خاص روناهي / حلب-فعالياتٌ مكثفة شهدها حيُّ الشيخ مقصود ويومٌ مشهودٌ لثقافةِ المقاومة، فقد افتتح مركز “شوبدارين روجيه للثقافة” التابع للمركز الإعلاميّ لوحداتِ حماية الشعب صباح الجمعةِ معرضَه المتنقلِ في حي الشيخ مقصود بمدينة حلب حيث عُرضت فيه صورٌ ملتقطةٌ في مناطقَ مختلفةٍ من شمال وشرق سوريا، إضافةً لمشاركة لافتة من المخرج هيثم مصطفى بمجموعة من أفلام الدراما الوثائقيّة.
ومع قصِّ شريطِ الافتتاح من قِبل أمهات الشهداء بدأ توافدُ الزوارِ من أهالي الحي إلى المعرضِ، والذي ضمَّ ما يزيد عن خمسين لوحة اُلتقطت أثناءَ معاركِ التحرير في مناطقَ مختلفةٍ في شمالِ وشرق سوريا وفي مقدمتها حملةُ تحرير الرقة وكذلك مقاومة العصر في عفرين. وتضمنت الفعّاليّات أيضاً معرضاً للكتبِ ضمَّ وثائقيات وروايات وقصصاً قصيرة، تمحورت مضامينُها حول المقاومةِ البطوليّة في عفرين والمآثر النادرة التي أبداها المقاتلون المقاومون والأهالي خلال العدوان الهمجيّ التركيّ على عفرين.
الإداري في مركزِ “شوبدارين روجيه للثقافةِ” رشو كاسان تحدّث عن تأسيس المركز وأقسامه وفعالياته فقال:
“تأسس المركزُ بتاريخ 1/1/2018 في مدينة قامشلو، ويتألف من ثلاثة أقسام وفقاً للاختصاصات التي يُعنى بها، فهناك قسمُ الكتابةِ والتدوين وتأليف الكتب ويهتمُ بكتابة الرواياتِ والقصصِ القصيرة والدراسات والأبحاث، وقسم الإعلام، والقسم الثالث يختصُّ بالمرئياتِ وهو ما تعملُ عليه مجموعتنا حيث نقومُ بإعداد الأفلام الوثائقيّة والأفلام القصيرة والتقاط الصور الفوتوغرافيّة الوثائقيّة وكذلك مقاطع الفيديو الوثائقيّة. وستكون إقامة معرضٍ متنقلٍ للصور الفوتوغرافيّة تقليداً سنويّاً”.
وتابع رشو كاسان متحدثاً عن نشاطاتِ المركز والأعمال المنجزة: “من فترة لأخرى نقوم بإعداد فيلمٍ وثائقيّ وطبعاً ليس هناك مواعيد لإعداد الأفلام بل هو عملنا على مدار أيام السنة، ورغم محدوديّة أعضاء المجموعة إلا أنّ إنتاجنا الفنيّ كان مميزاً في العددِ والنوعيّة، ومن الأعمال المميزة التي أنجزناها فيلمٌ وثائقيّ حمل اسم “في قلب الإعصار” يرصدُ صوراً من قصة مقاومة العصر في عفرين اعتباراً من بدء العدوان وحتى النزوح.
فيما يتصل بالمعرض المتنقل فقد بدأنا به من مدينة ديريك في 27/9/2018 وانتقلنا على التسلسل إلى كلٍّ من المدن والبلدات التالية: رميلان (كركي لكي)، تربه سبيه، عامودا، حسكه، تل تمر، درباسية، سري كانيه، كري سبي (تل أبيض)، كوباني، وبعد هذه الجولة عدنا إلى قامشلو حيث اختتمنا رحلتنا في إقليمي الجزيرة والفرات، بمعرضٍ سنويّ للصورِ الفوتوغرافيّة، ومن بعدها كان قدومنا إلى مدينةِ حلب، ويضم معرضنا المتنقل الكتب والصور وكذلك عرضَ الأفلام الوثائقيّة المُنتجة من قِبلنا.
حالياً خلال وجودنا في مدينة حلب نعملُ على إعداد فيلمٍ وثائقيّ عن مقاومة حي الشيخ مقصود أمام الهجمات وحالات الاعتداء من قِبل فصائل المرتزقة، وذلك بالتوازي مع المعرض الذي أقمناه يوم الجمعة 30/11/2018، وقد سررنا بالإقبال الجماهيريّ لأهالي الحي وتقييمنا الإجمالي له جيد، ولازلنا مستمرين في عملنا”.
المخرج السينمائيّ هيثم مصطفى من عفرين تحدث عن مشاركته بالفعاليّة: “الثقافةُ تعكسُ كلَّ تفاصيلِ الحياةِ الاجتماعيّةِ بصورٍ مختلفةٍ لتقدّمَ رسالةً متكاملةً عنها بالكلمةِ والصوتِ والصورةِ. ما نقومُ به هو توثيقٌ لحالةِ المقاومةِ ليكونَ مرجعاً باقياً عبرَ الزمان، وهو أدنى واجب الذي ينبغي أن نقومَ به تجاه إعجازِ المقاومة وإكراماً للشهداء الذين افتدوا طُهر التراب بدمائهم وأرواحهم.
بالنسبة لفعاليّةِ عرضِ الأفلام فقد شاركتُ بأربع أفلام قصيرةٍ حملت عنوان (إننا نزرعُ الحياة)، والأفلام هي: (عبق الزيتون، عفرينا رنكين، الوردة الحمراء، قريتنا). وتركّز مضمونها على إظهارِ إرادةِ المقاومةِ واستمراريتها حتى اليوم والإصرار على هذا الخيارِ حتى تحرير عفرين، انطلاقاً من الإيمان بأملِ العودة والتمسك بالأرض. وتجلّت تلك المعاني من خلال الإقبال الجماهيريّ اللافت، كما كان واضحاً في ملامح الأهالي والزوار الذين التقيناهم، إذ وجدنا اللهفة والاستعجال للعودة إلى حيث الأرض والديار والبساتين والحقول.
كلُّ الأفلام التي عُرضت وثائقيّة من نوع “الدراما الوثائقيّة” رصدت طبيعةَ الحياةِ في عفرين قبل العدوان وإظهار الجانب الجماليّ والسياحيّ فيها إضافة إلى النشاط المجتمعيّ “الاجتماعيّ والثقافيّ والتراثيّ والفلكلوريّ وكذلك العمل الزراعيّ”، فقد أردنا توجيه رسالةٍ واضحةٍ مفادها أنّ عفرين كانت حاضنةَ الحياةِ في الوقت الذي استغرقت كلُّ مناطق سوريا بالصراعِ المسلّح. طبعاً كلُّ الأفلامِ تصنّفُ كأفلام قصيرة).
وختم المخرج هيثم مصطفى بالقول: “صحيحٌ أنّ مناطقنا تعرّضت لحالاتٍ عدوانٍ استثنائيّة في الوحشيّةِ والعنفِ إلا أنّ شعبنا سطر مقابلها ملاحمَ بطوليّةً استثنائيّةً في المقاومة والبسالة، والمقاومة ليست حالة طارئة على ثقافة شعبنا بل متأصلة في تاريخه وبفضلها بقي حتى اليوم، رغم المآسي والحروب وحملات الإبادة الجسديّة والثقافيّة”.