سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

تعديلات تطرأ على المبادئ والأحكام الخاصة بالمرأة فهل ستُنصِف حقوقها؟

تقرير/ نشتيمان ماردنلي –

روناهي/ قامشلو- بعد إصدار المبادئ الأساسية والأحكام العامة الخاصة بالمرأة منذ أكثر من خمس سنوات سيطرأ عليها بعض التعديلات لإنصاف حقوق المرأة في الفترة القادمة.
نظراً لتعرّض المرأة في مجتمعاتنا المسيرة بالمفاهيم الذكورية للعديد من المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والنفسية وغيرها، وما يحمله الواقع على المرأة من ظلم وتهميش وحرمان للحقوق بالإضافة إلى الموروث التقليدي الذي يقف عائقاً أمام تقدمها ويحد من تطلعاتها نحو الأفضل، قامت الإدارة الذاتية الديمقراطية بسن المبادئ الأساسية والأحكام العامة الخاصة بالمرأة للحد من قضايا الظلم والتهميش بحق المرأة وحرمانها من حقوقها كالطلاق بالإرادة المنفردة, التزويج القسري, وتعدد الزوجات, إلى ما هناك من قضايا لا تعد ولا تحصى.
أحكام خاصة تضمن المساواة الفعليّة
بما أن حرية المرأة وحقوقها من الأهداف الأساسية للإدارة الذاتية الديمقراطية كان لا بد من معالجة جميع قضايا المرأة العالقة في المجتمع ورفع مستواها في كافة المجالات وتأمين حياة هانئة مستقرة لها والدفاع عنها بوجه الاضطهاد والعنف وضمان حقوقها المشروعة, ومن أجل ذلك تم وضع مجموعة من المبادئ الأساسية والأحكام العامة الخاصة بالمرأة تضمن المساواة الفعلية لها من أجل بناء مجتمع ديمقراطي حر.
وبهذا الخصوص ألتقينا مع الرئيسة المشتركة لمجلس عدالة المرأة في إقليم الجزيرة نوروز أسعد التي أوضحت أسباب ونتائج إصدار المبادئ والأحكام العامة الخاصة بالمرأة ومن ثم دراستها من جديد ليطرأ عليها بعض التعديلات التي من شأنها تنصف حقوق المرأة حقاً  فقالت عن ذلك: “بالرغم من المحاولة لوضع حلول لمشاكل المرأة التي كانت تلجأ سواءً إلى دار الشعب أو دار المرأة اللذان تم تأسيسهما بعد الثورة, إلا إن بعض القضايا كانت تظل عالقة لعدم وجود أية مادة أو قانون ينصفها حينها, لذا تم البدء بالعمل على حل تلك المشاكل التي لم يتمكن دار المرأة من  وضع حلول مناسبة لها قانونياً, ليكملا عمل بعضهما البعض, وتم تثبيت قوانين ديوان العدالة ودراستها أكثر فيما بعد, والتي شملت قوانين للحفاظ على حقوق الطفل وقوانين للمرأة وهي ثلاثون قانوناً, جميعها تحت مسمى “العقد الاجتماعي”, وهو المرجع الأساسي لتطبيق القانون في أية مسألة كانت, حيث بدأ العمل على تلك القوانين في ربيع 2014, بعد مناقشات من قبل حقوقيين وغيرهم, وبالاتفاق على تلك القوانين والبنود, صدرت بالشكل الرسمي في عموم روج آفا وشمال سوريا وتم الاعتماد عليها ضمن المحاكم، وبقيت قيد العمل عليها إلى العام الجاري، حيث تم الاتفاق على تعديل قوانين المرأة”.
مبينةً بأن هذه القوانين تسري على الجميع في شمال سوريا حتى لو كان الخلاف بين امرأتين, يتم أيضاً الإنصاف بينهما بالقانون ذاته, وفيما يخص الخلافات المادية تكون هناك فترة محدودة لتوقيف الطرف المعتدي إلى أن يتم دفع المال من قبله، حسب قولها.
أنماط الزواج الخاطئة تهدرُ حقوق المرأة
