حول مضمون رد لجنة مناهضة التعذيب الأوروبية للقاء، التي أجرته وكالة فرات معها، حول وضع القائد عبد الله أوجلان، جزم الحقوقي وعضو مبادرة المحامين السوريين للدفاع عن القائد عبد الله أوجلان، جبرائيل مصطفى، أن اللجنة غير مستقلة في قراراتها وأهدافها وعملها، ولها دوافع سياسية تخدم جهات معينة، وهي التي تفرض السياسات التي تحدث في إيمرالي.
تستمر السلطات التركية، اعتقال القائد عبد الله أوجلان، منذ أكثر من 25 عاماً، وتمارس بحقه عزلة مشددة، وتفرض عليه عقوبات انضباطية تحت حجج وذرائع واهية، وتمنع عائلته ومحاميه من اللقاء به، إضافة إلى انتهاك المواثيق والقوانين الدولية المتعلقة بحماية حقوق المعتقلين السياسيين.
وإن السياسة التي تتبعها دولة الاحتلال التركي، بقطع الأخبار عن القائد عبد الله أوجلان، تزيد مخاوف الشعب الكردي في عموم كردستان والعالم والشعوب المحبة للحرية والسلام، كما يقلق السياسيين والحقوقيين والناشطين والمهتمين بشأن قضية حرية القائد عبد الله أوجلان.
موقف لجنة مناهضة التعذيب الأوروبية الصامت، حيال قضية القائد عبد الله أوجلان، يتعرض للعديد من الانتقادات وردود الفعل، بسبب موقفها المخيب للآمال، وعدم قيامها بمسؤولياتها حيال ما يجري في إيمرالي، على الرغم من أن محامي القائد عبد الله أوجلان، والعديد من المؤسسات، والشخصيات الدولية الحقوقية، والسياسية، تقدمت بالعديد من الطلبات والرسائل للجنة، بخصوص العزلة المفروضة على القائد عبد الله أوجلان، لكن اللجنة لم تقم بالرد عليها، وتتهرب من الإجابة بالقول : “نتابع الأمر عن كثب”، ولم تصدر اللجنة أي بيان، ضد نظام العزلة حتى الآن، وهذا ما يكشف لكل المعنيين بأن اللجنة شريكة في كل ما يحدث.
وبتاريخ التاسع من تموز الجاري، تقدمت وكالة فرات للأنباء، بطلب من مناهضة التعذيب الأوروبية، إجراء لقاء حول وضع القائد عبد الله أوجلان، مع نائب رئيس اللجنة “هانز وولف”، لكن تم رفض الطلب، بحجة أن التقرير المتعلق بالزيارة الأخيرة إلى إيمرالي لم يصدر بعد، لكن الوكالة أصرت على طلب اللقاء، حتى تم القبول بالرد على أسئلتهم كتابياً، من الأمين العام للجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب “هيو شيتويند”، وذلك بتاريخ 20 تموز المنصرم.
ونشرت وكالة فرات للأنباء، تقريرا حول مضمون اللقاء الذي أجرته، كان هنالك غموض واضح حول موقف اللجنة حيال ما يحدث في إيمرالي، إضافة إلى ذلك رفضت الإجابة عن سؤالين من الأسئلة التي طرحت عليها.
ولتسليط الضوء على ذلك؛ أجرت صحيفتنا حواراً مع الحقوقي وعضو مبادرة المحامين السوريين للدفاع عن القائد عبد الله أوجلان، جبرائيل مصطفى.
وفيما يلي نص الحوار:
-أكدت لجنة مناهضة التعذيب، أن العزلة الممارسة على القائد عبد الله أوجلان، أمر غير مقبول إطلاقا ويتعارض مع المعايير الدولية، وأشارت إلى أنه لا توجد معاملة سيئة في إيمرالي، كيف تفسرون هذا التناقض؟
حقيقة، ما يمارس في إيمرالي بحق القائد عبد الله أوجلان، وباقي المعتقلين هناك، بالتأكيد يخالف القوانين والمواثيق الدولية، ويخالف مبادئ نيسلون مانديلا، والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان، وغيرها من الاتفاقيات الأخرى، التي تعارض حقوق المعتقلين، لأن موضوع تواصل المعتقلين مع عائلاتهم ومحاميهم، والتواصل مع العالم الخارجي، حق مقدس لأي سجين كان، ولا يمكن حرمانهم منه تحت أي مسمى أو ذرائع، كما تفعل تركيا بحجة فرض العقوبات الانضباطية.
