سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

تهديدات أردوغان نتاج مخاوفه من حلّ الأزمة

تسعى دولة الاحتلال التركي لفرض سياسة الإبادة العرقية التي انتهجتها طيلة عمر الدولة العثمانية ضد شعوب المنطقة، وضرب أي مشروع ديمقراطي يشكل خطراً على توجهات رئيسها الديكتاتوري “أردوغان”؛ ولهذه الأهداف تعمل على تصعيد لجهة التهديد ضدّ مناطق شرق الفرات، وأكدت شعوب شمال وشرق سوريا بهذا الصدد: “إن هذا النهج سيفشل؛ لأن شعوب المنطقة اليوم تنتهج السبل الديمقراطية وتشبثها بأرضها وثقافتها التي باتت اليوم في خطر الإبادة على غرار ما حدث للأرمن وغيرهم من شعوب المنطقة على يد العثمانيين”.
مركز الأخبار ـ لاقت تهديدات أردوغان باجتياح مناطق شرقي نهر الفرات بشمال وشرق سوريا، سخطاً واستنكاراً جماهيرياً واسعاً، وعبرت شعوب المنطقة عن رفضها القاطع لأي تدخل تركي في مناطقها ورفض أي عدوان خارجي؛ مؤكدين على قدرة السوريين على حلّ الأزمة السورية بالحوار الوطني الديمقراطي.
وفي السياق أجرت صحيفتنا “روناهي” لقاء مع الإداري في مجلس مقاطعة الشهباء اسماعيل موسى حول أهداف الدولة التركية من تصعيد لهجة التهديد بغزو مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، وأكد: “إن الدولة التركية التي احتلت مناطق من الشمال السوري تعمل على تغير ديمغرافيتها ورفع علمها هناك أمام مرأى الدول والمنظمات، وهيأت الظروف لتقسيم سوريا”، وتابع: “ما يحدث اليوم في عفرين من إبادة للشعب الكردي ودفعه للهجرة ونهب ممتلكاتهم يؤكد قولنا هذا”.
وشبه موسى التهديدات الحالية للدولة التركية لشرق الفرات بالتهديدات التي أطلقها أردوغان قبل عام ضد عفرين بالحجج ذاتها، وقال: “من هنا يتضح أن الهدف ليس الحفاظ على أمنه القومي، بل يتعدى ذلك بضرب مكونات الشعب السوري بعضها بعضاً، وإبادة الشعب الكردي وشعوب المنطقة من سريان وأرمن وآشوريين، وما حصل في عفرين من قتل وتهجير قسري للشعب أثناء وبعد العملية العسكرية التركية هو دليل حي وواقعي على منهج دولة الاحتلال التركي”.
وعزى اسماعيل موسى الجرأة التركية لرفع حجم هذه التهديدات هو بقاء المجتمع الدولي صامتاً حيال احتلال تركيا لجرابلس والباب وعفرين، واليوم مواقف هذه الدول ضعيفة مقارنة بحجم التهديد، وتابع: “رغم أن هذه التهديدات قد تدخل حيز التنفيذ. لكن؛ ما نستطيع استقراءه أنه ثمة دعم من قبل دول معينة لتركيا في رفع سقف التهديدات ولدى أردوغان أسباب أخرى داخلية وخارجية تتعلق بعزلتها الدولية وأزمتها الاقتصادية، ولكن مقابل ذلك هناك قوات على الأرض من مكونات شعوب سوريا مستعدة للدفاع عن مكتسباتها التي دفعوا دماء أبنائهم لنيلها. لذا؛ لن يكون المراد التركي سهلاً”.
ويرى اسماعيل الذي عمل سابقاً في لجنة العلاقات أن الحل السوري يمر عبر الحوار السوري ـ  السوري، وبدء العمل على فتح باب هذا الحوار أخاف الكيان التركي. لذا؛ سرّع من وتيرة هجماته الإعلامية والدبلوماسية اليوم، والهدف من ذلك بحسب اسماعيل هو منع أي تواصل سوري ـ سوري وبالتالي استمرار الأزمة السورية حتى تهيئة المجال والظروف المواتية لتنفيذ مخططات الدولة التركية التي أعربت جهاراً وعلى لسان رئيسها أردوغان في مضيها تنفيذ ميثاقها الملي الذي يرسم حدود الدولة التركية بعد هزيمة العثمانيين أمام قوات الحلفاء.
