أجلت الأحداث الداخلية الأمريكية، بدء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تنفيذ قانون قيصر القاضي بمعاقبة النظام السوري على ما قام به ضد الشعب السوري، (من منطلق حقوق الإنسان وكأن ترامب هو الحارس عليها دولياً!!)، فالأحداث الداخلية الأمريكية لم تمر الولايات المتحدة بمثلها منذ فترة طويلة، فقد خضعت ولايات لأوامر حظر التجوال، ويتم الالتزام بها، في الوقت الذي انتشر الحرس الوطني لفرض الأمن، ولأول مرة يهدد رئيس أمريكي بإقحام الجيش في الأزمة، وتتضاعف صعوبة وضع ترامب، مع رواج فكرة أنه الفاشل في إدارته للولايات المتحدة، ولقد أطلق على القانون اسم (سيفر) أو (قيصر) وهو اسم حركي ينسب لفريق تصوير عسكري سوري عام 2013، والذى نشر تسريبات تتضمن ما يفوق 50 ألف صورة لآلاف السجناء، الذين قضوا بسبب التعذيب في السجون، وأثارت تلك الصور ضجة في الولايات المتحدة، وأرسلت للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، الذي أطلع عليها بشكل دقيق، إلا أنه رفض إجراءات التوقيع على قانون قيصر لمعاقبة النظام السوري بشكل نهائي، وتهرب من الاضطلاع بمسؤولية هذا الملف، لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذى قدم إليه هذا القانون من جديد، حسم الجدل من حوله ووقّعه منذ أيام، وبموجبه تفرض الولايات المتحدة عقوبات على الحكومة السورية وداعميها، إذ يقضي قانون قيصر بضرورة حماية المدنيين في سوريا والتدخل في سوريا من أجل ذلك وبموجب القوانين الأمريكية لحماية الأمن القومي (أصبحت حماية المدنيين في سوريا جزءاً من حماية الأمن القومي الأمريكي!!)، وللتأكيد على ذلك صار هذا القانون والمتعلق بحماية المدنيين السوريين ضمن ميزانية الدفاع الأمريكية لعام 2020، وهذا يعني صلاحيات أمريكية واسعة للتدخل العسكري في سوريا، وبعد توقيع ترامب على هذا القانون، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بياناً أوضحت فيه أهمية هذه الخطوة الأمريكية، من أجل تعزيز محاسبة مجرمو الحرب في سوريا عن الفظائع التي ارتكبوها (على أساس أن أمريكا “ترامب” راعية حقوق الإنسان في العالم!!)، إن ترتيبات هذا الملف المتلاحقة تذكرنا بخطوات جورج بوش الابن تجاه العراق، فبالرغم من مرور عشر سنوات في حصار خانق دفع الشعب العراقي بالدرجة الأولى استحقاقاته، كما أن أحشاء العراق كانت كتاباً مفتوحاً أمام لجان التفتيش الدولي، بحيث لم يكن خافياً عليها أي شاردة أو واردة، لكن ظلت التهمة التي ثبت أنها كانت أكذوبة كبرى، وهي تهمة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، والتاريخ يؤكد في قانون قيصر أنه يعيد نفسه، فكان قرار مجلس الأمن رقم 688 القاضي بحماية المدنيين، ثم الحصار الشامل الخانق، ثم تهيئة الجو للضربة الأمريكية على العراق، وكانت الحرب التي أسقطت النظام العراقي وتعيين حاكماً مدنياً أمريكياً للعراق (بول بريمر)، وكانت الحجة الأولية المباشرة لكل ذلك هي حماية المدنيين من بطش النظام، ثم بعد ذلك حماية البشرية كلها من خطر أسلحة الدمار الشامل العراقية، وهذا ما يستعد ترامب للقيام به من ترتيبات قد تفضى على الأغلب لتكرار ما حدث في العراق، وما يؤكد على إمكانية حدوث ذلك، هي أنه مأزوم داخلياً وعليه أن يبحث عن معركة أخرى خارجية يثبت من خلالها أنه مازال الأقوى، ولأن الطريق إلى التنين الصيني محفوف بالعقبات، في حين أن الطريق إلى سوريا ممهد، وعن تداعيات ما يخطط لسوريا في المستقبل القريب يدور حديثنا القادم.