No Result
View All Result
المشاهدات 0
رستم محمود-
كاتب يوضح بمقاله الأزمة التي تمر بها تركيا فيما يتعلق بتهديداتها تجاه إدلب، رستم محمود يقول في مقاله: “تمر الأوقات سريعة وعصيبة على الرئيس التركي أردوغان، وعليه خلال الأيام القليلة القادمة، أن يقرّر بشأن بلاده نحو واحد من خيارين استراتيجيين متباينين، كليهما غير مأمون الجانب، ويمكن لأية حسابات خاطئة في التعامل معهما، أن تترك تأثيراً استراتيجياً عميقاً على حاضر ومستقبل تركيا، حتى يمكن أن يطال بتأثيراته هوية تركيا الكيانية كوجود”.
تَهديدات أم فرقعات إِعلامية تركيّة
وفيما يخص تهديدات أردوغان للنظام السوري يذكر محمود بأنه مع نهاية شهر شباط الحالي، ستكون المدة التي حددها أردوغان لجيش النظام السوري للانسحاب من إدلب التي سيطر عليها في الآونة الأخيرة قد انتهت، حيث توعّد أردوغان في حال عدم امتثالها لهذا الطلب، بأنها ستتعرض لحرب شاملة من جيش الاحتلال التركي هناك وها هي المدة تقترب من نهايتها. وبالتالي على تركيا إما أن تنخرط في حرب كبرى في منطقة معقدة جيوسياسياً مثل سوريا، أو أن تتنازل وتقبل بما آلت إليه الأمور وترضخ للنتائج التي تمخضت عن المعارك التي جرت بين تركيا ومرتزقتها من جهة وجيش النظام السوري والروس في الطرف الآخر، والانعكاسات الكثيرة التي قد تنفرز عن ذلك.
كما ولفت الكاتب الانتباه إلى المفاوضات التي حصلت بين تركيا وروسيا فبعد مفاوضات مكوكية لثلاثة أسابيع متتالية، بين تركيا وروسيا بما في ذلك مكالمتان هاتفيتان بين رئيسي الدولتين، لم تتواصل جميعها إلى أية نتيجة، وأصبح معها واضحا بأن الاستراتيجية الروسية في إدلب لن ترضخ لأية فروض من تركيا ، وأنها ستستمر في مشاركتها ورعايتها ودعمها لجيش النظام السوري لاستعادة إدلب، وروسيا تحاول بشتى الوسائل دعم النظام السوري في حربه الحالية ما أمكن. وأن تركيا إذا ما اعترضت على هذا التوجه، فإنها ستدخل بالضرورة في مواجهة مع روسيا نفسها، وليس النظام السوري، في وقت لا تتلقى فيه دعماً سياسياً وعسكرياً من حلفائها التقليديين، قوى حلف الناتو، وتعيش أزمة اقتصادية داخلية وقلقاً من نتائج مغامرتها الليبية التي أربكتها كثيراً.
معركة تركيا في إدلب خاسرة
تدفع تركيا اليوم أثمان ثلاثة تحولات طالت عالمها السياسي، منذ عقد وحتى الآن فإدلب لا تشبه عفرين التي تم التنازل عنها بصفقة بين الأتراك والروس، ولا يمكن لتركيا أن تحقق في إدلب نصراً عسكرياً سريعاً ومؤكداً، كذلك فإن سوريا ليست قبرص، ولا يمكن لتركيا أن تفرض فيه وجوداً عسكرياً دائماً رغما عن استراتيجيات قوى الهيمنة الرئيسية، كما كانت تسمح توازنات الحرب الباردة بذلك. بهذا المعنى، فإن الاندفاعة التركية في سوريا يمكن أن تعرضها لهزيمة عسكرية كبيرة ستكون نتائجها كارثية للغاية، على المستوى الرمزي على الأقل، هزيمة لم تتعرض لها منذ الحرب العالمية الأولى، والتي قلصت حجمها وقتئذ إلى عُشر ما كانت عليه قبلها، وصارت تركيا كياناً شديد الحساسية منذ ذلك الحين. على الدفة الأخرى، فإن التنازل وعدم التحرك، سيحمل تركيا كل أوزار المسألة السورية، بقاء ملايين اللاجئين، تزعزع ثقة الجماعات السياسية والعسكرية الموالية لها والتي بدأت، تراجع وزنها الإقليمي والدولي أيضاً، وتعالي تطلعات جماعاتها الأهلية/السياسية الداخلية، الأكراد والعلويين وغيرهم، بحسب رؤية الكاتب محمود للوضع الراهن وما تعيشه تركيا من أزمة.