إن لجنة مناهضة التعذيب الأوروبية، تدرك تماما ما يحدث في إيمرالي، وحينما تقول لا توجد معاملة سيئة، ولم ترَ بأن هنالك مخاوف على حياة المعتقلين، فهذا إن دل على شيء، يدل على ازدواجية المعايير لدى المنظمات الحقوقية الدولية، والتابعة لجهات سياسية، والدليل على ذلك، البنود التي تتخذها اللجنة للاعتماد عليها، وتركيا من الدول الموقعة على هذه البنود، ومنها يجب أن يكون هناك تعاون وسرية، وحينما تقوم أي لجنة بزيارة أماكن الاعتقال والمعتقلين من حق ذويهم أن يعرفوا مصيرهم، وتتمسك اللجنة بالسرية والامتناع عن الإفصاح عن الوضع، وهذه البنود لا يتم تطبيقها وهذا دليل بأن هنالك اتفاقيات سياسية أكثر من المبادئ القانونية، ويتضح من ذلك بأن اللجنة غير مستقلة في عملها، ولا يمكنها تقديم أي تصريح عن وضع القائد عبد الله أوجلان، بمعزل عن موافقة الدولة التركية.
ـ ألقت اللجنة المسؤولية الكاملة فيما يحدث بإيمرالي، على الدولة التركية، ما رأيكم بذلك، وألا يدل هذا الموقف على التهرب من مسؤولياتها؟
اللجنة، زارت إيمرالي تسع مرات بالمجمل، وكانت آخر زيارة لها في العام 2022، وفي أحد تقاريرها أكدت بأن هنالك انتهاكات بحق القائد عبد الله أوجلان، وكما وردت خلال الأشهر المنصرمة رسائل تهديد للقائد عبد الله أوجلان، بقتله وإنهاء حياته، إلى جانب الممارسات التي يتعرض لها. ولكن على أرض الواقع إلى أي مدى أثرت تقارير هذه اللجنة، وساهمت في الضغط على الجهات المعنية في إنهاء هذه الانتهاكات، وتحديدا على الاتحاد الأوربي كجهة سياسية، وإلى أي مدى اتخذ الاتحاد الأوروبي إجراءات بحق تركيا، كون تركيا عضو بمجلس الاتحاد الأوروبي، حقيقة إن ذلك كله يظهر المواقف الضبابية لهذه اللجنة وعملها، وتؤكد أن مواقفها مسيسة، وتخدم مصالح الدول، التي لها اليد الطولى في اختطاف القائد عبد الله أوجلان، دون النظر لإرادة سبعين مليون كردي، والملايين من الشعوب الأخرى، وخير دليل على ذلك الحملة العالمية المطالبة بتحقيق حرية القائد عبد الله أوجلان الجسدية، لذلك إن إلقاء المسؤولية الكاملة على تركيا تهرب بحد ذاته، وتسيس للقوانين والمواثيق الدولية، التي تتعارض تماما مع ما يحدث في سجن إيمرالي.
-أوضحت اللجنة، أن المعتقلين في إيمرالي، يقضون 159 ساعة أسبوعيا في العزلة، لكنها امتنعت عن تسمية الأمر بالغير قانوني، هل هناك قانون يسمح بذلك؟
في البداية، إن أردنا تحليل ذلك، فأي سجين عادي يحق له ممارسة حقوقه، سواء في الرياضة أو الخروج إلى المكان المخصص في باحة المعتقل مثلاً، وغيرها، هذا فيما يتعلق بالسجين العادي، إلا أن القائد عبد الله أوجلان سجين سياسي، وليس لديه أي جرم، إنما وحسب القوانين والمواثيق الدولية، لديه فكر معارض للأنظمة الاستبدادية، كما نيسلون مانديلا، وغيره من المعارضين السياسيين، لكن الدولة التركية تحرمه من أبسط الحقوق كتواصله مع ذويه ومحاميه.