حول موضوع الزواج والمفاهيم الخاطئة في الشرق الأوسط بينت نوروز بأن الزواج علاقة مقدسة مبنية على قواعد وأسس تربط بين الرجل والمرأة على المودة والاستقرار, ولكن في حياة شعوب معظم المجتمعات خاصة العربية انحرفت هذه العلاقة كثيراً عن الميثاق الغليظ وغابت دعائم الأسس التي تقوم عليها الحياة الزوجية الناجحة وامتلأت بعض البيوت بالعنف نتيجة عدم التكافؤ بين الطرفين، منوهةً بأنه من المفاهيم الخاطئة التي لا زالت منتشرة في مجتمعاتنا تزويج القاصرات وزواج الأقارب إكراهاً, وزواج المتعة, والخيانة الزوجية, وكذلك تعدد الزوجات, كل هذه الأنواع قد واجهت المرأة ودفعت ثمنها باهظاً من استقرارها وأمنها لأن ما تحمله من ضرر يقع على المرأة والطفل، بحسب قولها.
وحول القوانين التي تحمي المرأة في الحياة الزوجية أوضحت نوروز بأن القوانين تشمل الكثير من بنود حماية المرأة من هذه الزيجات قائلةً: “ومن هذه القوانين منع تعدد الزوجات, حيث يحق لكلا الطرفين طلب التفريق ولا يجوز الطلاق بالإرادة المنفردة, ومنع “حيار” الفتاة وزواج الشغار(البدل) مع فرض عقوبات على كل من يخالفها, وتجريم القتل بذريعة “الشرف” واعتباره جريمة مكتملة الأركان المادية والمعنوية والقانونية ويعاقب مرتكبها بالعقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات كجريمة قتل قصد أو عمد, وإلغاء أية أعذار قانونية لارتكاب هذه الجريمة, وفرض عقوبة متشددة ومتساوية على مرتكب الخيانة الزوجية من الطرفين, ومنع تزويج الفتاة قبل إتمامها الثامنة عشر من عمرها, وللمرأة حق حضانة أطفالها حتى إتمامهم سن الخامسة عشر سواءً تزوجت أو لم تتزوج، ويكون بعدها حق الاختيار للأولاد ومن واجب الطرفين تأمين السكن والنفقة والرعاية الصحية والاجتماعية للأطفال طيلة فترة الحضانة”.
مؤكدةً بأنه في القضايا الخاصة بالمرأة المعروضة أمام المحاكم في شمال سوريا يلزم حضور ممثل عن مركز المرأة ولها الحق في تقديم ما تراه مناسباً من حقوق مادية, وفي حالة التفريق للزوجة الحق في كل مستحقاتها أثناء المهر والمصاغ الذهبي أو ما يعادل قيمتها سواءً كانت في حيازتها أم تم صرفها من قبل الزوج.
تعديلات برسم التصديق عليها
وبشأن التعديلات التي طرأت مؤخراً على قوانين المرأة ذكرت نوروز بأنه مع مرور أكثر من خمس سنوات على هذه القوانين والتجارب والخلافات العديدة التي تظهر يوماً بعد يوم, تم دراسة هذا الوضع على مدى عام من جميع الجوانب، وتبين أن هذه القوانين أيضاً غير كافية لإنصاف المرأة اجتماعياً واقتصادياً, وتم التنسيق مع جميع المراكز المعنية بشؤون المرأة في عموم روج آفا وشمال سوريا لدراسة هذا القرار في تعديل المواد السابقة وإضافة قوانين أخرى لتصبح أكثر من 40 قانون, وأردفت: “ولكن مع الأوضاع الأخيرة التي طرأت في المنطقة من حظر تجوال بسبب جائحة كورونا لم يتم تصديق القوانين الجديدة بعد”.
اختتمت الرئيسة المشتركة لمجلس عدالة المرأة نوروز أسعد حديثها بالقول: “من المؤكد أننا في العمل الحقوقي نواجه الكثير من الصعوبات وخاصةً لما تمر به المنطقة من ثورة وخلافات يومية في المجتمع, إلا أننا نواصل الوقوف بجانب الحق ونأمل أن نكون المرآة التي تعكس المجتمع الهانئ والصحيح في مرحلة حساسة كهذه, ونطمح لاستفادة المجتمع من التجارب ووصلوهم إلى التفاهم الذي يرضيهم حتى من دون اللجوء إلى القوانين والمحاكم”.