No Result
View All Result
المشاهدات 1
أحمد اليوسف –
الثقافة هي رأسمال المجتمع المتقدّم وهي التي تُبرِز ملامحهُ الواضحة للعالم أجمع، وحين تتنوع الثقافات في مجتمع ما، فستمنحهُ غنىً واسعاً في بناء الحضارة، وتعطيه أساساً مكيناً في هذا البناء ليكون أكثر تماسكاً وتكاملاً، فكل بناء يقوم على دعائم عدة، والبناء الثقافي للمجتمع يقوم على التكامل والتناغم بين الثقافات المختلفة فيه، وحين يكون هذا المجتمع متنوّعاً في أطيافهِ ومكوّناتهِ، فهذه فرصة كبيرة وحظ كبير ليبني ثقافة متنوعة متكاملة، إن تمّ التناغم والتكامل بين هذه الثقافات المتنوعة، وكانت العميلة عبارة عن تبادل بين هذه الثقافات المجتمعية.
ومما لا شكَ فيه أنّ لكلّ مكوّنٍ ثقافةٌ خاصةٌ به وعاداتٌ وتقاليدٌ وأعرافٌ اجتماعيةٍ تخصهُ، لكن إن تم ممارستها بمعزلٍ عن بقية الثقافات المتواجدة في مجتمع واحد، فلن تؤدي دورها الكامل في البناء الاجتماعي، بل ستُحدِث شرخ في هذا البناء، أما إن تمّ دمج تلك الثقافات فيما بينها فسوف تنتج بناءً ثقافياً اجتماعياً متكاملاً وذلك من خلال تبادل الثقافات بين تلك المكونات، والتعارف فيما بينها على الخصائص التي تميّز كل ثقافة عن الأخرى دون الفصل بينهما، بل ليكن هذا التعارف بمثابة إضافة خصائص موجودة في ثقافة مكونٍ ما إلى ثقافة المكوّن الذي لا يمتلك ذات الخصائص ويكون ذلك عبر عمليةٍ تبادلية، وبهذا يتم تعبئة النواقص المتواجدة في الثقافات المختلفة إن وِجدَت.
إنّ التنوّع دائماً يعني الغنى والزيادة في الإيجابيات والتقليل من السلبيات، على مبدأ التكافل الاجتماعي، والتكامل الحضاري، للأمة التي تحمل مشروعاً واحداً وهدفاً واحداً وهو الحياة الحرة الكريمة في ظل التعددية والديمقراطية والتعايش المشترك.
بعيداً عن إلغاء أي خاصيّة من خصائص الثقافات التي تمثّلها مكوّنات المجتمع المختلفة، لأنّ إلغائها يعني طمس ثقافة عريقة ممتدة منذ العصور الأولى لشعبٍ ما، وبديلاً عن هذا الطمس أو التجاهل علينا أن نجعلها عملية تكامل وسد ثغرات، كذلك يجب الانفتاح على الثقافات العالمية أيضاً لأن ذلك من شأنه أن يُغني خبراتنا بالمزيد من خلال التعرّف والانفتاح على ثقافات العالم الذي نعيش فيه، ويحدث هذا من خلال الترجمات إيراداً وتصديراً، أي تصدير ثقافاتنا للعالم من أجل أن يتعرّف علينا كشعوب لها خصائص مميزة، وكذلك نستورد ثقافات من أنحاء العالم لنستفيد منها ومن تجاربها في بناء مجتمع متقدم ومتطوّر في شتّى مجالات الحياة.
تنوّع الثقافات دليلٌ واضحٌ على انفتاح المجتمع على العالم واتجاهه نحو التقدّم ونيّته على مواكبة العالم في تطورهِ الذي فاق التصورات في كل المجالات، الصناعية والعلمية، والاقتصادية.
إنّ الثقافة المتنوعة في مجتمعٍ واحد تبرز جميع الأدوار لكل المكونات والأطياف، حيث تظهر بمظهر متكامل كالجسد الواحد، والذي يتألف من أعضاء مختلفة، ولكنها متكاملة ومتناغمة، لذلك تستمر حياة هذا الجسد باستمرار عمل الأعضاء جميعها، ولو توقف عمل عضو من هذه الأعضاء، أصابَ البقية العجز والضعف، وربما أدت إلى شلل الجسد كاملاً، أو حتى نهايتهِ وتوقف الحياة فيه، وكذلك المجتمع يحتاج إلى أن يكون جسداً واحداً، وأن يندمج العضو منهم مع بقية الأعضاء ويعطيهم ويأخذ منهم، ليكون جسد الأمة قوياً متماسكاً متكاملاً متنوع القدرات والمعارف والثقافات.
No Result
View All Result