No Result
View All Result
المشاهدات 1
رياض درار –
إذا اتفقنا أن المسألة السورية صارت مسألة تنازعات دولية وإقليمية، وأنها لا تحتمل فكرة النصر أو الهزيمة بين هذه الأطراف، وإنما هي صراع لرسم مسارات لاحقة لقضايا وخلافات جوهرية بين المتنافسين، ومن ثم أداة لرسم ملامح مرحلة قادمة من التوازن الدولي والإقليمي ليس للسوريين فيه دور؛ كونهم يمثلون الملعب وليس بينهم لاعبون، وأنهم خاضوا معارك الآخرين على أرضهم وصاروا ورقة في أجنداتهم. إذا اتفقنا فليس لنا إلا أن نلتفت لأنفسنا ونعيد تقرير مصيرنا بأيدينا، ونحل خلافاتنا قبل أن نذهب إلى استراتيجيات جديدة تهدد وحدة سوريا، وتهدد مستقبل الشعوب فيها؛ عدا عن كون هذه الاستراتيجيات لن تتحقق إلا بمزيد من القتل والتدمير والتهجير، وانتهاء عوامل الحياة الصالحة لاستمرار مفهوم الدولة بعد أن بلغت الهشاشة أن السوري ليس موجوداً حيث يقرر الفاعلون مصائر الناس ومسارات الأحداث.
لا بد من الوضوح في الرؤية والإرادة في القرار، بعد أن بلغت التعقيدات منتهاها، وصار لا بد من حل سياسي يتفق عليه السوريون، وهو يتطلب التفاهم على عدة جبهات وبين أطراف عدة.
تبدأ هذه التفاهمات بين أبناء شرق الفرات وشماله بعد تحرير هذه المنطقة الواسعة من داعش ودحره مع إمكان استمرار الصراع معه، بعد أن غيّر وجهه العسكري إلى الاختفاء والتحرك عبر خلاياه النائمة وذئابه المنفردة، زرعها أو تنفذ بنفسها ما تراه عملاً إيمانياً وواجباً مبدئياً؛ فهي تنفذ مهام اعتقادية وتلتزم عقودًا شرعية، بأهداف تعتبرها دينية وواجبة. ففي الشمال الشرقي هناك القبائل والعشائر العربية التي يسعى الأطراف لكسبها وهم غير منظمين في جامع يجمعهم. لذلك؛ يسهل كسب موالاتهم والتلاعب على مصالحهم من قِبل الأطراف التي لها مصلحة بإضعاف المنطقة وإثارة الفتنة فيها، ويجب العمل على توحيد صفوفهم، وتوعيتهم من الآثار المميتة للتفرقة، ويجب تمثيلهم ومشاركتهم الإدارة والسياسة والمصالح وأن يكون لهم رأس مدبر يجمعهم على قرار يحمي المنطقة.
وهناك الأطراف الكردية وهي أطراف متنازعة سياسيا وتابعة لامتدادات أبعد من سوريا، فيجب التفاهم بينها على المصالح المشتركة، ولعل المجلس الوطني الكردي أولى بالتفاهم لتواجده ضمن الطرف الذي يعمل وفق أجندات غير سورية، وهو له مطالب يمكن مناقشتها والتوافق حولها مثل التفاهم حول معيار شرعية السلطة في المنطقة، وما يتطلبه من إطلاق حرية الحياة السياسية، وديمقراطيتها التي تقاس بوجود المعارضة فيها، وإلغاء ملف الاعتقال السياسي، وتشاركية السلطات وتوزيعها عبر إصلاح هياكل الحوكمة، واتخاذ إجراءات ديمقراطية للمشاركة في المجالس المحلية. إن دورة جديدة من التفاهم السياسي يمكن أن تشكل سلمًا للانتقال إلى مواجهة أكبر مع باقي أطياف المعارضة ودعوتها للحوار والتفاهم.
ننتقل إلى باقي أطياف المعارضة وهي جنسان، الأول: قوى ممثلة بالائتلاف وهيئة التفاوض وقد أصبحت ضعيفة لا تملك من إرادتها شيئاً ولا موقفاً، فهي ملزمة اليوم بالعودة إلى السوريين لاستمرار وجودها الذي لا معنى له إلا كونها تمثل بغية الاعتراف الدولي بها لتمارس دوراً تفاوضياً للوصول إلى الحل السياسي، فهي تحتاج النزول إلى الأرض والتعامل مع قوى سورية مستثناة من أجنداتها في مرحلة القوة ما بعد التأسيس، هذه القوى ممثلة بمجلس سوريا الديمقراطية التي لديها الأوراق التفاوضية والقوة التي تحمي هذه الأوراق ممثلة بقوات سوريا الديمقراطية. فإن قاربت قوى الائتلاف فلها وإن ابتعدت فعليها، وتتحمل النتائج. أما الجنس الآخر من المعارضة فهم مثقفون وتجمعات خرجت من الائتلاف وقوى ناشئة في الداخل والخارج؛ فلابد أن تجمعهم مبادرة الحوار السوري ـ السوري وتستمر معهم في تطوير مسارات السعي نحو الحل السياسي التفاوضي ووضع خطوطه العريضة مع ملامح المستقبل السوري للتغيير الديمقراطي.
بالنتيجة والجميع ذاهب نحو دمشق، فيجب أن يكون الهدف هو دعم الاستقرار وليس كسب أوراق سياسية، والسعي للانتقال من الدولة الفاشلة إلى أن تعود قوية بمشاركة أبنائها، وفق نظام اللامركزية الديمقراطية الذي يتيح مساهمة الجميع بإعادة الحياة، في البناء والإعمار، وفي التقدم والاستقرار.
No Result
View All Result