No Result
View All Result
المشاهدات 0
محمد داوود داوود –
هناك جملة من الاتفاقيات والمعاهدات التي تخصّ مسائل المياه والحدود من أجل تقاسمها ومحاصصتها بما يكفل حاجات كلّ بلدٍ للزراعة والإرواء:
ــ معاهدة سيفر(1920م): بعد انهيار الدول العثمانيّة في أواخر الحرب العالميّة الأولى وقّعها الحلفاء مع حكومة السلطان محمد الخامس في إسطنبول وبموجب هذه المعاهدة احتفظت تركيا بأراض عربية هي: حوض نهري سيحان وجيجان (كيليكيا) ومنحدرات المياه على سفوح طوروس الجنوبية (بلاد مرعش وديار بكر) ثم عقدت الحكومة التركيّة مع فرنسا بصفتها الدولة المنتدبة على سوريا.
ــ اتفاقية أنقرة (1920م): تخلّت فيها فرنسا لتركيا عن أراض جديدة شملت عينتاب، وكلس، وأورفة، وماردين، وجزيرة ابن عمرو، وجرى ترسيم الحدود سياسيّاً إلى الجنوب من خط الحدود الطبيعيّ (وهو مقسم المياه في طوروس) ولم تكتفِ الحكومة التركيّة بهذا التوغل والاندفاع جنوباً، بل طالبت بمنطقتي الموصل العراقيّة والاسكندرونة السوريّة وبسبب حرص بريطانيا، الدولة المنتدبة على العراق، على حقول النفط في الموصل فقد اعترفت تركيا بالموصل عراقيّاً (1926م) وغنمت الاسكندرونة بالاتفاق مع فرنسا (1939م) وتشكّل منطقة الاسكندرونة حوضاً مائيّاً مهماً، تتوسطه بحيرة العمق، وتنتهي إليه ثلاثة أنهار هي: عفرين، والأسود، والعاصي.
وهكذا سيطرت تركيا على أعالي دجلة والفرات وعلى مجمل حوضي سيحان وجيحان والمجمع المائيّ في الاسكنرونة، إضافة إلى أغلب أنهار قويق، والذهب، والساجور، والبليخ، والخابور (والثلاثة الأخيرة هي من روافد الفرات في سوريا). ونظراً إلى توسّع خطط التنمية في جميع دول منطقة الشرق الأوسط فقد أصبح الماء يشكّل محوراً للنزاعات وأساساً في سياسات الدول والعلاقات فيما بينها. وهكذا أصبح مسرح الصراع الجيوسياسيّ (الجيوبوليتيكي) القائم في المنطقة واسعاً ويشتمل على جميع أحواض المصادر المائيّة في المنطقة وعلى أهم الموارد الاقتصاديّة السياسيّة الأخرى وبخاصة النفط، وأهم المنافذ والممرات البحريّة في العالم وتتحرك في هذا المسرح خمس قوى إقليميّة هي: العربيّة والإيرانيّة والتركيّة والأثيوبيّة والإسرائيليّة وتتحكم بحركة هذه القوى في إطار العلاقات فيما بينها جملة عوامل داخليّة وخارجيّة تاريخيّة وجغرافيّة إقليميّة ودوليّة إضافة إلى موازين القوى وعلى هذا يمكن تفسير العديد من المواقف والممارسات السياسيّة والعسكريّة في منطقة الشرق الأوسط في ضوء النزاعات على المياه. فصراعُ العراق مع إيران بدأ حول شط العرب، وسعي تركيا إلى التحالف مع إسرائيل من جملة ما يهدف إليه هو إضعاف الوضع في سوريا والعراق حتى تتمكن تركيا من تطبيق خططها وسياساتها الخاصة بدجلة والفرات، وتوسّع إسرائيل في الأراضي الفلسطينيّة والعربيّة الأخرى يقرأ في خريطة منابع المياه ولقد تحدثت بعض التقارير الصحفيّة في الولايات المتحدة في تشرين الثاني 1990م أي بعد الاحتلال العراقيّ للكويت بأنّ واشنطن اقترحت على تركيا استخدام المياه سلاحاً سياسيّاً لإرغام العراق على الانسحاب من الكويت وذلك بقطع مياه دجلة والفرات ولكن تركيا لم تستجب للاقتراح بسبب خطورته إذ سيكون كارثة على سوريا والعراق معاً قد تؤدّي إلى عكس الهدف الذي قصد إليه قطع المياه عكساً تاماً ويجدر بنا هنا أن نشير إلى تقرير نشرته المخابرات المركزيّة الأمريكيّة CIA في أواخر العام 1993م حددت فيه عشر مناطق في العالم ستشهدُ صراعات ومواجهات بشأن المياه ويقع الوطن العربيّ في قلب تلك المناطق وقسم التقرير المناطق المرشحة للدخول في صراعات ومواجهات وفيها منطقة الشرق الأوسط إلى ثلاثة مستويات من الخطر.