ويؤكد اسماعيل أنه أن يتوجب على دول العالم التي تريد إنهاء الملف السوري بإيجاد الحل السياسي العادل، تحجيم النفوذ التركي في سوريا وإنهاء احتلالها لشمال سوريا؛ لأن وجود تركيا بهذا الفكر الفاشي لا يمكن لأي حل سياسي عادل أن ينجح نتيجة دعمه الواضح للإرهاب ومحاولته ضرب مناطق الاستقرار في سوريا والاستحواذ على منابع الثروات الطبيعية في سوريا.
في حين قالت الرئيسة المشتركة لمجلس مقاطعة عفرين شيرين حسن، أنهم يعملون على تنظيم الفعاليات المتنوعة للتنديد بالاحتلال التركي على عفرين، والتنديد بالتهديدات التركية لشرق الفرات، وأشارت إلى أن الاحتلال التركي رغم سيطرته على الأرض في عفرين لم ولن يستطيع إدارة المنطقة وفرض الاستقرار هناك؛ لأن الشعب هناك يقاوم بكل الظروف، ولا يمكن أن يسيطر الاحتلال على أفكار الشعوب التي نالت حقوقها على مدار سبع سنوات.
ونوهت شيرين إلى أن الهدف التركي واضح من أي محاولة احتلالية، وهو التغير الديمغرافي وإبادة شعوب المنطقة وضرب النسيج الاجتماعي المتنوع، وتابعت: “من هنا يتضح أن عمر الإرهاب شارف على الانتهاء في شرق الفرات، وبالتالي انتهاء أدوات تركيا في تلك المنطقة. لذا؛ يعمل أردوغان إعطاء فرصة أخرى لداعش للحياة، لكن ما يحصل على الأرض هو عكس ذلك، داعش شارف على الانتهاء والشعب التف حول الإدارة الذاتية التي تعمل وفق منهج الأمة الديمقراطية، وبهذا الشكل تكاتفت شعوب سوريا ضد التهديدات التركية الرامية لإبادة ثقافة وتاريخ هذه الشعوب على غرار ما حصل في عفرين” في إشارة إلى مخطط أردوغان العثماني بفرض الهيمنة على الشرق الأوسط.
وعزت شيرين حسن تصاعد آمال أردوغان المزعومة إلى استفادته من التناقضات السياسية بين القوى الدولية حول سوريا والمنطقة واستثمار المجموعات الإرهابية التي تدور في فلكها بتنفيذ مخططه على أرض الواقع، ولكن نتيجة فشله الحالي في تنفيذ تهديداته، لجأ إلى تأزيم الوضع في المنطقة بالقصف على شنكال ومخيم مخمور للاجئين، وكذلك تشديد العزلة المفروضة على قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان.
واختمت الرئيسة المشتركة لمجلس مقاطعة عفرين شيرين حسن حديثها لصحيفتنا بالتأكيد على مضيهم في تنظيم الفعاليات المختلفة للتنديد بسياسات دولة الاحتلال التركي في عفرين ومخططاتها المستقبلية في المنطقة برمتها، متوعدة الشعب العفريني أن عفرين ستتحرر بفضل تضحيات أبنائها وتنظيم شعبها في الشهباء وفي الداخل.
ومن جانبه؛ أكد نائب رئيس مكتب حزب سوريا المستقبل بإقليم الجزيرة، سامر بحي: “لا نستغرب تهديدات أردوغان وأحد حلفائه المتمثل بداعش يتعرض لهزائم بليغة، هذا الأمر تعودنا عليه كونه كلما تعرضت المجاميع المرتزقة لضربات قوية يخرج أردوغان بتصريحات خلبية، حيث يسعى من وراء تهديداته إلى إعطاء جرعة معنوية لحلفائه الإرهابيين”.
وأضاف: “نرفض هذه التصريحات من قبل أردوغان بحق مناطقنا، ونطالب المجتمع الدولي بموقف حازم تجاه ذلك في ظل تطلعاتنا لترسيخ الاستقرار في المنطقة، إلا أن أردوغان يغرد خارج السرب ولا يزال يدعم حلفاءه الإرهابيين في المنطقة. وليس خافياً أن حلفاء تركيا الإرهابيين (داعش) يتلقى رصاصة الرحمة شرقي نهر الفرات، ما دفع لخروج أردوغان بتصريحات تهديدية لضرب حالة الاستقرار التي تنعم بها المنطقة، وعلى الشعب التركي أن يكون على دراية بأن سياسة حكومتهم ستضر بشعبها، في ظل استمرار أردوغان بعقليته العثمانية”.