ونحن، محامِي القائد عبد الله أوجلان، تقدمنا بطلب تقرير إلى لجنة مناهضة التعذيب المرتبطة بهيئة الأمم المتحدة، ولكن مع الأسف في كل مرة يتبين بأن هذه اللجان ليست لجاناً حقوقية، ولا تعمل حسب المعايير القانونية، إنما هي مرتبطة بأجندات سياسية، ولا تستطيع أن تقدم تقاريرها بشكل قانوني ومستقل.
وبالرجوع إلى القوانين المتعلقة بالمعتقلين، لا يوجد هنالك أي نص قانوني واضح وصريح، فهي تعطي الحق لأي جهة كانت في أن تفرض عزلة مشددة، بل على العكس تماما، هنالك نصوص ومواثيق، تؤكد على حقوق السجناء والمعتقلين، من حرية الرأي والاتصال بالعالم الخارجي وغيرها، ولكن ما تقوم به الدولة التركية، يتعارض حتى مع قانون الانضباط التركي، لأنه لا يوجد أي نص قانوني يسمح لها في اتخاذ هذه الإجراءات بحق القائد عبد الله أوجلان، وباقي المعتقلين، وهذا يدل على غياب الديمقراطية والقانون في تركيا.
وهنالك نص في دستور الدولة التركية، يؤكد أن قانون العقوبات التركية عندما يتعارض مع القوانين والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، يجبر الدولة التركية، بتطبيق القوانين الدولية، حتى أن هناك قرارات للمحكمة الدستورية التركية، صدرت بحق الانتهاكات التي ارتكبت بحق القائد عبد الله أوجلان، وأدانت هذه الانتهاكات.
لذلك؛ العقوبات الانضباطية حجة، ففي حال وجود عقوبات، يجب أن تكون هناك محاكمة، والهدف منها قطع الاتصال مع القائد عبد الله أوجلان، والرجوع بالكرد إلى مرحلة الإبادة، ومن الجانب الآخر فرض الاستسلام عليه، وفتح المجال أمام التفاوض، وهذا بحد ذاته مخالف للقوانين والمواثيق الدولية، وأيضاً حرمانه الاستفادة من قانون “حق الأمل”، أو ما يسمى في باقي الدول “بربع المدة”.
ـ اللجنة، لم تجب عن سؤالين من أسئلة الوكالة، وهما، هل ستدلي اللجنة بياناً بخصوص تركيا كما فعلته بخصوص أذربيجان، وفق المادة العاشرة؟ وهل تفكر اللجنة في لعب دور أكثر فاعلية حيال الظروف التي يعيشها القائد عبد الله أوجلان؟ فلماذا لم تجب اللجنة على السؤالين؟
فيما يتعلق بعدم الإجابة عن السؤالين المذكورين، الاتحاد الأوروبي سياسيا كان يؤيد أرمينيا وليس أذربيجان، ولكن المصالح السياسية اقتضت بأن تصدر اللجنة بيانا، تدين فيها الجرائم التعسفية في أذربيجان، يعني وبشكل واضح جدا، اللجنة لا تستطيع أن تصدر أي بيان أو تجاوب على أي سؤال، مرتبط بالجانب السياسي، دون أخذ موافقة من مجلس الاتحاد الأوربي، أو اللجنة التي تشرف على تقاريرها.
وحتى فيما يخص وضع القائد عبد الله أوجلان، وعلى الرغم من أن اللجنة وثقت بنفسها ما يحدث في إيمرالي من انتهاكات، ورغم تقديم الكثير من الطلبات بالكشف عن وضع القائد عبد الله أوجلان، إلا أنها لا تستطيع أن تتخذ موقفاً جدياً ومحايداً.
وأخيرا وباختصار، اللجنة لا يمكنها أن تتحرك دون الغرفة السياسية، التي تديرها الجهات ذات المصالح السياسية، على حساب عملها وواجبها القانوني، وهذا هو الواقع مع الأسف، ولم يعد يغفل على أحد تلك الحقيقة، اللجنة ليست مستقلة إنما تابعة لجهات سياسية.
والجدير بالذكر، أن السلطات التركية، تفرض العزلة المشددة على القائد عبد الله أوجلان، وباقي المعتقلين في إيمرالي، منذ أكثر من ثلاث سنوات، وتمنعهم من اللقاء بعائلتهم ومحاميهم، والتواصل مع العالم الخارجي.