قالت عضوة اللجنة المركزية في حزب الوفاق الديمقراطي الكردستاني بسوريا جاندا يوسف: “تستهدف تركيا عفرين سياسياً وثقافياً واجتماعياً وإزالة كل ما هو مرتبط بالتاريخ والثقافة الكردية,ومن الضروري إيجاد دستور جديد لسوريا يحدد المستقبل السوري على أسس الديمقراطية واللامركزية”. جاء ذلك من خلال الحوار الذي أجرته صحيفتنا معها حول الأزمة السورية وما يجري في عفرين والدستور السوري. وإليكم الحوار كاملاً:
ـ ما هو تصوركم كحزب سياسي في سوريا لحل الأزمة السورية المتفاقمة؟
بعد ثمان سنوات من الأزمة السورية، والتي جلبت معها الدمار والخراب والهجرة، بسبب الحرب الدائرة فيها، والحل العسكري لا يجدي نفعا إن كان من طرف النظام أو مع جميع الأطراف المتنازعة. ولم تستطع المجموعات المسلحة بجميع عناوينها أن تنتصر، وتسقط النظام في دمشق، ولم يستطع النظام القضاء على هذه الأطراف، والمجموعات المسلحة، حيث ساهمت الأزمة السورية في خلق الكثير من التوتر والصراع إقليمياً ودولياً، وحتى في موضوع الهجرة إلى أوروبا. ولهذا؛ ظهرت في السنتين الأخيرتين بوادر توافق دولي، وإجماع على إيجاد حل سياسي وسلمي في سوريا، ونحن في حزب الوفاق الديمقراطي الكردي السوري نؤيد وندعم جهود المجتمع الدولي في إيجاد الحل السياسي، والسلمي لهذه المعضلة المتفاقمة في سوريا، على أساس وقف الأعمال القتالية والصراع العسكري بين جميع القوى المتصارعة، ونرى بأن أي حل يجب أن يكون سياسياً ويكون السوريين وحدهم المعنيين به.
ـ تتدخل أطراف دولية وإقليمية عدة بشكل علني ومؤثر في الأزمة السورية، هل هناك من احتمالية للمواجهة العسكرية بين هذه القوى على الساحة السورية؟
الصراع في سوريا لم يبقَ محصوراً بين أطراف سورية ـ سورية، بل تحول إلى صراع دولي إقليمي على أرض سورية بسبب موقع سوريا الجيو بوليتيك، ولهذا نرى العديد من الدول تدخلت بشكل مباشر، وأصبحت سوريا ساحة تصفية حسابات وفرض الإرادات بين الدول وأصبحت محتلة بشكل مباشر من القوى العسكرية لبعض الدول, وبعدما انتهت مرحلة الحرب بالوكالة لهذه الدول في سوريا وحالياً التواجد العسكري المباشر لهذه الدول يعني تقسيم سوريا بينها، مع العلم أن بين هذه الدول صراع تاريخي، وهي متناقضة في الرؤى وحتى في الوضع الراهن ولكنها في الوضع السوري تتوافق وتتفاهم لإدارة الأزمة السورية لصالح أجنداتها. وبرأينا من الصعب حصول أي صِدام بين هذه الدول بشكل عسكري مباشر على الأرض السورية، ولكنها في المحصلة مضطرة على التفاهم وتجاوز التناقضات؛ لأن المواجهة العسكرية ليست لمصلحة أي من هذه الدول.
ـ بعد إسقاط طائرة الاستطلاع الروسية (إيل20) فوق الأراضي السورية، هل تعتقدون أن هناك توتر قادم بين روسيا وإسرائيل؟
بالتأكيد إسقاط الطائرة الروسية سيكون له تأثيرات من عدة جوانب فالتنسيق الروسي ـ الإسرائيلي من جهة، والأمريكي ـ الروسي من جهة أخرى، على ما يبدو غير كافٍ ويجب إيجاد شكل من أشكال التنسيق بشكل أفضل للحد من حدوث حوادث كهذه، حتى ولو كانت بسبب أخطاء فنية أو غير ذلك.
