عليا بكر، هي طالبة جامعية من عفرين، شقت طريقها بعزيمة لتحقيق حلمها بأن تصبح مهندسة. وقد اختارت أن تضمّن رموز مدينتها المشهورة بزراعة الزيتون في التصميمات الهندسية للمباني والمعامل والمصانع في مشروعها الزراعي المتطور والذكي والصديق للبيئة.
بعيداً عن مدينتها وجامعتها التي هجرتها، تكللت جهود طالبة كلية هندسة العمارة البيئية، “عليا بكر” من مدينة عفرين التي تحتلها تركيا منذ عام 2018، بالنجاح. بعد خمس سنوات من الجهد المتواصل والإرهاق، تمكنت عليا من تحقيق حلمها وأصبحت مهندسة.
فقد قدّمت منذ أيام، طالبة كلية هندسة العمارة البيئية في جامعة روج آفا، عليا بكر، مع ثمانية من زملائها الجامعيين، مشاريع تخرّجهم في أول دفعة تستعد للتخرج من الكلية.
تنوعت المشاريع التي قُدّمت في الأول من تموز الجاري، حول مجمع متاحف أثرية في سري كانيه، ومركز أبحاث زراعية في عفرين، وقرية لعوائل الشهداء في كوباني، ومجمع سكني مستدام في قامشلو، ومجمع طبي بيئي في كوباني، ومجمع دار أزياء وعروض الموضة في عفرين، وجامعة روج آفا في قامشلو.
وتميزت مشاريع الطلبة بالاستخدام الذكي والمدروس للأنظمة الطبيعية والموارد المتجددة، وتقديم أشكال هندسية معمارية صديقة للبيئة، باستخدام مواد بناء صحية من موارد مستدامة صديقة للبيئة.
وكانت عليا قد قدِمت إلى مدينة قامشلو، بعد عام من تهجيرهم من مدينة عفرين عام 2018، وأبت الاستسلام، مستكملة دراستها في جامعة روج آفا، لتحقيق حلم يراودها منذ الصغر.
تنهمك الطالبة عليا بكر منذ خمسة أشهر في إنجاز مشروعها المتمثل بمركز أبحاث زراعية في عفرين، تقول: “كنت أريد بناء هذا المشروع في مدينتي؛ لأنها بحاجة إلى مثل هذه المشاريع التي كانت ستنجز للمرة الأولى”.
ويبلغ مساحة المشروع ستة هكتارات، وأبدعت عليا في إضافة رموز منطقتها المشهورة بزراعة الزيتون على أشكال الهياكل الهندسية للمعامل والمصانع، إذ اتخذت شكل مبنى مركز الأبحاث الزراعي من ثلاثة أغصان زيتون، وشكل معمل الصابون والفحم من غصنين زيتون وحبة زيتون، وشكل المعصرة مشابهاً لحبة الزيتون. ويضم مسقط المشروع قسماً للعاملين يشرف عليه باحثون، حيث سيتلقى المزارعون تدريبات على زراعة الزيتون وفق أفضل الممارسات الزراعية، وتشير عليا: “إلى أن المزارعين في منطقتها لم يجروا أي عملية بحث أو دراسة مستفيضة عن آفات وأمراض مشتقات الزيتون”.
وتهدف عليا في مشروعها، مركز أبحاث زراعية، إلى تحسين وتطوير زراعة الزيتون، وتحسين جودة الزيت، وتدريب المزارعين حول أفضل الممارسات الزراعية.
ويحتوي مشروع عليا على معصرة للاستفادة من مخلفات الزيتون، وأنشأت تصميم معمل لتعبئة الزيت ضمن عبوات زجاجية، ومعمل للمكملات الغذائية، وهي عبارة عن حبوب وفيتامينات تصنع من زيت الزيتون.
وتنوه عليا إلى أن دراستها مبنية على الاستفادة من زيت الدرجة الأولى لإدخاله في صناعة الصابون ومستحضرات التجميل، كذلك من “البيرين” المادة الصلبة التي تستخرج من شجرة الزيتون، ولاستخلاص زيت البيرين ليدخل في صناعة الزيت الحارق.
وتحوّل عليا في دراستها مخلفات الزيتون وأوراقها إلى فحم في معمل مكمل للمشروع، وتصنع سماداً عضوياً ومبيدات حشرية من مخلفاته، بالإضافة لمحطة لمعالجة تجمع المياه الناتجة.
وتقول عليا: “للحفاظ على البيئة صنعت منطقة عازلة مصنوعة من جدار ومساحات خضراء ومسطحات مائية لعزلها عن الضجيج والتلوث، كذلك استخدمت مواد صديقة للبيئة في إنشاء البناء، والطاقات البديلة التي استخدمتها، هي الطاقة الشمسية كاسرات من مادة (IRESEN)، وهي مادة صديقة للبيئة، كذلك قمت باستخدام النباتات في واجهة البناء لتنقية الهواء وتشتيت أشعة الشمس”.
المهندس المعماري والمُحاضر في كلية هندسة العمارة البيئية في جامعة روج آفا، فاضل إبراهيم يقول: “إن المستوى الذي آل إليه الطلبة يأتي بعد جهد وكدح خمسة أعوام من الدراسة وتلقي تدريبات مختلفة، وهذه المشاريع ستخدم المنطقة مستقبلاً”.
وأشار إبراهيم، إلى إن الفضل في ذلك يعود للكادر التدريسي: “استطاع الكادر التدريسي إيصال الفكرة إلى الطلبة، بين تحليلهم للمشاريع ووضع برامج مختلفة لمشافٍ، وجامعات وشركات”.
وعن رؤيته للمشاريع التي قدّمها الطلبة ذكر إبراهيم، “أن نسبة البناء في المشاريع التي قدمها الطلبة لم تتجاوز 40%. وبذلك؛ فإن هذه المشاريع تُعدّ مناسبة وصديقة للبيئة. ونحن بانتظار تطبيق هذه المشاريع على أرض الواقع”.