1- مناطق قد تشتعل فيها حروب المياه: وفي مقدمتها : الأردن وفلسطين وإسرائيل
2- مناطق محفوفة بالمخاطر, وقد تدخل دائرة الخطر الفعليّ: وتقع في هذه الدائرة دول حوض دجلة والفرات ( سورية والعراق ) وبلدان الخليج العربيّ.
3- مناطق توتر مائيّ قابلة للدخول في مستوى الخطر خلال عشرين عاماً أو ربع قرن وتدخل في هذه الدائرة دول حوض النيل (مصر والسودان) وتتفاقم مشكلة المياه مع زيادة النمو السكانيّ في منطقة وبخاصة الهجرات الوافدة إلى اسرائيل ومع التوقعات البيئيّة التي تقول: إنّ مناخ المنطقة سيشهد تقلّبات حارّة وموجات جفاف ستؤدّي إلى انخفاض حاد في منسوب المياه في الأحواض المائيّة المكشوفة والجوفيّة على السواء أن صيف 1998م يشكّل إحدى وقائع ذلك الجفاف يحذر التقرير الأمريكيّ من مخاطر أيّ محاولة للسيطرة على منابع المائيّة أو لاحتكار مياهه أو أيّ خلل في تقسيم الحصص تقسيماً عادلاً ومنصفاً لأنَّ ذلك سيؤدّي حسب رأي التقرير إلى حروب قد يتجاوز خطرها منطقة الشرق الأوسط فيهدد السلم العالميّ.
ثانياً- أوصاف نهري دجلة والفرات
يبلغ طول نهر الفرات حوالي 2300 كم موزّعة على النحو التالي: 420 كم في تركيا، 680 كم في سوريا 1200 كم في العراق وتبلغ مساحة حوضه 444 ألف كم2 موزّعة على النحو التالي: 122 ألف كم2 في تركيا 71 ألف كم2 في سوريا، 206 ألف كم2 في العراق.
يلتقي نهر الفرات قبل أن يصل إلى مصبه في الخليج العربيّ بنهر دجلة عند منطقة تُعرف باسم كرمة علي ويكوّنان شط العرب الذي يشكل الحدود النهريّة الفاصلة بين العراق وإيران
تبلغ مساحة حوضي دجلة والفرات مجمتعين 784,5 ألف كم2 يشكّل الفرات منها 444 ألف كم2 ودجلة 340,5 ألف كم2، ومن أصل مساحة الحوضين يقع 359,3 ألف كم2 داخل حدود العراق أي ما نسبته 45,8% من مساحة الحوضين.
أما مساحة حوض الفرات في سوريا فهي حوالي 640 ألف هكتار، مازال جزءٌ منها غير مستصلح ومساحته 40 ألف هكتار في الجهة الشرقيّة من الحوض وكانت خطط استصلاحيّة مقررة للبدء بها في مطلع التسعينات ولكن تخفيض نسبة جريان النهر بسبب سد أتاتورك أجّل تنفيذ الخطة السوريّة. ويصل صبيب الفرات عند دخوله الحدود السوريّة إلى 31,4 مليارم3 سنويّاً وبعد أن اكتمل بناء السدود التركيّة على النهر في العام 2005 م انخفض الصبيب السنويّ إلى 15مليار وبلغ مجموع ما تختزنه تلك السدود 90مليار م3 مقابل 16مليار م3 يختزنها سد الفرات وتشرين في سوريا و12 مليار م3 يختزنها سد حديثة والقادسية في العراق ويعني هذا أن ما تختزنه السدود التركيّة يفوق ثلاثة أضعاف كامل الوارد المائيّ السنويّ للنهر ويزيد على ثلاثة أضعاف ما تختزنه السدود السوريّة والعراقيّة أي أنّ حصة تركيا من مياه الفرات تفوق أضعافاً مضاعفة حصتي سوريا والعراق خلافاً للقانون الدوليّ الذي يحكم بقسمة منصفة ومعقولة للمياه ويعني هذا أنّ السدود السوريّة والعراقيّة التي كلّفت البلدين أموالاً وجهوداً كبيرة بدون جدوى.
No Result
View All Result