وقال نائب الأمين العام لحزب المحافظين الديمقراطي، أكرم المحشوش: “تتزامن تصريحات أردوغان مع عيش داعش مراحل حرجة من زواله، التصريحات الإعلامية لا تكفي يجب أن تكون هناك تحركات جدية من قبلنا كنفير شعبي للتصدي لهذه التهديدات التركية. تركيا احتلت الكثير من المناطق السورية “جرابلس والباب وعفرين وغيرها” لذا يجب علينا الوقوف بشكل جدي وجماعي وإعلان النفير العام للوقوف إلى جانب القوات الموجودة على الأرض للرد على هذه التهديدات والتدخلات إن حصلت”.
واختتم حديثه بالقول: “كما نلقي بالعتب على التحالف الدولي وبالأخص أمريكا التي وضعت نقاط مراقبة على طول الحدود للحد من الخطر التركي، يجب أن يكون الموقف الأمريكي صارماً حيال هذه التهديدات تجاه مناطقنا الآمنة”.
كما وأكد المسؤول المشترك لفرع حزب الاتحاد السرياني – الحسكة، كابريل شمعون: “التهديدات التركية الأخيرة محاولة لعرقلة تقدم قوات سوريا الديمقراطية شرقي نهر الفرات ضد مرتزقة داعش الذي بات يلفظ أنفاسه الأخيرة في جيبه الأخير، كما أن أردوغان يسعى لعرقلة الحل السياسي السوري – السوري. ويهدف أردوغان إلى إطالة الأزمة السورية وتصدير أزمته الداخلية إلى الخارج وحصرها تحت عنوان “إن قوات سوريا الديمقراطية تهدد الأمن القومي والسلم التركي”. ونحمّل المجتمع الدولي والنظام السوري عواقب هذه التهديدات، ونحن مستمرون في مقاومتنا ونقف صفاً واحداً كمكونات المنطقة ضد العدوان التركي الذي يستهدف إفشال الحل السوري – السوري القادم”.
وفي السياق ذاته؛ أكد أحد وجهاء عشيرة العون الشيخ رشو سعيد علي؛ قائلاً: “إن هدف أردوغان ليس مناطق شمال وشرق سوريا، وإنما استهداف وحدة التراب السوري”، وأكد على  ضرورة التلاحم الوطني بين المكونات السورية أمام جميع المؤامرات الدولية التي تحيك ضد الشعب السوري؛ وجاء ذلك خلال لقاء أجرتها صحيفتنا “روناهي” مع أحد وجهاء عشيرة العون؛ كبرى العشائر العربية في منطقة صرين بشمال سوريا، رشو سعيد علي، حول موقفهم من تهديدات الدولة التركية لشن هجمات احتلالية على مناطق شمال وشرق سوريا.
وندد رشو علي في بداية حديثه تهديدات وتصريحات الدولة التركية لشن هجمات احتلالية على مناطق شمال وشرق سوريا. وأضاف: “يحاول ن أردوغان منذ بداية الأزمة السورية أن يقتطع أجزاء من سوريا ويلحقها بتركيا، هدف تركيا ليس شمال وشرق سوريا وحسب، وإنما استهداف وحدة التراب السوري”.
مواصلاً حديثه بالقول: “ففي الوقت الذي تلفظ داعش أنفاسها الأخيرة في دير الزور يحاول أردوغان عبر تهديداته باجتياح سورية تخفيف الضغط وإطالة عمر مرتزقتها في هجين، إضافة إلى ضرب النسيج الاجتماعي السوري وحالة التعايش المشترك والتآخي بين مكونات الشعب السوري في شمال وشرق سوريا. إن مشروع الأمة الدمقراطية الذي على أساسه تنظم شعوب شمال وشرق سوريا نفسها تشكل تهديداً لمصالحه وطموحاته. لذا؛ يود يهاجم مناطقنا لإعادة أمجاد إمبراطوريته على حساب المواطن السوري”.
وناشد وجيه عشيرة العون الشيخ رشو سعيد علي في حديثه دول العالم بالوقوف أمام سياسيات أردوغان الساعية لاحتلال أجزاء من سورية وإلحاقها بالأراضي التركية بالقول: “ندعو كل من دول العالم والتحالف الدولي بالتصدي لسياسة أردوغان العدائية واتخاذ موقف صريح عما يرتكبه من اعتداء على الأراضي السورية”.
مطالباً النظام السوري باتخاذ موقف صريح ضد التهديدات التركية، التي تسعى إلى تجزئة الأراضي السورية، والاعتداء على السيادة السورية.
مختتماً حديثه بالقول: “نحن شعب مسالم نناهض فكرة الحرب والقتل والدمار، ولكننا نؤكد على إصرارنا ومقاومتنا أمام أي احتلال يمس أرضنا”.