والروس من جهة أخرى لن يكتفوا بوجودهم على الأراضي السورية بهذا الوضع، بل سيسعون إلى ترسيخ وتحصين وجودهم في سوريا، ويتبين ذلك من خلال القرار الروسي بإرسال منظومة إس 300 وهذا يعني أن سوريا باقية تحت حماية روسية لأجل غير مسمى، وباعتقادي سيكون هناك توتر من الناحية الإعلامية فقط فكلتا الدولتين ستحافظان على قواسمهما المشتركة على الأراضي السورية.
ـ تركيا بعد احتلالها لعفرين وعمليات التغيير الديمغرافي تجري على قدم وساق، برأيكم ما هدفها من اتباع هذه السياسة؟
هدف تركيا من دخول عفرين لم يكن فقط من أجل إبعاد القوات الكردية كما تتحجج، فاحتلال عفرين لم يكن عسكرياً وتركيا كانت تعمل بكل طاقاتها لاحتلال عفرين، ثقافياً وجغرافياً واجتماعياً, وبعد أن احتلت المدينة فتحت المدارس الخاصة بها، حيث تسعى بكل إمكانياتها لتوطين المهجرين من المناطق السورية الأخرى فيها، وتستهدف عفرين سياسياً، ثقافياً، دينياً، واجتماعياً، والهدف إزالة كل ما هو مرتبط بالثقافة والحضارة والتاريخ الكردي على المدى البعيد.
ـ هل تعتقدون أن الاتفاقية المبرمة بين تركيا وروسيا المتعلقة بإقامة منطقة عازلة بإدلب سيكتب لها النجاح؟
اتفاقية بوتين وأردوغان بصدد إدلب جاءت بترحيب أمريكي ـ أوروبي، ولكل طرف أسبابه في إيجاد هذا التفاهم، فالأمريكيون لا يريدون سقوط إدلب لأن سقوط إدلب يعني وقف العملية السياسية، وعندئذٍ لن يلتزم النظام بالاتفاقات حول الحل السياسي والمفاوضات. والأوربيون رحبوا باتفاقية إدلب بهدف الاستمرار في الحل السياسي والسلمي وتحقيق مصالحهم في سوريا، والسبب الآخر هو التخوف من الهجرة واللاجئين، وبوتين من خلال الاتفاقية أعطى رسالة للعالم مفادها أنهم يتحكمون بالملف السوري، وباعتقادي الاتفاقية ستدوم لفترة طويلة لأنها عُقدت تحت ضغوطات دولية وأغلب الظن سيتم تسليم إدلب مثل المناطق الأخرى للحكومة السورية.
ـ في الآونة الأخيرة يتم إعداد مشروع لدستور سوري جديد، هل تعتقدون أن مقومات وضع دستور جديد لسوريا متوفرة حالياً؟
نرى من الضروري إيجاد وصياغة دستور جديد لسوريا المستقبل، ولكننا لا نعتقد أن يتم صياغة هذا الدستور في الفترة القريبة، فالدستور يجب ان يتم بتوافق من قبل جميع السوريين أولاً، وتوافق دولي ثانياً, وعلى ما يبدو أن هناك الكثير من الخلافات والمشاكل العالقة بين الدول المعنية حول موضوع الدستور، وأعتقد أن هذا الموضوع سيأخذ الكثير من الوقت حتى يتم قبوله.
– بماذا تختمين حوارنا هذا؟
عند تقييم الوضع العام في سوريا عموماً نرى من الضروري لنا كحركة سياسية كردية في سوريا، أن نعيد النظر في وضعنا الكردي ونحاول إيجاد السُبل لتحقيق طموحات شعبنا في إقرار حقوقه دستورياً، والمشاركة في صياغة الدستور الجديد, وذلك من خلال عقد الحوارات وفتح آفاق التواصل بين جميع قوى الحركة وصولاً لقعد مؤتمر كردي على مستوى روج آفا؛ لإيجاد الحلول للمشاكل والخلافات كافة بين الأطراف الكردية، للوصول إلى ورقة ومشروع عمل كردي متفق عليه، وعلينا ترتيب البيت الكردي والوصول إلى مرجعية سياسية كردية في روج آفا.