ما الذي يمكن أن يفكر به أردوغان وهو من الدخلاء على المنطقة سواء في الماضي أو الحاضر أو حتى المستقبل؟ هل يفكر اليوم مثلما كان يفكر أسلافه في الماضي؟ معتقدا أنه يمكن أن يكون لديه حصة مستقبلية في الشرق الأوسط، بعدما سقطت الدولة العثمانية التي سيطرت على المنطقة لقرون من الزمن عبر عملية هي أقرب إلى احتلال توجته المنطقة بطرد الغزاة
منذ العام 2003 م عندما أتى أردوغان إلى السلطة عمل على محاولة ربط سياسته الخارجية والداخلية عبر اجترار مفهوم الإمبراطورية العثمانية من التاريخ السحيق، معتقدا أنه يمكن السيطرة من جديد على الدول الإسلامية ومنطقة الشرق الأوسط، هذا المفهوم التاريخي تطور لدى الرئيس التركي وأصبحت فكرة الإمبراطورية تراوده في كل محفل، والحقيقة أن التاريخ يعمل بجد لكشف الحقائق أمام أردوغان، فلن يكون من المعقول أن لدولة مثل تركيا أي أمل بالعبور بالتاريخ إلى المنطقة بدولة تتمتع بإمكانات سياسية هشة وإمكانات اقتصادية مضطربة، وإمكانات ثقافية بعيدة كل البعد عن الشرق الأوسط وثقافته.
ولأن المنطقة مرت خلال السنوات العشر الماضية بالكثير من الأزمات السياسية ذات التأثير الأقوى على الشعوب، اعتقدت تركيا بممثلها أردوغان أن ذلك الواقع يمكن أن يكون فرصة سانحة للتدخلات التركية في المنطقة، اليوم نجد تركيا تتورط وبشكل تصاعدي في كل قضايا المنطقة عبر تدخلات مباشرة وغير مباشرة، وهي لا تكتفي بذلك وإنما تستعين بإسرائيل التي تستغل تركيا بشكل مباشر لتنفيذ الكثير من الأهداف التي تخدم المصالح الإسرائيلية في المنطقة.
ونجد هذا المفهوم يتحقق في سوريا بشكل كبير وكذلك في ليبيا التي تتورط بها تركيا بشكل مباشر، تركيا ورئيسها أردوغان ليس لها مفهوم يمكن تفسيره بتواجدها في الشرق الأوسط سوى أنها دولة محتلة تخدم مصالح كل من يريد السوء لهذه المنطقة، تركيا تتورط وبشكل تصاعدي في كل قضايا المنطقة عبر تدخلات مباشرة وغير مباشرة، وهي لا تكتفي بذلك وإنما تستعين بإسرائيل التي تستغل تركيا بشكل مباشر.
ولكي تكون الحقائق في مواقها والتحليلات في اتجاهها الصحيح فلا بد من الإشارة إلى ما نشرته بعض الوكالات الرسمية والصحف الدولية عن تعاون إسرائيلي تركي في مجال الطائرات بدون طيار والتي توفرها إسرائيل لتركيا، ليبقى السؤال عن المصلحة التي يمكن أن تقدمها تركيا لإسرائيل خلف هذا التعاون.
والحقيقة أنه لا يوجد مصلحة سوى أن تركيا تهدف إلى التدخل والإفساد في طول الشرق الأوسط وعرضة عبر إثارة النزاعات، ويمكن ملاحظة صعود الدور التركي وطموحاته خلال العقد الماضي، فكم من الأزمات التي خلقتها تركيا في كل من العراق وسوريا وليبيا والخليج العربي، وكم من التعاون الذي تحقق بين تركيا وإيران وبين تركيا وكل أعداء منطقة الشرق الأوسط.
ما يجب أن يتذكره أردوغان حاليا بهذا الطموح المنتهي بالفشل حسب لغة التاريخ أنه من الأفضل له عدم الادعاء بأنه يمارس سياسة أفضل من أسلافه، لأن المشهد في المنطقة عبر صنع الأزمات وتبنيها والتعاون بذلك مع كل الأعداء والمنافسين لن يجلب سوى الخسارة والانهيار لتركيا وهذا ما سوف تثبته الأيام، فمنطقة رفضت امبراطورية احتلتها لأكثر من أربعة قرون لن تسمح بتكرار التجربة مهما كان الثمن