلي في تركيا وتحديداً على شمال كردستان، من هنا أردوغان يرى الخطر في مثل هذه المشاريع، أما الآن فليس هنالك خطر ولا أحد يحاول أن يشكل الخطر على تركيا، ولكن مجرد أن نجحنا في مشروعنا في شمال وشرق سوريا فهو بطبيعة الحال سينعكس ليس فقط على تركيا، بل على عموم المنطقة وبشكل خاص على الداخل التركي.
-ما هو موقف القوى الكردية من هذا الاتفاق؟ وكيف يجب عليهم أن يتصرفوا لإفشاله؟
عموم القوى الكردية منذ أن تم التوقيع على اتفاق أضنة، الجميع عبّروا عن موقفهم الرافض ضد اتفاق أضنة في وقتها، أما الآن مع الأسف الشديد هنالك بعض القوى الكردية تبرر للأتراك تدخلها في شؤون شمال وشرق سوريا، من خلال هذه الاتفاقية التي تراها قانونية، وهؤلاء يمثلون حجر عثرة أمام الوحدة الكردية وتحقيق الأهداف التي تسعى إليها الحركة التحررية الكردية، وهم يستخدمون كأبواق للدولة التركية، لتحقيق بعض الأجندات الخاصة بهم.
-الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو من ذكّر أردوغان بهذه الاتفاقية، ما هي الغايات الروسية من طرحها في هذه الأوقات؟  
 روسيا توجه رسالة لأردوغان مفادها أنك لن تستطيع أن تفعل ما تريده في سوريا، ولن نسمح لك بإنشاء منطقة آمنة على الشريط الحدودي مع سورية، إذا أردت تفعيل اتفاقية أضنة فلتنسحب من المناطق السورية التي تحتلها والتزم بعدم دعم الإرهاب هذا ما يقول بوتين. وعندما يتم اتفاق أضنة مع من سيتفق بالطبع مع النظام السوري، هذا النظام الذي يحاربه منذ ثمانية أعوام، ويتبنى معارضته ويسلحها، عليك أن تعلم أنك ستتعاون مع النظام وعندما ستتعاون مع هذا النظام هذا يعني حكماً أنك تتخلى عن هذه المعارضة التي تبنيتها منذ ثمانية أعوام، وبهذا الشكل فأن بوتين يعلم ماذا يقول لأردوغان وماذا يعني بكلامه.
-هل سيرضى النظام السوري وكذلك الأطراف الداعمة له ( روسيا وإيران) بدخول تركيا إلى المنطقة إذ تضمنت الاتفاقية ضمان سيطرة النظام السوري على الحدود؟
نعم روسيا وإيران لن يرضوا بدخول تركيا إلى الشمال السوري، ولو توافقوا لدخلت تر كيا مثلما دخلت إلى جرابلس والباب بضوء أخضر روسي، وكذلك عفرين، لو أن روسيا وإيران تملكان أرضية لقبول دخول تركيا إلى هذه المناطق لدخلت قِبل الآن بكثير، لا أعتقد أن روسيا أو إيران سيقِبلان بدخول تركيا إلى شمال وشرق سوريا، النظام يحاول أن يرى الوضع المناسب كي يعود هو إلى تلك المناطق ووجود تركيا في تلك المناطق غير مرحب به. والأمور لن تعود إلى ما قِبل 2011، لا تركيا ستستطيع التدخل في شمال وشرق سوريا، ولا النظام يستطيع أن يدخل عنوة إلا بموجب اتفاق يرضي الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، وهذا يعني إذا كان هناك اتفاق بين النظام والإدارة الذاتية لعودة بعض أوجه السيادة السورية إلى شمال وشرق سوريا هذا يعني بأننا بدأنا نخطو باتجاه الحل السياسي العام في سوريا، وهو مفتاح الحل العام في سوريا، هذه المسائلة لا تزال صعبة ومعقدة إلى حد ما، والعوامل المؤثرة فيها ليس فقط النظام والإدارة الذاتية هما المعنين بها، بل هنالك دول إقليمية عديدة، وأيضاً القوى الدولية التي لها تأثير وحصة في اتخاذ القرار بهذا الشأن، وهذا يعني أنه لا يمكن دخول النظام إلى مناطق شمال وشرق سوريا إلا بتوافق الجميع.