No Result
View All Result
المشاهدات 1
إعداد/ آرين شنكالي –
لا يخلو يوم إلا ويثبت فيه للعالم أجمع أنَّ سوريا كانت وستبقى أرض الحضارات ومهد الثقافات المتعددة التي تشكل منبع العلوم والآداب والفكر في الوقت الحالي بعد أن كانت على مرِّ الزمن أرضاً خصبة للعطاء والخير بكل ما تعنيه الكلمة.
ولعل من أبرز المكتشفات التي عُثر عليها مؤخراً، والتي قامت بها البعثة الوطنية السورية في ريف محافظة حماة وفي منطقة «تل عقيربات « شرق المدينة بحوالي 80كم، اكتشاف ثاني أكبر لوحة فسيفساء في سورية إذ تبلغ مساحتها 450متراً مربعا، وكانت تشكل جزءاً من أرضية كنيسة مساحتها الكلية نحو 660متراً مربعاً وتعود إلى القرن الخامس للميلاد.
رُسمت في اللوحة أجمل المشاهد التي تتضمن أشكال هندسية ونباتية وحيوانية متنوعة ونادرة، ونفذت اللوحة بتقنية عالية المستوى من مكعبات حجرية صغيرة الحجم متعددة الألوان، لها دلالات دينية مسيحية معروفة، من بينها طيور الطاووس والحجل والحمام البري والخراف والغزلان والأسماك، إضافة إلى مشاهد شجرة الحياة التي تدل على الخصوبة والاستدامة، كما تضمنت اللوحة أربعة عشر نصاً كتابياً باللغة الاغريقية وضعت ضمن أطر هندسية تحيط بها الكثير من المشاهد الأخرى.
وتتضمن اللوحة أيضاً اسماء من قاموا برعاية تنفيذ اللوحة وتكفلوا بالنفقات المالية لإنجازها، وتبين أنَّ اللوحة كانت من ضمن الأعمال التي ينذرها بعض الأشخاص في حال حدوث أمر ما يهمهم ويكون ذا دور كبير في حياتهم، وهم من شرائح وطبقات عدة من المجتمع ومن بينهم أناسٌ عاديون وأساقفة وموظفون، وذكر فيها أيضا المساحة التي تكفل بها كل شخص في اللوحة والمساحة مذكورة بالقدم المربعة.
وكان قد ورد ذكر بعض هؤلاء في نصوص أخرى تعود إلى تلك المرحلة كانت قد اكتشفت في مدينة أفاميا الواقعة في سهل الغاب، وهو ما يشير إلى أن الموقع كان يتبع لأفاميا وقتذاك. ويتراوح تاريخ النصوص بين سنتي 414- 437م، وهو الوقت الذي نفذت فيه أعمال رصف أرضية الكنيسة.
ويتألف مبنى الكنيسة من ثلاثة أقسام تفصل بينها الأعمدة: قسم رئيس في الوسط، ويتوسطه «بيما» الوعاظ المرتفع قليلاً، وجناح من كل جانب، وقد بنيت جدرانها من الحجارة الكلسية القاسية وما زالت أجزاء منها موجودة حتى الآن، وخضعت لأكثر من عملية ترميم كما تذكر النصوص.
وتأتي أهمية اللوحة لحجمها الكبير، إذ تعد الثانية من نوعها في سوريا بعد لوحة طيبة الإمام «شمال حماه»، وغناها بالرسوم المنفذة بغاية الإتقان، وبعدد النصوص المكتشفة فيها، وبتقنية التصنيع التي تدل على براعة الفنان السوري ومهارته عبر العصور.
والموقع اكتشف بدايات عام 2018م وعملت فيه بعثة أثرية وطنية ونقلت اللوحة بالكامل إلى المتحف الوطني في حماة.
No Result
View All Result