تركيا تحاول بشتى الوسائل تحقيق أهدافها الاستعمارية كما العثمانيين وعن هذا الأمر يقول الكاتب: “منذ عقد وحتى الآن هناك تغيرات بدلت من العناصر التكوينية لطبيعة التعاطي والانخراط التركي في فضائها الإقليمي، تحديداً العالم العربي، فتركيا الحديثة في واحدة تعريفاتها الكيانية، هي ذلك الكيان الذي تأسس على القطيعة السياسية والعسكرية مع هذا الفضاء العربي/الإسلامي، بعد خمسة قرون من الاحتلال العثماني تحت ستار الدين. فحزب العدالة والتنمية تحول من مجرد حزب قومي محافظ، سليل ووريث للأحزاب التركية التقليدية التي تكاثرت عن بعضها منذ أوائل خمسينيات القرن المنصرم، مع تجربة عدنان مندريس، إلى تنظيم أيديولوجي إسلامي عابر للحدود ذو تفكير توسعي لإعادة الهيمنة على المنطقة التي فقدتها بعد الحرب العالمية الأولى، وتسعى تركيا لأن يكون وريث التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين، تغدو معه باقي التنظيمات الإخوانية والإسلامية المتطرفة مجرد استطالات سياسية وأدوات عسكرية لتنفيذ استراتيجيات حزب العدالة والتنمية وهي بالفعل تمارس سياسة القيادة لتلك المجموعات الراديكالية، ومنها ما هو متواجد على لوائح وقوائم الجماعات الإرهابية الدولية”.
لتركيا أهداف توسّعية استعمارية في المنطقة
الكاتب رستم أزال الستار عن ديكتاتورية أردوغان وحزبه السلطوي حزب العدالة والتنمية ضمن مقاله بالعبارات التالية: “في سياقات ما سُمي بالربيع العربي، كان حزب العدالة والتنمية يطمح لأن تدخل تلك المجاميع الإسلامية الراديكالية “العربية” في سياق مساعيه للتحول إلى حزب إقليمي عابر للحدود، يستعيد تجربة النظام الإيراني الحديثة، التي توغلت عبر تنظيمات سياسية/عسكرية شيعية في البلدان العربية، أو التجربة الناصرية التقليدية، التي رفعت لواء الخطابات القومية آنذاك، لكن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، لم يحسب نتائج فشل وتحطم تجارب هذه الأحزاب الإخوانية في نفس سياق هذا الربيع العربي، أردوغان نفسه كان قد غير طموحاته خلال هذه الفترة، من رئيس وزراء، مستحوذ على رضا شعبي وأغلبية مريحة في النظام البرلماني التوافقي في بلاده، إلى زعيم سياسي يُدير بالعائلة والشبكات المالية الرديفة والخطابات الشعبوية، مشروعاً جديداً يمتاز بالديكتاتورية وسلطة الفرد، مقلداً تجربة “صديقه الجديد” فلاديمير بوتين الذي عرف كيف يوظف ذلك”.
حلُّ القضية الكرديّة من الضروريات
وأوضح الكاتب أيضاً بأن التحولان اللذان أصابا حزب العدالة والتنمية وشخص أردوغان أسسا لتبدل في وعي تركيا لنفسها، لحجمها ودورها وأدواتها وقدراتها، بمعنى أدق، أثرا على قدرات النخب السياسية المحيطة بصاحب القرار الاستراتيجي وحيويتها في معرفة ووعي السياسات الموضوعية التي يجب أن تنتهجها البلاد، المتناسبة مع مقاساتها، والتي يجب أن تتخذها بحسابات شديدة الحذر، تفاعلاً مع مختلف الأحداث المحيطة بها.
فمنذ التذرع بمحاولة الانقلاب عزل أردوغان مختلف القادة ورجال الدولة المقربين منه، والذين كانوا شركاءه في تأسيس هذا المشروع السياسي، واستقدم عوضاً عنهم موظفين طيعين يستجيبون دون جدال لتوجهاته وخياراته، صار واضحاً بأن تركيا صارت تتوهم على اعتبار نفسها “قوة عظمى”! مرة تطالب أن تكون عضواً دائماً في مجلس الأمن، وأخرى توجه تهديدات للولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوربي، وثالثة تتدخّل في الشؤون الداخلية للصين، ولا تتوقف عن التطلع للانخراط العسكري في مختلف ساحات العالم العربي والإسلامي، وكل ذلك في وقت كادت بعض العقوبات الأميركية البسيطة على صادرات تركيا المعدنية أن تطيح بكامل اقتصادها.
لا حلول مباشرة لحل الأزمة التركية كما يقول الكاتب: “ومن الواضح أنه ليست هناك من حلول مباشرة وواضحة للمأزق التركي الراهن، فالتجارب الشبيهة بالناصرية كانت تفتت كامل مجالها الداخلي، ولا تتيح فرصة مناسبة لتفكيك ما تواجهه أنظمتها مع معضلات مركبة، فتركيا الراهنة، يجب عليها تجاوز أوهام ما كان عليه وزنها ودورها وموقعها أثناء الحرب الباردة، تلك الأوهام التي قد تدخلها في مغامرات غير مأمونة الجانب، وأن تردف ذلك بتفكيك لحالة الاستقطاب الحاد التي تعيشه القوى السياسية والمجتمعية الداخلية التركية، والمتمركزة حول شخص ومشروع الرئيس أردوغان”.
اختتم الكاتب مقاله بأن القضية الكردية هي من أولويات الحلول التي ستحل المشكلة التركية من الداخل: “لن يتحقق ذلك دون العودة إلى نظام برلماني طبيعي، يراعي توازن القوى السياسية والأهلية الداخلية، ويعي سريعاً بأن المسألة الكردية هي من أولويات الحلول التي يجب أن توضع على طاولة النقاش في الداخل التركي، وعلى تركيا أن تضع أولويات الحل الداخلي وإيجاد الحلول للأزمات الداخلية ولعل من أهمها عملية السلام مع الكرد، وإن وجدت طريقها للحل ستحل جميع الأزمات في تركيا تباعاً”.
No Result
View All Result